تساؤلات على هامش الدين والمقدّس والإنسان

البابا فرنسيس في بيت لحم
على هامش الزيارة البابوية إلى الأراضي المحتلّة وعلى هامش فائض التقديس للأماكن الدينية في كلّ الديانات: ما هذه العلاقة بين المقدّس والدّين والإنسان؟ ولماذا تكتسب الأماكن الدينية قيمة أكبر من البشر؟ المشترك بين الأديان التوحيدية الثلاثة هي أنّها تتّفق على فكرة وجود خالقٍ واحد يُفترض أن يكون بمثابة أب هذا الكون، ولكنّه للأسف يُقدّم كأب لهذه الرعية الواحدة فقط. فتحدث الأديان، ولو عن غير قصد، شرخ إنساني كبير بين أبناء الكون الواحد.

على هامش الزيارة البابوية إلى الأراضي المحتلّة وعلى هامش فائض التقديس للأماكن الدينية في كلّ الديانات، يتبادر إلى الذهن تساؤل عن هذا العلاقة بين المقدّس والدّين والإنسان؟ ولماذا تكتسب الأماكن الدينية قيمة أكبر من البشر على الرغم من أن الأولى تبقى رمزاً بينما الآخر دم ولحم.

الأديان، كما ارتأتها المجتمعات، مجموعة من المعتقدات والطقوس المرتبطة بالخالق وعلاقة الإنسان به، مرتبطة بفترات زمنية معيّنة وما إلى ذلك. الحكايا الدينية مرتبطة أيضاً بمآسي وفتوحات وحروب وصراعات بعض منها في منتهى الدموية. وهي أيضاً مرتبطة بعادات وتقاليد وأحكام شرعية وأسرار إلهية وما إلى ذلك.

البابا فرنسيس

المشترك بين الأديان التوحيدية الثلاثة هي أنّها تتّفق على فكرة وجود خالقٍ واحد يُفترض أن يكون بمثابة أب هذا الكون، ولكنّه للأسف يُقدّم كأب لهذه الرعية الواحدة فقط. فتحدث الأديان، ولو عن غير قصد، شرخ إنساني كبير بين أبناء الكون الواحد، هذا عدا عن الفروقات الاجتماعية والطبقية والجندرية وغيرها.

الأمر الآخر الّذي يسيء به الدين– أو تعامل المجتمع مع الدين – هو حصر قدسيته بأماكن معيّنة. ليس من الخطأ أبداً أن يكون هناك أماكن ذات دلالة دينية ولكن لا يجوز حصر الوجود الإلهي المبارك فيهاكأنّ ذلك ينفي صورة الله غير المحدود والّذي يسع الكون بأسره ليسخّر مكاناً واحداً له فقط. وما لا يجوز أيضاً هو أن يصبح المكان أعلى مقاماً من الإنسان وأن يصبح مثلاً الدفاع عن المقدّس حقّاً يبيح القتل أو أن يصير تفجير المقدّس المختلف أمراً مباركاً ومشروعاً.

لا يجوز مثلاً أن تقتصر الرؤية على قدسية بيت لحم وغض النظر عن معاناة أهلها وتهجيرهم والقبول بصور تداولتها المواقع الالكترونية تبدي اعتداءات من قبل الاسرائيليين على المسيحيين في القدس. لو كان هذا الاعتداء على رمز او مكان ديني، لكانت الإدانة شديدة اللّهجة.

كلّ هذه الأمور تتركنا مع تسؤلات عمّا إذا كان اللّه يقبل بأمورٍ كهذه تماماً كما إذا كان يقبل ان تخاض حروب باسمه. يبدو لنا أنّنا نعيش في عالم تصبح التماثيل أهمّ فيه من الكائن الحيّ. كلّ ذلك يجب أن يدفعنا لإعادة النظر بهذا الثالوث وتغيير بوصلته. كما لا حياء في الدين، لا حياء في مساءلته.

السابق
رئيس مؤقت ونموذج دائم
التالي
عويدات رد طلب تخلية أبو حمزة وأحاله على المحاكمة بجنحة