الجامعة اللبنانية: عن طلاب فاسدين أكثر من الأساتذة!

تؤلمني كذلك حالة اليأس والخمول التي تنخر أرواح الطلاب الذين يرفضون التضحية لأجل الجامعة ويستسلمون أمام الواقع المفروض عليهم مخافة ممارسات حزبية انتقامية قد تعرقل مسارهم الأكاديمي والمهني. يؤلمني عدم اهتمام كثيرين من الطلاب بالشأن العام ولامبالاتهم بالمصلحة العامّة، وقصر نظرهم عن قصد او عن غير قصد، إذ إنّ الجامعة اللبنانية هي مستقبل اولادهم!

انتقدت في مقال سابق الجامعة اللبنانية من الناحية الادارية والاكاديمية، اضافة الى انتقادي بعض الاساتذة، وهنا اشدد على كلمة “بعض”، لأنّه لا يمكن تجاهل الكثير من الاساتذة ذوي المستوى الاكاديمي العالي والمتميز جدا. والهدف الدائم من الانتقاد هو الوصول الى جامعة لبنانية أفضل. لكن لا يكفي انتقاد هذا الطرف فقط لتحقيق هذا الهدف. إذ أن الطرف الآخر، اي الطلاب، لا يخلون من الأخطاء والتجاوزات.

ما يريده الطلاب من الجامعة اللبنانية هو النجاح. وهذا حقهم الطبيعي. إلا أنّ اغلبية الطلاب في العديد من الكليات يريدون ذلك دون فعل شيء ودون دراسة ودون تعب. وحجة البعض أنّ “الجامعة للفقراء”، ويبنون على هذا أنّه “يجب ان يكون النجاح فيها امرا محسوما مسبقا”. وهنا تحديدا يظهر انعدام مسؤولية بعض الطلاب اتجاه الجامعة وغياب الروح الطالبية البنّاءة.
جلّ ما يطالب به بعض الطلاب هو تخفيض معدلات النجاح والغاء موادّ او تخفيض عدد الموادّ المطلوب النجاح فيها للعبور من عام دراسي إلى آخر. ويأتيك من يحتجّ على الامتحانات وطريقة وضع الاسئلة وصعوبتها غالبا بغير وجه حقّ!

الجامعة اللبنانية بادىء الامر هي الجامعة الوطنية التي تمثل وجه لبنان الاكاديمي. وهي لم تكن يوما لفئة معيّنة من المواطنين الاغنياء او الفقراء، بل هي جامعة لكلّ اللبنانيين: فلماذا العمل والسعي الدائم لتدميرها او التقليل من شأنها او تخفيض مستواها؟ حتّى من بعض طلابها!

أيّ تغيير حقيقي داخل الجامعة اللبنانية يجب أن ينبع من الحركة الطالبية التي هي الاساس في أيّ تغيير، حتى التغيير الاجتماعي. ويؤلمني كثيرا ان ارى هذه الحركة مصادرة او محتكرة من بعض الجهات السياسية والاحزاب التي تتقاسم النفوذ في الكليات كما تتقاسم الجبنة.

تؤلمني كذلك حالة اليأس والخمول التي تنخر أرواح الطلاب الذين يرفضون التضحية لأجل الجامعة ويستسلمون أمام الواقع المفروض عليهم مخافة ممارسات حزبية انتقامية قد تعرقل مسارهم الأكاديمي والمهني.

يؤلمني عدم اهتمام كثيرين من الطلاب بالشأن العام ولامبالاتهم بالمصلحة العامّة، وقصر نظرهم عن قصد او عن غير قصد، إذ إنّ الجامعة اللبنانية هي مستقبل اولادهم!

لا بدّ من دعوة الشباب الجامعي في الجامعة اللبنانية الى التحرك والمبادرة والعمل التقني الموضوعي البنّاء وتكسير حواجز الخوف والصمت والطائفية والمناطقية والحزبية والزبائنية والرجعية المتخلّفة التي تحول دون تطور الجامعة اللبنانية.

ما ينقصنا في الجامعة هو القليل من الجرأة والمروءة والاقدام والامل بالتغيير والإيمان بأنفسنا وقدراتنا اولا واخيرا.. كي تصير جامعتنا أفضل من الجامعات الخاصّة.

السابق
البطّ لا يطير والخلد لا يرى: تحالفات جديدة في المنطقة
التالي
ناطق باسم الجيش الحر: الجربا تلقى 3 لكمات خلال شجار بين قادة الحر