هذه المّرة التهدئة بشروط الفلسطينيين وليس اسرائيل

غزة

وقفة الشعب الواحد وتضامن الفصائل واستخدام القوى الردعية كان مفاجأة للعدو الذي لم يعد أمامه بعد استخدام المقاومة طائرات أبابيل وصواريخ متطورة، إلا أن يهدد بالاجتياح البري. حشد قواته ولوّح باستخدام القوة لكنه إذا دخل لن ينفذ إلا عملية محدودة، وكما كان الإسرائيلي يقول التهدئة بشروطي، الآن الفلسطيني يقول: التهدئة بشروطي.

يدخل العدوان الإسرائيلي على غزة فلسطين أسبوعه الثاني في ظل دعوات لوقف اطلاق النار لم تنجح حتى اللحظة ووصول عدد الشهداء الفلسطينني الى أكثر من مئتي شهدي والاف الجرحى. وحتى اللحظة لا يبدو ان هناك مبادرات جدية لايقاف آلة القتل الاسرائيلية التي تتوعد بالمزيد من الضربات في حال استمرار تساقط الصواريخ على اسرائيل.

 

يقول القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسؤولها في لبنان مروان عبد العال إن المفاوضات لوقف اطلاق النار هي ليست فاشلة فقط فنحن أمام عدو يعلن عدوانه للطرف الآخر جهاراً وعلانية وكل ما يسعى إليه هو إلغاء الآخر. ويضيف عبد العال: “خطف الإسرائيليين كان ردة فعل على سياسة إسرائيل التي أهانت الأسرى في تحركاتهم وإضراباتهم، حتماً لا نعرف من خطفهم، لكننا نفهم مبررات فعلهم. بالمقابل إسرائيل لا تريد كياناً فلسطينياً، قد توافق على إنهاء الانقسام الفلسطيني، لكنها تضغط لبناء كيانات منفصلة”. كل هذه التطوارت العسكرية تزامنت مع تطورات اقليمية كان لها أثرها على الوضع الفلسطيني فقد أعلن الإسرائيليون أن داعش هي وراء عملية خطف المستوطنين، وأن إسرائيل أمام جبهة شرقية جديدة، وأمام خطر بربرية الشرق. وهذا ما دفعها لاقتراح إقامة جدار فاصل بين الأردن وإسرائيل، حاولت إسرائيل أن تقول أن الأوضاع الإقليمية مشتعلة وأنهم هم ضحية هذا الحريق العظيم.

من جهة اخرى يوضح عبد العال، أن إسرائيل تحاول أن تصور ان حربها هي مع حماس فقط، وأن الهدف هو تدميرها، لكن المقصود فعلا هو تدمير المشروع الوطني الفلسطيني. وبحسب عبد العال فإن “مشروع المقاومة الفلسطينية الذي وحّد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأراضي الـ48.المعركة الأخيرة في غزة جددت الروح الوطنية واستخدمت كل الوسائل النضالية من إطلاق الصواريخ إلى إقفال طرق ورمي جنود الاحتلال بالحجارة”. والآن إلى أين؟ يجيب عبد العالم:” حتى هذه اللحظة لم تحقق إسرائيل أهدافها، إنها تقول نريد صفر صواريخ، لكنها تعني صفر حقوق، لكن وقفة الشعب الواحد وتضامن الفصائل واستخدام القوى الردعية كان مفاجأة للعدو الذي لم يعد أمامه بعد استخدام المقاومة طائرات أبابيل وصواريخ متطورة، إلا أن يهدد بالاجتياح البري، حشد قواته ولوّح باستخدام القوة لكنه إذا دخل لن ينفذ إلا عملية محدودة، وكما كان الإسرائيلي يقول التهدئة بشروطي، الآن الفلسطيني يقول: التهدئة بشروطي.”

 

مدير مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية الإعلامي الفلسطيني هشام دبسي لديه قراءة متباينة، إذ يقول: “اعتماداً على الإطار الإقليمي يحاول نتنياهو الاستفادة من التطورات العاصفة في العراق، واستثمار تطورات الوضع الإقليمي من أجل تجاوز الإدانة الأميركية للموقف الإسرائيلي الذي أفشل المفاوضات ومحاولة تجاوز الضغط الأوروبي لوقف التوغل الاستيطاني في الضفة الغربية، وقد استخدم سيف محاربة الإرهاب مجدداً لتبرير السياسة الإسرائيلية.”

وقد أعلن نتنياهو أنه يسعى لإسقاط محاولة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدمج حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني، وإعادة إنتاج الشرعية الفلسطينية بطريقة ديقراطية وعبر صناديق الاقتراع، من جهة، وإعادة تكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة لمنع أي تغيير تستطيع السلطة الفلسطينية استثماره تحت عنوان حل الدولتين والمفاوضات من جديد. ويضيف دبسي: “أعتقد أن نتنياهو يريد رأس أبو مازن سياسياً وإعادة سيطرة حماس على غزة عسكرياً، وهذا وضع أفضل للحكومة الإسرائيلية التي وصلت إلى حالة من التصدع الداخلي قبل الهجوم الأخير على غزة”.

وعن الرد الفلسطيني، يوضح دبسي:” الرئيس الفلسطيني تحرك على قاعدة العمل لوقف القتال والعنف، والتوجه إلى المفاوضات فوراً. إن هذا الربط بين وقف القتال والذهاب إلى المفاوضات كشف إدراك القيادة الفلسطينية للأهداف الإسرائيلية المباشرة. من جهة أخرى وعلى الرغم أن حركة حماس وبعد أن وصلت إلى نقطة التسليم السياسي بدور السلطة في غزة، فإن السياسات الجديدة للإخوان المسلمين الدولية كان لها أثر على الجناح العسكري المتشدد في حماس، لأن قيادة الإخوان الدولية صعّدت من سياستها في اتجاهين: الأول: استهدف المملكة العربية السعودية التي وضعت الإخوان على لائحة الإرهاب. والثاني: مواجهة القيادة المصرية بعد انتخاب السيسي”.

ويزيد دبسي:” تقاطع هاتان الحيثيتان قد يدفع بالاتجاه العسكري المتشدد في حركة حماس إلى خيار (عليّ وعلى أعدائي يا رب) لذلك أعتقد أن رفض حماس مبادرة وقف إطلاق النار المصرية، حتى هذه اللحظة مرتبط بالوقف التصعيدي في المنطقة”.

ويختم مدير مركز تطوير للدراسات الاستراتيجية الإعلامي الفلسطيني:”إسرائيل لا تتعامل مع نفسها أنها فوق القانون الدولي وفوق المحاسبة فحسب، بل تقول للعالم أن عليه أن يتوقع منها تصرفات ولو طائشة وعليهم أن يتحملوها، خصوصاً أن ما نشهد من قتل منهجي يومي للمدنيين في سورية والعراق يعطي سماحاً كاملاً لإسرائيل بضرب الفلسطينيين ويعطي نتنياهو الحق في العنف ضد المدنيين في فلسطين ومن دون اعتراض من أحد”.

السابق
بلغاريا: منفذ الاعتداء على الاسرائيليين في بورغاس يحمل الجنسيتين الفرنسية واللبنانية
التالي
القبس: تكتيك جديد لـ«حزب الله» في جرود السلسلة الشرقية