برّي الذي همّشه حزب الله.. هل يخوض حرب الرئاستين؟

نبيه بري
لم نعد نسمع في الجنوب عن وفود قروية او عائلية تشدّ الرحال الى قصر"المصيلح" من اجل المطالبة بخدمة عامة من هنا او بتوظيف شاب من هناك. صار يكتفي أبناء القرى الجنوبية بالتوجه صوب "رابط " الضيعة (المسؤول التنظيمي في حزب الله) من اجل رفع مطالبهم، ما خلق امتعاضا عند الرئيس نبيه بري وقواعد حركة أمل التي لن ترضى بمشاهدة زعيمهم الأول وحامل الامانة يظهر امامهم بمظهر العاجز ويتحول بنظر حلفائه الى ما يشبه السياسي المحتضر الذي ينتظر ان يرثه حزب الله سياسيا وهو لا يزال على قيد الحياة .

لم نعد نسمع  في الجنوب عن وفود قروية او عائلية تشدّ الرحال الى قصر”المصيلح” من اجل المطالبة بخدمة عامة من هنا او بتوظيف شاب من هناك. صار يكتفي أبناء القرى الجنوبية بالتوجه صوب “رابط ” الضيعة (المسؤول التنظيمي في حزب الله) من اجل رفع مطالبهم، ما خلق امتعاضا عند الرئيس نبيه بري وقواعد حركة أمل التي لن ترضى بمشاهدة زعيمهم الأول وحامل الامانة  يظهر امامهم  بمظهر العاجز ويتحول  بنظر حلفائه الى ما يشبه السياسي المحتضر الذي ينتظر ان يرثه حزب الله سياسيا وهو لا يزال على قيد الحياة .

 

 توافقت مع الرئيس نبيه بري او اختلفت معه، لا يسعك الا الاعتراف بدوره المحوري في الحياة السياسية اللبنانية. فلطالما لعب دور العرّاب في انتاج الحلول السحرية تحديدا عند اشتداد المعضلات، وهذا ما يفسر لجوء الجميع اليه خصوما كانوا ام حلفاء، خصوصا في الاستحقاقات الوطنية الكبرى التي خوّلته تجربته الطويلة في رئاسة المجلس النيابي ورئاسة حركة “أمل” اتقان خلط الألوان فيها بين ما هو متوافق مع المصالح الإقليمية وبين الحد الأدنى من المصالح الوطنية المنسجمة مع ما هو محلي.

الا ان المستجدات على الساحتين الداخلية منها والخارجية عطّلت بعضا من فاعلية الرئيس بري ودوره. كما لو أصابه شيء من الذبول. وهذا ما نتلمسه في الاستحقاق الرئاسي الحالي وما يرافقه من ضمور في حركة عين التينة ومروحة الاتصالات فيها التي تكاد تكون متوقفة، ما يساهم في تعميم هذا الجو من التشاؤم في إيجاد مخرج قريب لازمة الشغور في الرئاسة الأولى التي دخلت فيها البلاد .

وهنا لا بد من الإشارة الى ان  حسابات الربح والخسارة عند الرئيس بري، الطامح بلا شك للاحتفاظ لنفسه بالرئاسة الثانية، قد لا تتوافق مع حسابات حلفائه. ففي الوقت الذي يوحي أداء حزب الله وميشال عون بالكثير من البرودة وعدم الاكتراث في إتمام العملية الانتخابية ولجوئهما الى تعطيل الجلسات غير آبهين لما يشكل هذا الامر من فشل ذريع، يسجّل في دفاتر بري اخفاقه في ملف هو المعني الأول بإدارته فضلا عن استبعاد رأيه في تسمية الرئيس العتيد. فميشال عون المرشح المفترض هو مرشح حزب الله (والنظام السوري استطرادا) مع ما يعني تبنّيه من امتعاض غير مخفي عند الرئيس بري وحليفه الأول وليد جنبلاط .

زد على ذلك حجم التمدد عند شريكه الأقوى داخل الطائفة الشيعية ان على المستوى الجماهيري او حتّى على مستوى المراكز الرسمية الموزعة طائفيا. ما يجعل حصة الشريك تذهب من امامه حكما، وهذا الامر (التمدد) وان كان يحصل بهدوء وبدون أي ضجيج، الا ان شخصية مخضرمة كنبيه بري لا شك انها تعي جيدا سلبياته ومخاطره على مستقبلها السياسي الشخصي وعلى مستقبل حركة امل بشكل عام.

فحزب الله زادت حصته النيابية الى 5 نواب بدل 2 في الجنوب وصار يساهم أيضا في تسمية النواب من غير الشيعة في بعبدا ومثلا وغيرها، ودخوله المعترك الحكومي فضلا عن تغلغل الحزب في مرافق الدولة، خصوصا داخل الأجهزة الأمنية من جيش وقوى امن داخلي وامن عام، هذه الأجهزة التي طالما كان الممرّ الاجباري عند شباب الشيعة محصورا بـ”المصيلح” لدخولها، مع ما كان يرافق هذه البوابة من استقطاب جماهيري.

لكننا لم نعد نسمع  في الجنوب عن وفود قروية او عائلية تشد الرحال الى قصر مصيلح من اجل المطالبة بخدمة عامة من هنا او بتوظيف لاحد من هناك، و صار يكتفي أبناء القرى الجنوبية بالتوجه صوب “رابط ” الضيعة (المسؤول التنظيمي في حزب الله) من اجل رفع مطالبهم، وهو بدوره يتكفل اما برفعها الى الوزير المختص او العمل على قضائها عبر مؤسسات الحزب نفسه.

هذا الواقع المستجدّ بكل متشعباته لا شكّ خلق حالة عميقة من الامتعاض عند الرئيس بري وعند مجمل القواعد الحركية التي لن ترضى بمشاهدة زعيمهم الأول وحامل الامانة  يظهر امامهم  بمظهر العاجز ويتحول  بنظر حلفائه الى ما يشبه السياسي المحتضر الذي ينتظر ان يرثه حزب الله سياسيا وهو لا يزال على قيد الحياة .

وامام هذه الحال  فإنّ الأجواء الجنوبية وما يحكى في الصالونات السياسية تنبئ ان الأيام والاسابيع القادمة ستشهد حراكا متمايزا ومبادرات كبرى تعيد الرئيس نبيه بري الى موقع اللاعب الأساسي على الساحة الوطنية وتجعل منه محاربا اول للدفاع  ليس فقط عن الرئاسة الأولى بل هو مجبر منذ الان لخوض حرب الرئاستين (الاولى والثالثة).

السابق
السيد هاني فحص يستعيد جنسيته الفلسطينية
التالي
محمد المشنوق توقع تمديدا جديدا للمجلس النيابي لانتخاب رئيس جمهورية