عدوان لـ”النهار”: نرفض الإقرار بدولة حزب الله

منذ البداية نأت “القوات اللبنانية” بنفسها عن الحكومة وتعقيدات بيانها، لكنها لم تقف متفرجة على ما يجري، بل تخوض المعارك السياسية والاعلامية على كل الجبهات وتعلي السقف، لتفاجأ بالمياه تجري تحت قدميها في الاجتماعات السرية والاتفاقات التي تعقد بين حليفها الازرق وخصمها البرتقالي. وجهتها واحدة: الخطر الذي يشكله “حزب الله” على الدولة وكيانها، ومن هنا تطلق كل السهام وتتهيأ للمستقبل، وعينها على الجمهورية نظاما ورئاسة. كيف تواجه “القوات” الاستحقاقات الحكومية والرئاسية المقبلة؟ وكيف تتموضع وتتأقلم مع التحالفات الجديدة؟ وكيف تفسر الحملات على موقع رئاسة الجمهورية؟ وفي اي اطار تضعها؟ هذه الأسئلة وغيرها حملناها الى نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” وعضو كتلتها النائب جورج عدوان.

– ما الهدف من حملة “حزب الله” السياسية والاعلامية على رئيس الجمهورية الذي اعطى المقاومة ما لم يعطها حلفاؤها؟
– هذه الحملة لها اكثر من هدف. اولها ان الرئيس سليمان منذ اكثر من عام تأخذ مواقفه وقعا دوليا كبيرا، وتعيد وضع لبنان على مسار قيام الدولة، وتعزز هذا الامر بتحركه في المؤتمرات الدولية التي اقيمت من اجل لبنان، وبدعم الجيش الذي استطاع تأمينه من خلال الهبة السعودية، وهذه نقطة مفصلية، لانه عندما يقوى الجيش تسقط مقولة وجود جيوش الى جانب الجيش.
ثانياً، لا تزال عند رئيس الجمهورية مدة 3 اشهر تفصله عن الانتخابات الرئاسية، فأرادوا التهويل عليه ليخفض سقف المواقف، وخصوصا في ما يجري في سوريا، وفي تشكيل الحكومة وعملها في هذه المرحلة الانتقالية التي يجب ان تحضّر فيها للانتخابات الرئاسية.
ثالثاً، ليقولوا للرئيس الذي سينتخب إن هذا السقف في ممارسة مهمات الرئاسة على رأس المؤسسات وفرض هيبة الدولة، والقول إن لا سلاح فوق سلاح الشرعية لا يقبله “حزب الله”.
– هل نجحت الحملة وحققت اهدافها؟
– هذه الحملة أعطت نتيجة عكسية، لأن الجو السياسي الذي خلفته لرئيس الجمهورية من تأييد محلي ودولي جاء معاكسا تماما ، وهو استمر واضحا في قوله امام المجتمع الدولي في فرنسا ان “اعلان بعبدا” صار أعلى من البيان الوزاري، ومعتمداً من المجتمع الدولي والجامعة العربية. وعلى الصعيد الشخصي أكد الرئيس ان سياسة التهويل لا تنجح معه، وبالتالي الاهداف التي كانت مقصودة من هذه الحملة لم تتحقق. واليوم، شئنا ام ابينا، اصبح الجميع، الحكومة والانتخابات الرئاسية والجو السياسي، محكومين بهذا السقف الشرعي الذي وضعه رئيس البلاد.
– لماذا تعارضون ذكر المقاومة في البيان الوزاري وهي تمثل نصف اللبنانيين؟
– النقاش اليوم لا يتعلق بمقاومة الاحتلال. مقاومة دخول جيوش الاحتلال الى البلاد شيء، و”حزب الله” الذي يريد كلمة مقاومة التي تعنيه هو فقط شيء آخر. مقاومة شعب لاحتلال بلده حق مشروع في شرعة حقوق الانسان، وهي مقاومة لكل الناس، لكن ما يطلب اليوم هو شرعنة لحزب بوجود الدولة. في بلاد العالم تنشأ مقاومة الشعب عندما تنهار الدولة، لكن بوجود الدولة تقاوم هي بجيشها وبدعم من كل شعبها. هذه هي المفاهيم الدستورية والشرعية والدولية للمقاومة، يريدون ان يقلبوها ويقولوا لنا هناك دولة والى جانبها دولة ثانية لـ”حزب الله” لها حقوق الدولة نفسها، بل اكثر، فهي تقرر الحرب والسلم والذهاب الى بلد آخر لتحارب فيه، وتحمي متهمين من المحكمة الدولية، هذه الدولة يجب ان تقروا بشرعيتها. وهذا ما نرفضه. وكل خلاف اللبنانيين السياسي هو حول ذلك.

لا ثقة للحكومة
– حصل إجماع دولي في مؤتمر باريس على دعم لبنان وحكومته. ألستم نادمين على بقائكم خارجها؟
– لسنا نادمين. وما يحصل اليوم في البيان الوزاري، وما سيحصل غدا، سواء أخذت الحكومة الثقة او لا، سيبيّن صحة مقاربتنا وخطأ الآخرين. نحن نريد تفاهما وتسوية، انما على سياسة الحكومة وليس على الحصص والحقائب. وقلنا اذا كانت هناك فرصة تسوية لانقاذ لبنان فتعالوا نضع الحد المقبول الذي يحمي لبنان في السياسة، لأننا لن نحمي لبنان بحكومة نالت ثقة، ولكن عندها سياسات عدة. ثلاثة امور تؤمن الاستقرار الامني والاقتصادي وتسمح لنا بمحاربة الارهاب الذي لا مبرر له، هي: ان يكون اللبنانيون متفقين، وان تكون حدودنا مصونة في كل الاتجاهات، وان تكون لدينا سياسة مقبولة من الجميع نواجه بها كل الدول. وثلاثتها مفقودة، لاننا مختلفون على تدخل “حزب الله” في سوريا، وحدودنا سائبة في الاتجاهين، وكل وزير يطبق في وزارته سياسته الخاصة التي تختلف عن سياسة الحكومة. فعن اي حكومة نتكلم؟ عندنا حكومات لا حكومة، وعندنا وزارات لا وزارة.
– اذا وافق حلفاؤكم في 14 آذار داخل الحكومة على صيغة معينة في البيان الوزاري، فهل تمنحونها الثقة؟
– لن نعطي الثقة، لأننا من اول الطريق تحدثنا عن اتفاق فعلي، وليس لفظيا. انزلت قوى 14 آذار مليونية التظاهرات على اساس مبادئ محددة تعتمد مفهوم الدولة وقيامها وسيادتها، والمحكمة الدولية، وغيرها. لا يمكننا كـ”قوات لبنانية” ان نغطي هذه المبادئ بالالفاظ، بل بالافعال. نريد اجوبة واضحة عن الاسئلة الآتية: ماذا سيفعل “حزب الله” في شأن تدخله في سوريا؟ هل تضبط الحدود في الاتجاهين؟ ماذا ستكون سياسة لبنان الخارجية بوضوح؟ اذا حصلنا على اجوبة مقنعة نعطي الثقة، وإلا لا نريد ان نغطي احداً.
– ألا تعتقد انكم بعرقلة هذه الحكومة تعرقلون ايضاً الاستحقاق الرئاسي؟
– ابداً، نحن نحضر لاستحقاق رئاسي حقيقي. التسوية على هذه الحكومة ستؤدي الى تسوية على رئيس تطلق عليه صيغة الرئيس التوافقي، يعني يريدونه ان يوفق بين الدولة واللادولة، بين التدخل في سوريا وعدم التدخل، بين حماية الحدود وعدم حمايتها، بين المحكمة الدولية وعدم تسليم المتهمين، وبالتالي نحن ذاهبون في مسار فقدان شرعية الجمهورية، وشرعنة اللادولة في الجمهورية. ومن هنا التهويل اليوم على فخامة الرئيس، ليفهم الرئيس المقبل انه لكي يقبلوا به يجب ان يسلم بهذه الشروط. نحن منذ الآن نقول لن نسلم بهذه الامور، ولن ننتخب إلا رئيسا عنده مواقف واضحة وعلنية في هذه المواضيع.
من ناحية ثانية، يقولون للناس انه بمجرد ان تأخذ هذه الحكومة الثقة سيعم البلد مناخ ايجابي مرتبط بالاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي. لكن هذه الحكومة، بهذه التمايزات والاختلافات، لن تجلب شيئا لانهم سيختلفون على كل موضوع، والاستقرار يكون بالنأي بالنفس الفعلي عن سوريا، وهذه الحكومة جزء منها يخوض حربا في سوريا، والوضع الدولي اليوم تأزم لأن جنيف 2 سقط، ويريد النظام والمعارضة تحسين وضعيهما للتفاوض والحسم، وبالتالي ستستعر المعركة في سوريا وسيزداد تدخل “حزب الله”، وسيكون انعكاسه مباشرا على الاستقرار. ونحن نوهم الناس ان هذه الحكومة ستؤمن الاستقرار. مسارنا يختلف. نقول للبنانيين انسوا الحقائب ولنبحث في الحد المقبول لتأمين الاستقرار الذي لن يحصل، مهما كانت الحقيبة التي ننالها، في ظل تدخلكم في سوريا ومواقفكم.

الحريري وعون
– كيف تقوّمون التقارب بين تياري “المستقبل” و”الوطني الحر”؟ وهل يأتي على حساب “القوات اللبنانية”؟
– اي تقارب يحصل بين أفرقاء لبنانيين نحن معه في انتظار نتائجه. نحن نقول بالتفاهم مع الآخرين، ونريده حتى مع “حزب الله”. لكن موقفنا يتعلق بالنتيجة وليس باللقاء في ذاته.
– ولكن يبدو انه أثمر ولادة الحكومة.
– اذا أثمرت النتائج حكومة غير متفقة سياسيا تكون بالنسبة الينا سلبية. اذا التقوا وتبنى العماد عون مقولات 14 آذار لا نعتبرها على حسابنا، بل نهلل لها، فنحن لسنا حزب سلطة نقيس موقفنا بما نأخذه من الدولة، بل نحن حزب مشروع، ونقيس كم ربح المشروع الذي نناضل من اجله. اذا اتفق الحريري وعون وقال عون انه مع الدولة ضد اللادولة، وضد التدخل في سوريا ويريد حماية الحدود ، نهنىء الشيخ سعد على هذا النجاح ونؤيد الاتفاق، ولا نسأل اي فريق ربح وماذا ربح، لأنه يكون اتفاقا من اجل البلد ولمشروعنا الذي نحمله. واذا تم الاتفاق على عكس هذه المبادئ فسنكون ضده، اي ضد ما اتفقوا عليه.
– لماذا رفضتم اللقاء مع وفد “التيار الوطني” في السابق؟
– كان هناك سببان لعدم قبولنا : الاول اننا كنا خارجين للتو من تجربة قانون الانتخابات، وحصل تحوير كبير لما اتفق عليه في بكركي، حيث تم الاتفاق على امر وصوِّر موقفنا كقوات على شيء آخر. والثاني، اردنا تحديد جدول اعمال الاجتماع، حول اي مواضيع وأي اهداف سينعقد، اما اللقاء لمجرد الكلام فلا فائدة منه. واذا ارادوا مجرد التواصل فلماذا الايحاء ان شيئا ما يحدث؟

بكركي والاستحقاق
– هل من اجتماع للقيادات المسيحية قريباً في بكركي؟
– أرجح ذلك. اعتقد ان البطريرك، من خلال سعيه الدؤوب والجدي لتحصل الانتخابات الرئاسية في موعدها وفي اقرب وقت، سيدعو القيادات المسيحية الى الاجتماع، وتوجهه ان يحصل اتفاق على حضور الجلسة بغض النظر عن الفرص والمرشحين، وسيمضي قدما فيه.
– هل ستلتزمون قراره الحضور الى الانتخابات بغض النظر عن المرشحين؟
– قبل ان اقول سنلتزم، كنا اول من اطلق شعار: لماذا لا تكون معركة اختيار الافضل، وليست معركة نصاب؟ ولكي تحصل هذه المعركة الديموقراطية نلتزم كلنا الحضور، ويفوز من ينال اكثرية الاصوات.
– هل يمكن ان تتفقوا مع عون وسائر الأفرقاء المسيحيين على مرشح واحد، كما يسعى اليه البطريرك؟
– ما يهمنا من الموضوع هو مسار الرئيس الاوحد وخطه السياسي؟ هل يريد هذا الرئيس دولة او لادولة؟ هل يريد ان يكون كل السلاح مع الجيش؟ هل يريد اغلاق الحدود؟ هذا ما يهمنا. نحن سنؤيد الرئيس الذي يلتزم علنا هذه الأمور، والذي نعرف انه سيحترم هذا الالتزام العلني. والرئيس سليمان بما يفعله الآن وضع السقف الدستوري لممارسة رئيس الجمهورية، والذي كنا دائما ننادي به، وبالتالي يجب المحافظة عليه.
– هل سيترشح سمير جعجع للانتخابات الرئاسية؟
– هذا قرار لم يتخذه بعد حزب “القوات اللبنانية”.
– هل هي مناورة منه، لأنه معروف انه في لبنان لا يأتي رئيس من فريق معين؟
– نحن في حاجة الى رئيس لديه خيارات واضحة، وبرهن انه يحترمها، ويتحمل مسؤوليتها. والدكتور جعجع من الاشخاص الذين لديهم هذه المواصفات وهذه الخيارات، وبالتالي من الطبيعي ان يكون هناك تفكير جدي لدى “القوات اللبنانية” في خوض هذه المعركة.
– ماذا تنتظرون لتتخذوا قرار ترشيح جعجع أو تأييد شخص معين؟
– لن نصوت في القوات، مهما حصل من اتفاقات، إلا لشخص لديه مواقف واضحة مما سبق ذكره. وفي موعد ليس ببعيد، سنعلن موقفنا من انتخابات الرئاسة، وفي من سنرشح أو نؤيد.

السابق
مسؤول امني سابق لـ’النهار’ : الخاطفون محميون من سياسيين واحزاب
التالي
حانات بغداد الراحلة مع سكرات الشباب والكحول والشعر