ما العدالة؟

الثورات العربية

يعدّ كتاب “ما العدالة: معالجات في السياق العربي” الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بمثابة خلاصة منتخبة ومركزة للأبحاث المقدمة للمؤتمر السنوي للمركز العربي في مارس 2013.
الكتاب الواقع في 520 من القطع الكبير يشمل 10 فصول، فيصوغ الأسئلة والمقاربات والأفكار حول موضوع “العدالة” الملحّ في هذا المرحلة عربيا. ويؤطر الكتاب تمهيد للمدير العام للمركز الدكتور عزمي بشارة يسهم بوقفة مكثفة عند المعاني اللغوية والدلالية لمصطلح العدالة وتطورها.
في تقديمه للكتاب يتناول الدكتور عزمي بشارة مفهوم العدالة ورحلته التاريخية وفق افتراض أن المفهوم لم يتكون دفعة واحدة بل على دفعات استغرقها تطور تاريخي طويل، وتتألف المقدمة من محورين، يتوقف بشارة في المحور الأول تحليليًا عند بعض المعالم الأساسية في طريق العدالة كما تبدو بصورة أساسية في نظرية أرسطو للعدالة، وصولً إلى مقاربة التصورات الماركسية النيتشوية والفكر ما بعد الحداثي عمومًا.
وفي هذا الإطار للمعالم يتوقف عند مفهوم العدالة في التراث الفكري العربي وتطوره، متوقفًا عند إشكالياته وقضاياه النظرية. أمّا المحور الثاني، فيدور حول أفكار بشأن العدالة في الحداثة، ويركز على نظريات العقد الاجتماعي، وانقسام المدارس الفلسفية بشأن العدالة، وصولً إلى تبلور فكرة العدالة كمجموعة من الحقوق والواجبات وتأسيس مفهومها على المساواة الاجتماعية.
في الفصل الأول “العدل في حدود ديونطولوجيا عربية” يعمل فهمي جدعان على التفريق بين العدل والعدالة، منتقلا في ضوء ذلك إلى بحث مفهوم العدل لدى العرب بين الإسلاميين والعلمانيين. أما في الفصل الثاني “الحق في العدالة في الخطاب الفلسفي المعاصر” فيبرز محمد الأشهب حضور الفلسفة العملية في الخطاب الفلسفي المعاصر والتي تعنى بقضايا المواطن في حياته اليومية بدلً من الاهتمام بالقضايا ذات الطابع الميتافيزيقي، ليخلص إلى أن من غير المستغرب أن تكون مسألة العدالة، والعدالة في بُعدها الكوني، هي الموضوع الرئيس في الخطاب الفلسفي العملي. يطرح امحمد جبرون في الفصل الثالث “العدالة في الفكر السياسي التراثي: الحد والمحدودية” إشكالية الانقسام السياسي والاجتماعي بشأن مفهوم العدالة في الوطن العربي، ولاسيما بين التيارين الإسلامي والعلماني.
ينطلق سعيد بنسعيد العلوي في الفصل الرابع “في العدالة أولًا: من وعي التغيير إلى تغيير الوعي” من أن البحث عن العدالة في مختلف تجلياتها كان الخيط الناظم الذي وحّد بين رجال الفكر والسياسة في العالم العربي الإسلامي المعاصر، في سؤالهم عن قوة الغرب وهيمنة الاستبداد في العالم العربي، وأن نظرًا جديدًا في فكر النهضة يحملنا على إقرار أن الإشكالية التي حكمت الفكر العربي الإسلامي في الفترة التي نتواضع على نعتها بالنهضة هي إشكالية العدالة المفتقدة.
يتقصى وجيه قانصو في الفصل الخامس “تمثّلات العدالة والحرية في التاريخ الإسلامي” رحلتَي العدالة والحرية في الوعي الإسلامي، والأطوار التي انتقلت إليها كل واحدة منهما في دائرة الوعي، والصور المتنوعة التي اتخذتها داخل الواقع السياسي والمجال الاجتماعي. وهو يتقصى جدل العدالة والحرية ومفهوم كل منهما على مستويات متعددة تشمل المستوى اللغوي والفكري. كما تتناول الفصول الخمسة الأخرى مختلف المواضيع المتعلقة بالعدالة وجدليتها في العالم العربي.

السابق
نقل 1800 نازح سوري من عرسال الى الداخل السوري
التالي
صحافيون شباب يدافعون عن التغيير