جنوح عوني لتقديم الإنتخابات النيابية يمدّد الشغور الرئاسي

 

كتبت “اللواء” : لغاية ساعات الليل الأولى، بقيت حركة الاتصالات بلا بركة: الرئيس تمام سلام لم يحدد موعد جلسة بعد لمجلس الوزراء، مما يعني أن لا توافق بعد على آلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء. والكتل النيابية لم تتبلغ بعد أن جلسة العاشر من حزيران الحالي سيكتمل نصابها لإقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام. وموعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية يبتعد أكثر فأكثر مع القرار الذي اتخذه تكتل “الاصلاح والتغيير” في دفع الأمور باتجاه إجراء إنتخابات نيابية، إذا ما تعذّر اعتبار النائب ميشال عون مرشحاً توافقياً للرئاسة وانتخابه قبل الـ 20 من آب المقبل. والاضرابات القطاعية تحط من موعد الى آخر بحثاً عن مطالب محقة، وحيوية على هذه الدرجة أو تلك، إلا أن السلطة المعنية باتخاذ القرار تبحث هي بدورها عمن يعالج مشكلتها أو مشكلاتها على المستويات السياسية والدستورية، فضلاً عن توفير الغطاء لقرارات إدارية ومالية كبيرة، في وقت يدق وزير خارجية لبنان جبران باسيل ناقوس الخطر من أن لبنان “أصبح مهدداً بكيانه ووجوده” على خلفية النزوح السوري الذي تجاوز إمكانياته، في ظل “توجّه لوقف استقبال أي نازح سوري مزعوم من مناطق غير ملتهبة عسكرياً”، وذلك عشية اجتماع روما في 17 حزيران والمخصص لمساندة الجيش اللبناني، والذي تقدمه المجموعة الدولية لدعم لبنان.

الأجوبة العالقة
وفي ظل الجمود المحيط بالجو السياسي، شهدت عين التينة لليوم الثاني على التوالي، حركة اتصالات للحدّ من الخسائر التي تترتب على استمرار الشغور في منصب الرئاسة الأولى، ومحاولة الطرف العوني المضي في سياسة تعطيل مجلس الوزراء والمجلس النيابي، بذريعة أن لا سلطة في ظل الشغور، وبالتالي، فالأولوية لانتخاب رئيس أو إجراء انتخابات نيابية.

والمفارقة التي يقفز فوقها الفريق المسيحي هي نقل المشكلة الى مكان آخر، وعدم الالتفات الى أن تمديد الشغور الرئاسي سببه عدم اتفاق القيادات المسيحية البارزة والمؤسسات المارونية أيضاً على تسمية مرشح للرئاسة، وسعي التيار العوني الى الدفع باتجاه إجراء الانتخابات النيابية بين آب وتشرين الأول، ولو على أساس قانون الستين، وهو الأمر الذي كان مرفوضاً سابقاً، مما يعني حكماً إطالة أمد الشغور الرئاسي، الى ما بعد الانتخابات والتي ما يزال موعد إجرائها ملتبساً، نظراً لأن التوافق السياسي ما زال غائباً حول قانون الانتخاب. وفي هذه الحالة يُطرح السؤال: من يتحمّل مسؤولية الفراغ: الحكومة أم مجلس النواب، أم الفريق المسيحي الذي يعطّل المؤسسات؟

واللافت أن التيار العوني يطرح الانتخابات النيابية أولاً لاعتقاده بأنه سيحصد فيها كتلة نيابية كبيرة تؤمّن للنائب عون الفوز في الانتخابات الرئاسية، إذا ما اكتسح زحلة والمتن وكسروان.

وشكّلت زيارة الرئيس تمام سلام الى عين التينة بعد زيارة العماد عون، وقبل زيارة الموفد الجنبلاطي وزير الصحة وائل أبو فاعور، مناسبة للبحث على مدى ساعة في الأمور التالية:

1- كيفية التوقيع مكان رئيس الجمهورية على القوانين والمراسيم التي يطلب نشرها لتصبح نافذة في الجريدة الرسمية، ولم يرشح شيء عن هذه النقطة.

2- المشاركة في جلسات التشريع ودور الحكومة على هذا الصعيد، في ظل إصرار الرئيس نبيه بري على اعتبار أن الشغور الرئاسي لا يمنع عمل الحكومة ولا عمل المجلس.

3- ما أدت إليه زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري على الصعد السياسية ومساعدة النازحين السوريين أو الدعم الأميركي لملء الحكومة الفراغ، عبر ممارسة صلاحيات الرئيس.

وأكدت مصادر مطلعة لـ “اللواء” أن رئيسي المجلس والحكومة اتفقا على ضرورة استمرار الاتصالات للتفاهم على صيغة للتواقيع بعد التفاهم على آلية جدول الأعمال واتخاذ القرارات وعلى قاعدة أن لا تعطيل للمؤسسات الدستورية، لأن مثل هذا التعطيل لا يسرّع انتخاب رئيس الجمهورية، بل العكس.

آلية القرارات
وبحسب المعلومات فإن آلية عمل الحكومة وما يتعلق بالقرارات والمراسيم والتصويت ووضع جدول الأعمال، أخذا الحيّز الأكبر من النقاش، والذي امتد على أكثر من ساعة، حيث أكد الرئيس بري أن الدستور صريح في هذا المجال والمادة 62 المتعلقة بالصلاحيات لا لبس فيها.

ورغم أن الزيارة جاءت بعد زيارة عون، إلا أنه وحسب مصادر نيابية، فإن كل هذا الحراك والحديث عن أجواء إيجابية وحلحلة قد تترافق مع مطلع الأسبوع، ليست سوى “بالونات حرارية”، لن تؤدي الى نتائج سريعة قد تظهر معالمها، أقلّه حتى الساعة.

غير أن مصدراً وزارياً كشف لـ “اللواء” أن النائب عون أبدى ليونة لتسيير عمل الحكومة، ولكن ضمن نطاق محدود، وأنه حصر للوزير باسيل مهمة التشاور المسبق مع الرئيس سلام حول جدول الأعمال، علماً أن رئيس الحكومة سبق أن حسم هذه النقطة عندما تعهد للوزراء بإرسال مشروع جدول الأعمال قبل 72 ساعة من موعد الجلسة الوزارية.
ونفى الوزير المعني أن يكون هناك اصطفاف طائفي داخل مجلس الوزراء، مؤكداً أن وزراء عون وحزب الله في موقف، فيما هناك وزراء مسيحيون أسماهم بالإسم يؤيدون متابعة عمل الحكومة وفقاً لما ينص الدستور.

وأوضح الوزير المذكور أن النقاش داخل مجلس الوزراء هو غير ما يقال في الخارج، مشيراً الى أن صلاحيات رئيس الحكومة والحكومة لجهة طريقة عملها واتخاذ قراراتها هي خارج النقاش والذي انحصر في أمرين: جدول الأعمال، وهنا الدستور واضح لهذه الجهة، وقد حلّها الرئيس سلام بوضع جدول الأعمال قبل 72 ساعة، والثانية هي القرارات التي تترجم بمراسيم بدل توقيع رئيس الجمهورية، لجهة من يوقعها، هل الوزير المختص أو جميع الوزراء، لافتاً الى أن القرار نفسه ليس مشكلة، تبعاً لطريقة عمل مجلس الوزراء، سواء بالأكثرية أو بالثلثين وبحسب القضايا نفسها، لكن المشكلة هي في طريقة تصدير القرار بمرسوم.

وأشار الى أن النقاش هو حقيقة موضوعي ودستوري حقيقي، لكن هناك أكثر من رأي وتوجّه مبدياً اعتقاده، بأن هذا النقاش لا يحسم على طاولة مجلس الوزراء، بل يحتاج الى تفاهم بين القوى السياسية خارج مجلس الوزراء، مستدركاً بأن التمثل بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة لا يجوز لأن الظروف مختلفة، ووضعية حكومة سلام تختلف عن حكومة السنيورة التي استقال منها الوزراء الشيعة، ولم تقبل استقالتهم.

إنسجام مواقف
وإذا كان عمل الحكومة في ظل الشغور الرئاسي يحتاج إلى تفاهم سياسي خارج مجلس الوزراء، فإن المواقف التي تم تظهيرها للكتل السياسية، أوحت بانسجام بين الرئيس بري وكتلة “المستقبل” و”اللقاء الديمقراطي” الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط، لجهة ان الدستور واضح في هذا الأمر، وسبق لوزير الداخلية نهاد المشنوق ان نقل عن رئيس المجلس موقفاً مسانداً لرئيس الحكومة. في حين أكد الوزير أبو فاعور بعد لقائه الرئيس بري موفداً من جنبلاط، ان “اللقاء الديمقراطي، يسعى للتوافق في موضوع رئاسة الجمهورية، لكن إلى حين حصول هذا الأمر يجب أن لا تتعطل بقية المؤسسات تحت أية ذريعة أو رأي، خصوصاً اذا كانت هذه الذرائع من كسب شعبي ما”.

أما كتلة “المستقبل” التي اجتمعت مساء أمس الأول في “بيت الوسط”، فقد اعتبرت في بيانها الاسبوعي.
ان عمل الحكومة يجب ان يستمر في إدارة شؤون البلاد، وأمامها طريق واضح مساره حددته المواد الدستورية المعنية، وبالتالي يتوجب على الحكومة الانطلاق في عملها لتسيير وتيسير شؤون المواطنين الذين يعانون من صعوبات حياتية واقتصادية تتطلب من الحكومة ايلاءها الاهتمام اللازم، بعدما كانت شددت على ان جزءاً من عمل الحكومة يكون في السعي الحثيث لتهيئة الاجواء والمساعدة على الاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية، بهدف الانتهاء من مرحلة الشغور في منصب رئاسة الجمهورية.

وفي الاطار نفسه، اعرب عضو كتلة “المستقبل” النائب عاصم عراجي عن اعتقاده لـ”اللــواء” ان عدم موافقة فريق 8 آذار على آلية عمل الحكومة يهدف إلى الضغط من أجل تسويق إحدى الشخصيات للانتخابات الرئاسية تحت الطاولة، متهماً قسماً من هذا الفريق بتعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وأشار إلى أهمية قيام تفهم في مجلس الوزراء، أوضح أن ما قام به الرئيس سلام هو قمة العمل الدستوري، وان خطوته بإرسال جدول الأعمال قبل 72 ساعة ممتازة.
وفي مجال آخر، وصف عراجي الاتصالات الحاصلة بين تيار “المستقبل” والتيار العوني بـ”راوح مكانك”، مشيراً إلى أن هناك قضايا استراتيجية لا يزال التيار العوني يتمسك بها وأبرزها ورقة التفاهم مع “حزب الله”.

 

السابق
الفراغ يتّسع ولا تفاهم على جلسات المجلسين
التالي
المصارف تنجو من عقوبات واشنطن ضد’حزب الله’