قرى العرقوب ومرجعيون: تخوف من ’عرسال جديدة’

هل ستفتح إسرائيل جبهة شبعا عبر تنظيم “داعش” للتخفيف من وطأة الفشل الذريع في غزة؟، سؤال يفتح أكثر من احتمال وسط حالة القلق التي تسود قرى العرقوب ومرجعيون تخوفاً من أن تعيش “عرسال جديدة”، في ظل ارتدادات النازحين المتزايدة عليها. الجيش اللبناني والقوى الامنية والحزبية رفعوا من منسوب جهوزيتهم في المنطقة، متشددين في عملية المراقبة، وليست المداهمات الاخيرة التي تشهدها المنطقة اضافة الى رفع الصوت عالياً من قبل البلدات الجنوبية سوى ما يشي بأنّ الحذر بات أكثر من واجب.

تعيش القرى الجنوبية كافة “حالة قلق” بل أكثر، تخوف مما أسماه كثيرون “دعشة خطرة” قد تُفلت بأمن المنطقة المضبوط من قبل اجهزة الأمن كافة، حسب الأهالي الذين بات كل منهم يمارس سياسة أمن ذاتية فالجميع هناك يأخذ الحذر والحيطة تحسباً من ممارسات قد ترتد بعوائق سلبية على كل المنطقة.

معطيات ميدانية
وتشير المعطيات الميدانية في هذا الاطار الى أن مخيمات النازحين في قضاء مرجعيون “مرج الخوخ، إبل السقي، مرجعيون وحتى خيم النازحين في منطقة الوزاني” تُعتبر من المخيمات الخاضعة للسيطرة الامنية وبأنّ 98 % من سكانها مسجلون لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيما يبقى التخوف الاكبر من النسبة القليلة غير المسجلة والتي لا تتعدى الـ2% منها.
والحال تسري أيضا على قرى العرقوب التي تعيش قلقاً أكبر، وخوفا من “عرسال جديدة” التي باتت حديث الأهالي. وتضم قرى العرقوب أكبر نسبة من النازحين السوريين، فتحوي بلدة شبعا وحدها أكثر من سبعة آلاف نازح يتجاوزون عدد سكانها الأصلي. وتعتبر قرى العرقوب بيئة حاضنة للنازحين السوريين، وبالتالي كل العيون تشخص ناحيتها خوفا من وجود خلايا “داعش النائمة” الامر الذي دفع الى رفع الصوت عاليا. من جهته يرى النائب قاسم هاشم انّ هناك من تفلت من قيمه الاخلاقية والإنسانية و”بدأ بممارسات لا تمت الى أخلاقياتنا بصلة”، معقباً أن “أمن واستقرار بلدتنا أهم من كل الأمور لذا طالبنا القيادات الامنية بمنع دخول السوريين عبر الممرات غير الشرعية في جبل الشيخ”.

معركة عرسال
فتحت “معركة عرسال” عيون كل البلديات الجنوبية، ما حصل خطير، الإجرام كبير، وبالتالي الخوف من تكرار تجربة عرسال في قرى النزوح السوري كافة وضع على طبق “التباحث والحذر” وإلا كيف يمكن قراءة قرار رئيس بلدية شبعا محمد صعب “لن نستقبل نازحين جددا، البلدة لم تعد تتسع”. وعن توقيت هذا القرار، أكد صعب في حديث لـ”البلد” انّ الخطر من “الدواعش كبير فاجرامهم شنيع لا نخشى من النازح الذي يسكن البيوت بل نخشى من سكان المخيمات ولا احد يدري ما يدور في فلكها”.
تحوي منطقة العرقوب أكثر من جهة سياسية فهناك “الجماعة الإسلامية”، تيار “المستقبل”، اضافة الى مقاتلين من “الجيش الحر” أو “النصرة” حسبما تؤكد مصادر أمنية، وتُعد تلك المنطقة حسب المصادر “ملجأ السوريين سيما شبعا، الهبارية، كفرشوبا، وبالاخص شبعا التي تعتبر ممر تهريب تاريخيا من شبعا الى بيت جان ومزرة بيت جان في سورية وحسب المصادر فإن الحديث عن هدنة وارد”.
“بيت جان” العين على تلك المنطقة في هذه الايام مركز الخطر يتمثل هنا تشير المصادر الامنية الى أن “أهالي المسلحين الذين يقاتلون في صفوف “داعش” يعيشون في مخيمات هناك، عدا احتواء المنطقة لمعابر غير شرعية وهذه البلدة تقع في اطراف بلدة شبعا. وتلفت المصادر الى أن “جغرافية المنطقة تحول دون هجوم مباغت من قبل ” داعش” أو “النصرة ” لكون البلدة تقع في قلب جبلين إلا أن القلق من فتح جبهة داخلية من جهة إسرائيل التي ترسل “الدواعش” الذين يتعالجون في مستشفياتها الى هذه المنطقة لأجل التخفيف من وطأة هزيمتها في غزة محتمل”، وتلفت المصادر الى أن “القلق الاكبر من انتقال “الدواعش” من عين عطا وراشيا الوادي الأمر الذي دفع بالنائب وليد جنبلاط الى الإيعاز لعناصره بالتسلح والجهوزية خوفا من أي عمل مفاجئ”، ولا تتردد المصادر الأمنية بالقول “إن تحرك جنبلاط على خط السيد حسن نصرالله والرابية ومعراب يصب في هذه الفرضية”.

مراقبة النازحين
كل الاحتمالات واردة في هذه المنطقة، ولولا الخوف الشديد لما أقدم رئيس بلدية شبعا صعب وفي مرحلة دقيقة الى الإعلان عن “حالة الطوارئ في شبعا، مراقبة النازحين، رفع جهوزية أمن البلدية، الطلب الى الجيش اللبناني بزيادة نقاطه في المنطقة من ثلاث الى سبع”، وبرأي صعب”أن الوضع دقيق وحساس جدا ما جرى في عرسال نبهنا للأخطر، الخوف من خلايا نائمة وما نخشاه أكثر هو المخيمات لذا أعطينا أوامر صارمة لكل الأهالي بالمراقبة والإبلاغ عن أي تحرك مشبوه فيه”.
وحسب مصادر امنية حزبية “فإن المعركة قريبة جدا وان إسرائيل ترسل عناصر من تنظيم داعش الى تلك المنطقة لتخفف الضغط عنها وهذا الامر قد يفتح جبهة محتملة في وقت قريب جدا”.
مجموعة من المعطيات الامنية اذاً، يقابلها أهالي بلدات الحدود اللبنانية بالكثير من الحذر والترقب من خضة أمنية خطيرة “نحن بغنى عنها” حسب الأهالي الذين يعولون على “التأهب والاستنفار للجيش اللبناني والقوى الامنية في المنطقة”. إذا عزز الجيش اللبناني حضوره في قرى العرقوب ومرجعيون، زاد من عديده وآلياته، متخذا إجراءات أمنية مشددة. يتابع صعب “لم نرَ إجراما مثل هذا من قبل لم نعد نتحمل أي نازح بل ندعو كل نازح استقر بالمغادرة”، مردفا ” أخذنا كل الاحتياطات اللازمة ولا توجد أسلحة مع النازحين ولا أي خرطوشة ولكن نخشى المخيمات لأننا لا نعرف ما يجري أو يحاك داخلها”.
تتضارب المعلومات حول ما يجري داخل قرى العرقوب، المؤكد رفع منسوب المراقبة والأمن “وأن الكل تحول الى مخبر كي لا يرتد الوضع عليه”.

قرى النبطية
وإذا كانت قرى العرقوب تعيش القلق والتأهب فإن قرى النبطية تشهد حركة مداهمات للجيش ليلا ونهارا بل تشهد بعض البلديات حركة تسجيل كثيفة للنازحين الذين كانوا يقطنون البلدة دون أن يتسجلوا ما دفع بإحدى المواطنات للتساؤل “ماذا كانوا بفعلون، النازح أول ما يسأل عنه هو المساعدة أما أن يبقى ثمانية أشهر وأكثر دون تسجيل ماذا كان يفعل ؟ هذا الامر يثير الربية من أن يكونوا مخبرين للجماعات التكفيرية”، تساؤل تلك المواطن تقابله معلومات من أن مداهمات الجيش اللبناني في منطقة النبطية أسفرت من إلقاء القبض على سوري كان يتحدث مع عناصر داعش وعلى اقتياد آخرين عدا عن حالات كثيرة”.
تعددت الاسئلة والنتيجة واحدة، الحذر هو السيد، العيون كلها تتجه الى الخطوة الاخرى، كل المعطيات الميدانية والامنية تشي ان خطرا ما بات محدقا فالتعزيزات الامنية التي تطبقها الاجهزة تخبر ان هناك مخططا ما يحاك، وتحاول الاجهزة حسب مصادر “امنية تفكيك الغام المخططات وربط الاحداث ببعضها”.
احدى العاملات في جمعيات المجتمع المدني لفتت الى ان “الممول الاجنبي بات قلقا ويطلب رصد تحركات النازحين، بل يشدد على ضرورة معرفة كل شاردة وواردة” وحسب العاملة فان “الاوضاع تنذر بحالة تراخ خطيرة بخاصة في ظل وجود بؤر خفية فنحن بدأنا نلحظ بعض التحركات المريبة”.
في خضم الاحداث الامنية التي تعصف بلبنان العين كلها تتجه الى الحدود مع فلسطين المحتلة هل سترمي اسرائيل بـ”الدوعش” كـ”ذريعة” لتخفف من فشلها في غزة، بخاصة في ظل توارد معلومات امنية أوروبية من أن “داعش” نسخة مصغرة عن إسرائيل وهي الأداة لتفتيت المنطقة العربية، سؤال يبدو منطقياً والجواب عنه تمثل بالتأهب الكبير الذي تشهده القرى كافة ووضع خريطة طريقة لتدمير كل المخططات.

السابق
حيث يفشل نصرالله
التالي
أين الفتوى بتحريم التعرّض للأقليات؟