هل بدأت الرياض تجميعَ أوراق تفاوضِها مع طهران؟

علما ايران والسعودية

تصدّر الوضع الليبي المتفجّر مجدّداً واجهة الأحداث السياسية والأمنية، وقد يحمل في طيّاته دلالاتٍ عدّة، نظراً إلى خَلط الأوراق الذي يُحدِثه في النزاع الذي يبدو واضحاً أنّه لا يُختصَر بالمشهد الليبي الداخلي نفسه فقط.

بعيداً من حرب التصريحات وإعلان هذا الطرف أو ذاك ولاءات مضادة، يُظهر ما تشهده ليبيا أنّ خطوات «أمر عمليات» تنفيذي تتصاعد، في ظلّ اصطفافات إقليمية ودولية سارعت بدورها إلى رسم وجهة الأحداث ومستقبلها.

وفي حين لا يزال «الغموض» يكتنف الموقف الأميركي في تقويم ما يجري، معطوفاً على موقف أوروبّي يستظلّ به بدوره، بدا واضحاً أنّ دوَلاً إقليمية كبرى ترعى، أو أقلُّه تقف وراء ما أُطلِق عليه «عملية الكرامة» التي يقودها اللواء السابق في الجيش الليبي خليفة حفتر، لوضع حدّ للإنفلات في ليبيا بعدما استباحتها الميليشيات الإسلامية المتشدّدة، والتي فاضت خارج الحدود، من دول الساحل الإفريقي إلى نيجيريا فمصر وبقيّة دول الطوق.

ووفقَ مصادر أميركية، فإنّ عديد القوّة العسكرية التي وُضِعت على أهبة الإستعداد، في انتظار أوامر «البيت الأبيض» بالتدخّل لإجلاء أكثر من ألف أميركي وغيرهم من جنسيّات غربية وأجنبية أخرى، قد ناهزَ الـ300 جندي، مع كلّ التجهيزات والقِطع البحرية والجوّية.

وتكشف تلك المصادر أنّ الإدارة الأميركية تلقّت طلبات عدة من دول حلف «الناتو» بأن تشمل عملية الإخلاء هذه رعاياها أيضاً، ما يعني أنّ دوراً أميركياً قد فُرض على واشنطن في ليبيا، ولو تحت مُسمّى «العملية الإنسانية».

وإذ تعترف المصادر ضمناً بأنّ دوَلاً إقليمية كبرى تقف ربّما وراء «إنتفاضة» ليبيا، في مواجهة قوى أخرى أدارت ولا تزال، كثيراً ممّا كان يجري فيها، تلفتُ في الوقت نفسه إلى أنّ المعركة تبدو مفتوحةً في أكثر من موقع، في محاولةٍ منها للإمساك مجدّداً بزمام المبادرة، من اليمن إلى ليبيا وصولاً إلى سوريا ولبنان.

بدورها، تعتقد أوساط ديبلوماسية عربية في واشنطن أنّ المناخات السياسية الجديدة المقبلة على المنطقة، تعكس قراراً هجوميّاً لإعادة تجميع أوراق القوّة، استعداداً لجولات التفاوض المرتقبة، مع توقّع إنجاز الاتفاق النووي مع إيران، في انتظار فتحِ ملفّ العلاقات الإقليمية وأحجام القوى فيها.

وترى تلك الأوساط أنّ خيطاً جامعاً يصل بين الملفّات الإقليمية، ما يعني أنّ صيفاً حارّاً ستشهده دول عدّة مَعنية بما يجري. فإذا كان حصول حوار سعودي ـ إيراني مُقدّراً مستقبلاً، فمن غير المنطقي أن لا تكون الاستعدادات قائمة لتأمين النصابين السياسي والميداني.

هذا ما يمكن ملاحظته في سوريا، حيث تتوقّع الأوساط الديبلوماسية ظهورَ أسلوب سياسي وعسكري يختلف عمّا جرى خلال الأعوام الثلاثة من عمر الأزمة فيها.

هناك تأسيس لعملية سياسية طويلة المدى في صفوف المعارضة بشقَّيها السياسي والعسكري، فيما تؤكّد كلّ التصريحات أن لا إمكان للسماح في خسارتها المعركة مع النظام السوري.

وتؤكّد تلك الأوساط أنّ تغيير التوازن الميداني لا يمكن أن يستقيم، في معزل عن تحجيم دور التنظيمات الأصولية الإسلامية المتشدّدة ورُعاتها الإقليميين، في ظلّ ضغوطٍ واتصالات مع الأميركيين أيضاً من أجل تسهيل حصول ذلك، وكشفِ الأخطار التي باتت تمثّلها تلك التنظيمات، سواءٌ على سوريا ومحيطها، أو على الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية تحديداً.

هذا ما يفسّر حملة التحذير الكثيفة التي انطلقت في الولايات المتحدة أخيراً من «عودة الجهاديّين» إليها، وعبّرت عنها تقارير إعلامية واستخبارية عدّة، وصولاً إلى شهادة مدير الـ«أف بي اي» جيمس كومي أمام اللجنة القضائية في الكونغرس الأميركي أمس الأوّل.

وتؤكّد تلك الأوساط أنّ قرار وضع الملفّ اللبناني على «الرفّ» مرهون هو الآخر بما ستشهده سائر الملفّات الإقليمية الأخرى، في الوقت الذي تستعدّ الرياض لاستقبال «حدث» إنجاز الإستحقاق الرئاسي المصري بعد أيام، حيث تتحدّث المعلومات عن حشدِ أكثر من 10 آلاف جندي مصري على الحدود الليبية.

السابق
حزب الله يستكمل تحضيراته لمهرجان عيد التحرير في بنت جبيل
التالي
خطفها قبل عشر سنوات لكن الفايسبوك أعادها