ومتى القنوات الفضائية الشيعية المتشددة في بيروت؟

القنوات الشيعية
لماذا انتظر امين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله كلّ هذا الوقت ليعبّر عن انزعاجه من القنوات الشيعية المتشددة المنتشرة في فضاء مدينة قم المقدسة؟ ولماذا لم تستطع الدولة الاسلامية في ايران لجم هذه القنوات؟ فبعضها يروّج أنّ "اليهودي ليس عدونا بل السني". كلام حرفي صرّح به رجل دين ايراني معروف خلال مقابلة اجريتها معه. ما اثار انتباهي الى مسألة تلاقي التكفيري الشيعي مع التكفيري السني في مسألة محاربة بعضهم البعض وتحييد الصهاينة عن المعركة.

أثار خبر اقفال عدد من القنوات المتشددة الشيعية الفضول، لاسيما لمن يعرف توجّه هذه القنوات وسياستها منذ أمد بعيد. لأنّ التصدّي لها من أشدّ الصعوبات. علما انّ لهذه القنوات مكاتب في بيروت. ويعمل في اطار فريق عملها عدد من الاعلاميين المغمورين، الذين لا يمكن ان تفتح لهم نوافذ الاعلام اللبناني بسبب تشددهم الديني والتزامهم العقائدي.
هذه المحطات ’شبه المؤسساتية’ تستقطب المتدربين في مكاتب لها غالبا في ضاحية بيروت الجنوبية، وعلى اطراف الضاحية، مقابل بدل مادي (شبه راتب) متدنٍّ جدا تحت عنوان “تقرّبا لأهل البيت”. حتّى أن بدل الحلقة التلفزيونية، اعدادا وتقديما، وصل إلى حدود لا يمكن أن يخيّلها عقل: 25 الف ليرة لبنانية، أي نحو 15 دولارا أميركيا، في حين أن كلفة الحلقة في الإعلام التقليدي في لبنان لا تقلّ عن 500 دولار، وقد تزيد عن 20 ألف دولار.
هذا العنوان الجذاب للشيعة عاطفيا، أيّ التقرّب الى “اهل البيت” (عليهم السلام)، يلفت النظر حول بعض هذه الفضائيات كونها تابعة بمعظمها – ان لم نقل كلها – لمراجع دينية مقيمة في ايران او في العراق او البحرين او الكويت او لندن.. وتملك من المال ما يعجز عن ذكره الانسان.
واللافت في هذه المحطات التي نتجنب ذكر اسماءها تعتمد على شرشف ازرق كخلفيّةـ، او على “كروما” كحلّ بديل للديكور المكلف. مع مكتب ومدير مكتب ليس سوى كاتب سيرة اسلامي، لا يتقن غالبا فلسفة الاعلام المعاصر.
فجلّ ما في الامر هو تأمين 3 اشياء في المكتب: مذيعة ترتدي عباءة سوداء كشرط اساس، ورجل دين معمم، وطاولة تفصل بينهما. ويبدأ الحوار الذي يزيد الشرخ بين ابناء الامة.
هذا الى درجة انّ الروايات والاحاديث هي نفسها لا تتبدل ولا تتغير وبمعظمها تدعو للاقتداء بأهل البيت (عليهم السلام). لكن كيف؟ لا احد يقدم الحلول من هؤلاء الضيوف، حتى بات يبدو انّ مهمة هذا الضيف ملء الهواء الافتراضي لا أكثر.
والغريب ان ثمة عوائل لبنانية متأثرة جدا بهذه القنوات، يطلب أفرادها من اصحاب محطات الستالايت مدهم بالمزيد منها. فعندما طالبت في احد المرات مسؤول محطة الستالايت حذف هذه القنوات، استغرب كلامي ذاكرا ان الناس تطلب هذه القنوات؟!
وكلامي أثار وجود احدى القريبات في المنزل، فأكدت انّها تستمع الى القناة (الفلانية) طيلة النهار. وتعمد بعض المحطات الى بثّ مجالس العزاء باستمرار، واللطم والبكاء. ويعمد القيّمون على المحطات إلى احياء ما يعرف بـ(الايام الفاطميّة) على مدى 3 فترات في السنة. وهي مواعيد موت ابنة الرسول الاكرم السيدة فاطمة الزهراء. كون موعد وفاتها غير مؤكد في كتب تاريخ الشيعة. وكأنّ المذهب قائم على البكاء والنحيب. علما ان الاحتفاء بالولادات شبه معدوم. وقد وصل الأمر ببعض المعممين في قم الى ان يحتفلوا بموت “عمر” الخليفة الثالث، ما أثار الشرطة في قم فعمدت الى ارسال تحذيرات واستدعاءات الى هؤلاء ما اضطرهم الى ترك قم نحو بلاد اخرى.

ومناسبة هذا الكلام هو انّ هذه القنوات تبالغ في اقامة العزاء، وفي تسطيح الجمهور، وفي تركه الشأن العام والابتعاد عن الهموم الاجتماعية تحت عناوين انه “لا قضايا اهم من مظلومية اهل البيت”. وهذه القنوات تلخّص فلسفة (الشيرازيين) و(الاخباريين) الذين يقفون ضد الوحدة الاسلامية، ويدعون الى محاربة السنّة باعتبارهم “العدو الاول للشيعة.”

بل تصل بهم الامور الى ترويج فكرة أنّ “اليهودي ليس عدونا بل السني”. وهذا الكلام حرفيا صرّح به احد رجال الدين الايرانيين المعروفين شخصيا خلال مقابلة اجريتها معه. ما اثار انتباهي الى مسألة تلاقي التكفيري الشيعي مع التكفيري السني في مسألة محاربة بعضهم البعض وتحييد الصهاينة عن المعركة.

والسؤال: لماذا انتظر امين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله كلّ هذا الوقت ليعبّر عن انزعاجه من القنوات الشيعية المتشددة المنتشرة في فضاء مدينة قم المقدسة؟ ولماذا لم تستطع الدولة الاسلامية في ايران لجم هذه القنوات؟

السابق
أغنية لشاكيرا للمونديال
التالي
تفجير ذخائر