نصر الله والمبادرة التاريخية المطلوبة

قاسم قصير

سيطل امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال الايام القليلة المقبلة في مناسبات متعددة ، ومنها احياء ليالي القدر ويوم القدس العالمي في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان، وتأتي اطلالة نصر الله في ظل تفاقم الازمات في المنطقة في سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين وليبيا، اضافة لاستمرار العدوان الصهيوني على غزة والشعب الفلسطيني، ولذا تتوقع بعض الاوساط القريبة من حزب الله ان لا تكون هذه الاطلالة تقليدية او مجرد تكرار للمواقف السابقة للحزب من الاوضاع في المنطقة بل ستشكل فرصة لاطلاق مبادرات جديدة من اجل احتواء التوترات القائمة واعادة تصويب البندقية نحو العدو الصهيوني.

وتقول هذه الاوساط ان نصر الله كان يحرص دوما في المحطات التاريخية على اطلاق المبادرات التوحيدية لمواجهة المخاطر التي تواجهها المنطقة ، ومن هذه المبادرات دعوته ل “طائف عراقي ” بين المعارضة العراقية والنظام العراقي السابق بقيادة صدام حسين بعد بدء الهجوم الاميركي على العراق عام 2003 ، ورغم الاعتراضات الشديدة التي لقيها نصر الله من بعض الاوساط الشيعية العراقية فقد تمسك بمواقفه وكان يؤكد دوما على ضرورة التوحد في مواجهة العدو الخارجي.

وخلال السنوات الماضية اطلق السيد نصر الله العديد من المبادرات لوقف الفتنة المذهبية وتوحيد التيارات القومية والاسلامية ومن اجل دعم قوى المقاومة وتعزيز الحوار الاسلامي-الاسلامي، ولذا فان الاوساط القريبة من الحزب ،الحريصة على مسيرته الجهادية ودوره الاساسي في مواجهة العدو الصهيوني والمشروع الاميركي التفتيتي للمنطقة ،تعتبر ان اللحظة الحالية هي الفرصة المناسبة لان يطلق السيد نصر الله مبادرة تاريخية جديدة لوقف النزيف الحاصل في اكثر من دولة عربية وخصوصا في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين وذلك عبر الدعوة الى تسوية شاملة للقضايا العالقة ووقف الصراعات القائمة والمساعدة في التوصل الى حلول سياسية لهذه الصراعات.

وتضيف هذه الاوساط : ان السيد نصر الله لديه علاقات وثيقة مع القيادة السورية والقيادة الايرانية والمسؤولين العراقيين والمرجعيات الدينية وبعض القيادات اليمنية والبحرانية ، كما ان حزب الله يشارك بقوة في الصراع القائم في سوريا وكل ذلك يؤهله للعب دور اساسي لوقف الصراعات في هذه الدولة من خلال الدعوة لوقف القتال والذهاب الى حوار سياسي شامل مع الاستعداد للانسحاب من القتال في سوريا ووقف الاستنزاف للقوى الجهادية والاسلامية.

ومع ان هذه الاوساط تدرك ان هذه المبادرة لن تكون سهلة وتتطلب قرارات ومواقف جريئة وجهودا جبارة، لكنها تشير الى ان التحديات القائمة والخوف الكبير من انزلاق المنطقة نحو صراع مذهبي شامل او تقسيم دول المنطقة الى دويلات مذهبية وعرقية وفي ظل العدوان الاسرائيلي على غزة والذي قد يتطور الى حرب شاملة بين العدو الصهيوني وقوى المقاومة ، كل هذه التطورات تتطلب خطوات جريئة وقرارات غير تقليدية وقد يكون السيد نصر الله هو الاقدر على اتخذاذ مثل هذه القرارات.

وتضيف هذه الاوساط ،: ان حزب الله وحلفاؤه في المنطقة قد دخلوا في صراع مفتوح مع العديد من القوى الاسلامية المتشددة في اكثر من ساحة وهذا الصراع يحظى بدعم اقليمي ودولي لان العديد من الجهات تريد استمرار الصراع بين الجهاديين الاسلاميين على اختلاف انتماءاتهم مما يعني استنزاف الجميع وتسهيل تحقيق المشاريع الصهيونية والاميركية في المنطقة، ولن يربح احد في هذا الصراع كما حصل في الحروب اللبنانية المتعددة والحرب العراقية-الايرانية وغير ذلك من الصراعات التي شهدتها المنطقة العربية والاسلامية والتي انتهت دائما بتسويات سياسية بعد دفع الاثمان الكبيرة، فهل يطلق نصر الله مبادرته التاريخية قبل فوات الاوان.

قاسم قصير

السابق
انتهاكات بالجملة للحريات اﻹعلامية في المشرق العربي
التالي
بالفيديو: شاكيرا تغني لفيروز وترقص الشرقي!