الهاربون إلى الكرة: لماذا نشجّع فريقاً دون سواه؟

ربما تكون هذه فرصة للابتعاد قليلاً عن المآسي التي تضرب بنا من كل الجهات وعن أخبار الحروب وإحصاء الجثث. أعطنا يا إلهي من هذا الجنون ما تحمد عقباه ودعنا نبتعد قليلاً عن أجواء التوتر اليومي الوطني والإقليمي والعالمي. دعنا نبتسم لرؤية "الكرة" ترتفع في الهواء وتضرب في الأرض وإن لم تدخل المرمى، لتكن هذه يا رب أكبر مآسينا.

ربما تكون هذه فرصة للابتعاد قليلاً عن المآسي التي تضرب بنا من كل الجهات وعن أخبار الحروب وإحصاء الجثث. أعطنا يا إلهي من هذا الجنون ما تحمد عقباه ودعنا نبتعد قليلاً عن أجواء التوتر اليومي الوطني والإقليمي والعالمي. دعنا نبتسم لرؤية “الكرة” ترتفع في الهواء وتضرب في الأرض وإن لم تدخل المرمى، لتكن هذه يا رب أكبر مآسينا.

 

أعرف أنّي أساند فريق “البرازيل” في كأس العالم لكرة القدم، بالمناصفة مع “إيطاليا” وإن بقيت الأولوية لبلاد السامبا. ما لا أعرفه فعلاً هو على أيّ أساس قمت بهذا الاختيار فأنا مقصّرة في ما يختص بالرياضة ومعرفتي بالموضوع محدودة. يأتيني هذا السؤال هذا العام عندما أرى الارتباط الوثيق بين كرة القدم والسياسة.

نستطيع جميعاً أن نلاحظ أنّ التشجيع لهذا الفريق أو ذاك ليس بريئاً فعلى حسب ما أخبرني أحد الأصدقاء من مشجّعي الأرجنتين أنّه قام باختياره “بعد دراسة وعن تصميم”. ومن بين مشجعي المنتخب الألماني من يربط هذا الخيار بتاريخ هذا البلد وسياسته حتّى قد يذهب البعض بالاعتراف بإعجاب ضمني لـ”هتلر” وللبلاد الّتي أتى منها.

البعض أيضاً يعتبر أنّ البرازيل تشبه لبنان نوعاً ما أو أنّ آلاف اللبنانيين يسكنون هناك لتصبح هذه البلاد “منّا وفينا”. ولا يخفى على أحد وسامة لاعبي الفريق الإيطالي وسحرهم، الأمر الّذي يعزّز صفوفهم بين النساء من المشجعات. نادراً ما نسمع أحداً يقول فعلاً إنّ هذا الفريق يستحق التشجيع لأسباب رياضية فقط منفصلة عن الأهواء الشخصية والحسابات الأخرى.

هذه “العصبية الكروية” تتجلّى في لبنان وتضيف للبلاد انقساماً من نوعٍ آخر، انقسام قد يجمع مناصري أفرقاء سياسيين على خصومة ويسبب شرخاً بين البيت السياسي الواحد. انقسامات كرة القدم مسليّة طالما أنّ اللبناني يحافظ على “الروح الرياضية” وطالما أنّ نتائج مباريات كرة القدم لا تؤثر عليه بشكل مباشر ولا على المصالح المتعلقة ببلاده.

عودةً إلى تشجيعي للمنتخبين البرازيلي والايطالي، الأمر الّذي بدأت أعيد النظر فيه مؤخراً، لم يات الأمر لأسباب أعيها فعلاً. أتى موروثاً منذ الصغر من أفراد عائلتي فهو بشكل أو بآخر تقليد. عرفت نفسي “برازيلية الهوى” وأنا أصغر سناً وبقيت هكذا حتّى كبرت. حتّى أنّي لا أفهم متابعتي لكرة القدم أكثر من محاولة لمواكبة الأجواء الرائجة ولكي لا أبدو بمظهر “المتخلفة”. أعتقد أيضاً أنّي لا أريد أن أرى نفسي خارج هذا “الجنون العالمي” لأنّه على عكس أنواع الجنون الأخرى المتفشية من قتل وعنف وجرائم “جنون لذيذ” ويبعث على البهجة حتّى لو انطوى على خسارة فريق معيّن.

صديق آخر من مشجعي “البرازيل” قال أنّه لا يعرف فعلاً لماذا يناصر هذا الفريق. “منذ بدأت بمتابعة كرة القدم، ربحت البرازيل البطولة ومنذ ذلك الحين، أنا مع البرازيل”. إجابته هذه جعلتني أشعر بالطمأنينة. لست وحدي من تدخل عالم “الفوتبول” من باب “اللّاتحليل الاستراتيجي” والرغبة بالتسلية والتمويه فقط.

ربما تكون هذه فرصة للابتعاد قليلاً عن المآسي التي تضرب بنا من كل الجهات وعن أخبار الحروب وإحصاء الجثث. أعطنا يا إلهي من هذا الجنون ما تحمد عقباه ودعنا نبتعد قليلاً عن أجواء التوتر اليومي الوطني والإقليمي والعالمي. دعنا نبتسم لرؤية “الكرة” ترتفع في الهواء وتضرب في الأرض وإن لم تدخل المرمى، لتكن هذه يا رب أكبر مآسينا.

السابق
لا غالب ولا مغلوب بين إيران ونيجيريا
التالي
وكالة الطاقة الدولية: أخطار كبرى تهدد انتاج النفط في العراق