حزب الله في سوريا: خبرة قتالية جديدة في مواجهة عدو مختلف

من القتال ضد اسرائيل على الحدود اللبنانية، الى سوريا حيث يحارب الى جانب قوات النظام، يكتسب حزب الله خبرة ميدانية مختلفة، لكنه ايضا يظهر كقوة اساسية في النزاع تساهم في التدريب وقيادة العمليات العسكرية، بحسب محللين ومقاتلين.

بالنسبة الى الخبراء، تغيرت استراتيجية حزب الله وخطابه السياسي مع تغير مسرح عملياته: كان يواجه “العدو الصهيوني” بدباباته وطائراته، وتحول الى هدف “للتكفيريين” كما يسميهم، الذين يخوض ضدهم حرب عصابات في ميدان حرب جديد، والى قوة مساندة اساسية وفعالة لنظام الرئيس بشار الاسد.

ويقول اندرو اكزوم، الموظف السابق في وزارة الخارجية الاميركية والخبير في الشؤون اللبنانية، لوكالة فرانس برس، “هناك جيل جديد من مقاتلي حزب الله يخوض تجربته القتالية الاولى في سوريا. أتصور انهم يكتسبون خبرة جيدة في القتال ضمن مجموعات صغيرة في مواجهة حقيقية في ساحة المعركة” لا من خلال معارك وهمية تنفذ عادة في التدريبات.

ويقدر عدد مقاتلي حزب الله في سوريا بخمسة آلاف. ويتلقى عناصر الحزب قبل ذهابهم الى الميدان دورات تدريبية في لبنان في مرحلة اولى، ثم في ايران.

ويذكر احد هؤلاء، وقد قدم نفسه باسم ابو محمد (30 سنة) من منطقة بعلبك (شرق) لوكالة فرانس برس ان “دورات التدريب تبدأ في جرود بعلبك وتتراوح بين اربعين يوما وثلاثة اشهر، ثم تستكمل في ايران لمدة شهرين حيث يتم التدريب على الاسلحة الثقيلة”.

وكان ابو محمد عاد قبل فترة من منطقة القلمون شمال دمشق حيث شارك في المعارك واصيب برصاصة في صدره.

ويضيف ان الدورات التدريبية في صفوف الحزب حاليا “اكثر كثافة، لاننا نقاتل منذ اكثر من سنتين بشكل متواصل من دون توقف”.

وتحصل بعض الدورات التدريبية في جنوب لبنان. وتشمل الدورات في ايران التدرب على قيادة المجموعات على الارض.

ويقول مقاتلون في حزب الله ان التجنيد بلغ اوجه خلال السنة الماضية بعد الاعلان عن انخراط الحزب في النزاع السوري، لكن الوتيرة تراجعت قبل اشهر، “لان العدد اصبح كافيا”، بحسب ما قال احدهم.

ويؤكدون ان المعايير المطلوبة للقتال في صفوف الحزب ان يكون المرء خلوقا ومتدينا ويبلغ 18 عاما.

ويتحدث عناصر الحزب الذين سبق لهم ان خاضوا معارك ضد الجيش الاسرائيلي عن اختبارين مختلفين.

ويقول ابو علي (40 عاما) الذي شارك في حرب تموز 2006 ضد اسرائيل وفي حرب القلمون الشهر الماضي، “مع اسرائيل كنا في مواجهة عدو واحد. اما في سوريا، فلا نعرف من نواجه، ساعة +داعش+، وساعة جبهة النصرة، وساعة الجيش الحر… في جنوب لبنان، نعرف الارض والجغرافيا، بينما في سوريا لا نعرفها”.

ويضيف “القتال في سوريا ليس سهلا. مساحات شاسعة، صحراء وجبال ووديان…”.

ويقول جيفري وايت، احد المسؤولين السابقين في الاستخبارات الاميركية، في تقرير صدر اخيرا عن مركز مكافحة الارهاب في واشنطن، ان النزاع السوري “يعطي حزب الله معرفة قيمة حول الحرب غير التقليدية”، مضيفا ان الحزب “يقود العمليات، بما فيها العمليات الهجومية، ولا يكتفي بالقتال في معارك تكتيكية” صغيرة.

ويوضح ان المعارك “من نوع آخر… تستغرق وقتا طويلا وتشارك فيها وحدات كبيرة، وتتخللها عمليات معقدة”.

ويلعب الحزب كذلك دورا في تدريب بعض المجموعات السورية.

ويؤكد مقاتل يقدم نفسه باسم ابو حسين (40 عاما)، وهو قائد مجموعة، ان “بعض عناصر الجيش السوري غير منضبطين… واحيانا غير كفوئين، وقد وجهوا اكثر من مرة نيرانهم عن طريق الخطأ الى مقاتلي الحزب”، مضيفا “ليست لديهم خبرة في حرب الشوارع”.

ويشير الى ان حزب الله يتولى “تدريب عناصر في جيش الدفاع الوطني وفي قوة انشئت حديثا يطلق عليها اسم +صقور الصحراء+ وتضم خصوصا متقاعدين في الجيش السوري”.

ويشير معهد الدراسات حول الحرب في واشنطن في تقرير صدر في نيسان الى ان حزب الله “لديه الآن كادرات بين المقاتلين اختبروا العمليات الهجومية داخل المدن”، بالاضافة الى “خبرة في التنسيق مع قوى حليفة في المعركة والقدرة على تامين امدادات لوجستية لوقت طويل”.

ودفع حزب الله ثمن تورطه العسكري في سوريا مقتل اكثر من 360 عنصرا من مقاتليه، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

كما بات هدفا لعمليات تفجير، معظمها انتحارية، استهدفت على مدى الاشهر الماضية مناطق عدة محسوبة عليه وقتل نتيجتها العشرات.

ويبرر حزب الله مشاركته في القتال السوري بمحاولة منع “المجموعات التكفيرية” من الوصول الى لبنان. كما اكد الامين العام للحزب حسن نصرالله انه لن يسمح بسقوط النظام السوري، حليف “المقاومة” الاول.

ويؤكد مقاتلو الحزب ان من يذهب الى سوريا لا يحتاج الى اقناع، مرددين الخطاب نفسه حول ضرورة ردع المتطرفين ومساندة بشار الاسد الذي “دعمنا في حرب تموز”.

ويقول فيليب سميث من جامعة ميريلاند الاميركية لفرانس برس انه بالنسبة الى العديد من عناصر حزب الله، المعركة هي ايضا “نوع من الجهاد الدفاعي عن المقامات الشيعية (مثل السيدة زينب قرب دمشق) في ظل هجمة على الطائفة الشيعية في المنطقة”.

وعلى الرغم من ان الخطاب العلني لحزب الله ينفي الطابع الطائفي للقتال في سوريا، الا ان تحول الحزب الى طرف في النزاع رفع حدة التوتر الشيعي السني في لبنان والمنطقة.

السابق
56 قذيفة سورية على الطفيل.. والأهالي يصرخون: انقذونا
التالي
القوى الأمنية تلقي القبض على «شبح عرمون» !