فابيوس: لا يمكن التحرك في العراق دون التساؤل عن الوضع في سوريا

اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس انه “لا يمكن ان نقدم الى الشعوب الاختيار بين الديكتاتورية والإرهاب فقط”، معتبراً انه “لا يمكن التحرك بشكل فعال في العراق دون التساؤل عن الوضع في سوريا”.
في حديث مطول الى صحيفة “ال فيغارو” الفرنسية قبل انطلاق اعمال المؤتمر ٢٢ للسفراء الفرنسيين المعتمدين في الخارج، رأى فابيوس ان الأزمات التي يعيشها العالم في صيف ٢٠١٤ سببها عدم وجود قوة دولية تضبط إيقاع الوضع الدولي، بعد ان كان العالم محكوما من قبل قوتين : روسيا وأميركا وثم من أميركا وحدها.
وبالنسبة اليه لا يوجد اولا اليوم دولة او مجموعة دول يمكنها ضبط الاستقرار وثانيا لم تعد دول استلمت فصائل فيها الحكم دولا كالدولة الاسلامية في العراق اذ انها افتقدت القوى التي تحتاج اليها للسيطرة على القوى التي سيطرت على الحكم، اضافة الى الوضع الخاص في الشرق الاوسط والصراع الفلسطيني – الاسرائيلي المستمر والصراع السني – الشيعي وسوء إدارة قوة التنمية واججة مشاعر الإحباط في هذه الدول. واعتبر اننا بحاجة اليوم لمجابهة هذا الواقع الى عالم متعدد الاطراف لتامين الاستقرار والسلام.
اما فيما يتعلق بالدولة الاسلامية اشار ان الوضع خطيرا جداً لان هذا التنظيم خطيرا للغاية لانه بأهدافه وقوته وتنظيمه اخطر من التنظيمات الارهابية السابقة وقد انفصل عن تنظيم القاعدة لانه يعتبره “لينا” ومن الوهم اعتبار ان هذا التنظيم سيتوقف هجومه على العراق وسوريا. فهذا الواقع يطال منطقة الشرق الوسط والعالم ولذلك اقترح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مؤتمرا دوليا حول امن العراق.
واوضح انه لا يمكن التحرك بشكل فعال في العراق دون التساؤل عن الوضع في سوريا. ففرنسا في نفس الوقت تحترم القانون الدولي ولا تريد الوقوع في الفخ الذي نصبه الجهاديين. فالبعض يلومنا لعدم التحرك عاجلا في سوريا ويوضح عندما دعونا لمؤتمر جنيف لم يكن في سوريا وجود “لحزب الله” وإرهابيين وقد دعمنا في حينه المعارضة المعتدلة وهذا لم يكن حال الجميع كما ذكرت بذلك وزيرة الخارجية الاميركية السابقة في مذكراتها هيلاري كلينتون. بعد ستة اشهر انتشر الإرهابيون! وأضاف في اب ٢٠١٣ كنا جاهزين للتحرك بعد استخدام النظام السلاح الكيميائي ولكن التدخل لم يحصل. لا يمكننا اعادة التاريخ الى الوراء وليس بإمكاننا عرض على الشعوب الخيار بين الديكتاتورية والإرهاب.
واكمل موقفنا كان صائبا عندما دعمنا المعارضة المعتدلة التي لديها نظرة شاملة اما اليوم فإنها تلاحق وتجابه الطرفين المتصارعين ولا يجب ان ننسى ان بشار الاسد ساهم في انتشار توسع الإرهابيين بعدما أخرجهم من السجون.
ويقول بالنسبة الى تردد الرئيس الاميركي باراك اوباما للتحرك عسكريا في سوريا ومسؤوليته عن تدهور الوضع، لا اريد احكم على الحلفاء. الرئيس اوباما يتعرض اليوم الى حملات ولكن يجب التذكير انه يوجد داخل الشعب الاميركي ملل من الحروب ويعود علينا الأخذ بالاعتبار هذا الموقف خاصة وان التدخل العسكري في العراق جابهته معارضة. وينوه بان الولايات المتحدة تنتقد عند تدخلها او عدم تدخلها. ويلاحظ لا سيما انه كانت هناك فرصا ضائعة ويمكن ان نشاهد أيضاً مراجعة استراتيجية.
اما بالنسبة الى انتقاد رؤساء وزراء فرنسيين سابقين للسياسة الخارجية الفرنسية في الشرق الاوسط ، قال احاول ان اعمل في سياستنا الخارجية في إطار توافق داخلي واسع لان فرنسا أقوى عندما تكون مدعومة من المسؤولين الفرنسيين ومن الملفت اننا نشاهد دعما خارجي لمبادراتنا فيما هناك معارضة داخلية. ويضيف اما بالنسبة الى السياسة الخارجية الاوروبية ان أوروبا تواجه صعوبات لتطوير سياسة خارجية ولكن بشان العراق بدات أوروبا بالتحرك بصواب اذ انها ادانت بقوة الدولة الاسلامية وأنشأت جسر لتوزيع المساعدات الانسانية وتؤيد حكومة اتحاد وطني في العراق وتدعم تسليم السلاح الى الأكراد. وأوروبا التي حفزتها خاصة فرنسا اتخذت القرارات الصائبة وبعض البلدان التي لم تكن تسلم سلاحا كألمانيا قررت القيام بذلك في العراق. وهذا يمثل تعديلا جوهرياً في الموقف الاوروبي.
اما بشان معركة الدولة الاسلامية مع مفهوم “الغرب” يقول فابيوس ان الدولة الاسلامية تشكل تهديدا مميتا لكل ما هو غيرها. فإذا ليس فقط للغرب بل أيضاً للعالم الاسلامي. والأخطر ان مفهوم الغرب ينطبق أيضاً على اسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية ويعود على فرنسا التي تحمل المبادئ العالمية ان تقيم الجسور بين هذه الدول.
وختم قائلا لمجابهة أزمات صعبة كالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي لا يمكن لفرنسا ان تحل الازمة لوحدها. نعيش اليوم في عالم لا يمكن فيه حل الأزمات من الخارج، شخصين داخل مكتب ليس بإمكانهم تقرير حدود الدول، وكان ذلك واقعا في بداية القرن العشرين وخلال الاستعمار. اما الان فيجب العمل من خلال شبكات والأخذ بعين الاعتبار المنظمات الغير حكومية والفوارق والتعقيدات وبنفس الوقت ان نكون على استعداد لاتخاذ القرارات الصارمة، إقرار ما هو العادل إقراره جماعيا وهذه من سيم الديبلوماسية الفرنسية وفرنسا تقدم مساعدتها المفيدة للمجتمع الدولي ولا تعتبر انه يمكنها ان تقرر وحدها بمعزل عن الآخرين ولا قوة عالمية بإمكانها ذلك اليوم .

السابق
العبادي: لا مكان لاي جماعة مسلحة خارج اطار الدولة
التالي
مبادرة الراعي الرئاسيـة تتوجه للنواب المسيحيين