حوار ايراني – سعودي: حرب حول الأسد

بشار الاسد
ثمة روايتان في تفسير المتغيرات المحدودة في المشهد اللبناني امنياً وسياسياً واحدة من مصادر دبلوماسية عربية، وثانية تتبناها مصادر سياسية لبنانية خارج فريقي النزاع اي حزب الله وتيار المستقبل. لكن الروايتين تتقاطعان في تفسير الوقائع من الازمة السورية الى لبنان وليس العكس.

تسير الخطة الامنية من الشمال الى البقاع ومن ثمّ الى بيروت، وسط خطاب هادىء ومرحب من قبل حزب الله، وبالتأكيد مناخ الترحيب يتسع ليشمل مختلف القوى السياسية الفاعلة. غلبة روح التهدئة والدعوة الى الحوار واضحة في كل خطب مسؤولي حزب الله في اليومين الماضيين (نعيم قاسم، هاشم صفي الدين، محمد رعد، علي فياض…)، ويمكن ملاحظة تراجع لفظي في تصعيد لغة الحرب مع عدو حزب الله الجديد اي من يسميهم التكفيريين، مع تفاؤل عبر عنه الشيخ نعيم قاسم حيال امكانية تبني اطراف طاولة الحوار رؤية حزب الله للمقاومة ودورها في لبنان. في المقابل تحدث وزير العدل اللواء اشرف ريفي بصراحة عن فتح قنوات التواصل الامني بين تيار المستقبل وحزب الله، بعدما كانت اغلقت في الاشهر السابقة بعد تراجع ملحوظ في السنوات السابقة.

ماالجديد الذي مهد لنضوج شروط التواصل بين الطرفين، وما هي العوامل الاقليمية التي شجعت على هذا الآداء؟

ثمة روايتان في تفسير المتغيرات المحدودة في المشهد اللبناني امنياً وسياسياً واحدة من مصادر دبلوماسية عربية، وثانية تتبناها مصادر سياسية لبنانية خارج فريقي النزاع اي حزب الله وتيار المستقبل. لكن الروايتين تتقاطعان في تفسير الوقائع من الازمة السورية الى لبنان وليس العكس.

الرواية العربية تؤكد بدء مرحلة جديدة من الاتصالات الايرانية – السعودية بتشجيع اميركي، وبمشاركة اماراتية، وتؤكد المصادر ان الاتصالات تتم على مستوى الخبراء ويشكل مستقبل سورية عنوان البحث، كما تشير الى ان اللقاءات التي يرجح انها تتم في دولة الامارات العربية، تبحث في المرحلة الانتقالية وشروطها في سورية، السعودية على موقفها من ان لا وجود للاسد في المرحلة الانتقالية، فيما ايران التي تريد قواعد المرحلة الانتقالية ومسارها، تتمسك ببقاء النظام بما فيه الاسد. في المقابل تعتبر السعودية ان حل الازمة السورية بمعزل عن الاسد، هو مفتاح ايران السياسي والاقتصادي على دول الخليج والعالم العربي مع اقرارها على ضرورة استبعاد المجموعات الارهابية او التكفيرية كما تسميها ايران فضلا عن اي حكومة انتقالية.

وتؤكد المصادر ان هذه اللقاءات لا تعني ان الاتفاق بات قريباً، لكن هذه اللقاءات هي التي ترسخ مبدأ تحييد لبنان عن المواجهة بين الطرفين، وعن الصراع في سورية. كما أشارت هذه المصادر إن رغم الغموض الذي يحيط بمؤتمر جنيف 3   بعد فشل جنيف 2 ، تُتداول اسماء رؤساء حكومة انتقالية مفترضة في سورية هي: نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، اللواء السوري علي حبيب، ورجل الاعمال السوري أيمن الأصفري. وتلفت المصادر نفسها ان هذه اللقاءات تتم بعلم من قبل روسيا، وبقبول على رغم الازمة الناشئة حول اوكرانيا والقرم.

الرواية الثانية هي الاقل تفاؤلا ان لم نقل المتشائمة حيال الاقتراب من الوصول الى تسوية في سورية في المدى المنظور، وتربط هذه المصادر بين اتساع جبهات القتال في سورية والتهدئة في لبنان، “ولأن حزب الله معني بالجبهات في سورية والجبهة مع اسرائيل وفي الداخل اللبناني، كشفت الجبهة السورية ومتطلباتها المتفاقمة بالنسبة اليه، الحاجة الى التهدئة في الداخل، ومع اسرائيل. وبدت الانتصارات التي حققها في المقامات الدينية وفي القصير وفي يبرود والقلمون عموما، انها ادخلته اكثر فأكثر في الازمة السورية، وان التقدم في مكان يقابله تراجع في مكان آخر، خصوصا ان مشاركته في الحرب بعد نحو عامين تبدو بلا افق، بل حرب مفتوحة، وبالتالي فان التهدئة في الداخل اللبناني ومع اسرائيل هي خيار موضوعي في سلم اولويات خيار قيادته اليوم”.

وتضيف المصادر المتابعة للشأن الاقليمي، “ان الانكشاف الدولي في سورية، وفر تصعيداً عسكرياً سعودياً – تركياً وايرانياً، وعلى قاعدة حصر المواجهة في سورية. فالسعودية ومعها تركيا تريدان تعديل ميزان القوى في سورية تمهيدا للمرحلة الانتقالية” وتتوقع هذه المصادر “ان سياسة فتح كل الجبهات دفعة واحدة، هي الاستراتيجية التي تدفع قوى المعارضة وحلفائها لاعتمادها اليوم، من درعا الى حلب وريف حماه، وريف دمشق وجبهة الساحل”.

في الخلاصة: لن تحسم المعركة في سورية لكنها ستزيد من تورط حزب الله واستنزافه من جهة، مع توقع تمظهر اعراض التعب التي تفرضها حرب بلا افق على القوى النظامية بالدرجة الاولى، واعراض التعب من دوامة القتال الحزب اللهي في سورية، وهي اعراض على الافراد، وعلى السيكولوجيا، وتمسّ حتى القيادة العسكرية خصوصا ان معلومات بدأت تتسرب عن خلافات تفصيلية بدأت تظهر بين مقاتلي النظام من جهة ومقاتلي حزب الله والمجموعات العراقية المساندة من جهة ثانية. وهي الخلافات التي يمكن احالتها الى امتداد زمن القتال واعراض الحروب الاهلية. كل ذلك ينذر بمزيد من الخسائر البشرية والمادية، وهو ما تراقبه اسرائيل عن كثب، لذا تحصر تدخلها تحديدا في حركة السلاح الاستراتيجي.

السابق
سلام: تدخل حزب الله في سوريا غير مريح
التالي
OTV : لن تطوى صفحة 13 تشرين قبل ان يعاد الحق الى ضباط وعسكريين