احتراق دار آل الدرويش: محو آخر أثر للإقطاع

بعد تدمير دار الطيبية التي كان يحلو للبعض تسميتها "قبلة جبل عامل"، وبعدما اشترى أحد المستثمرين دارة آل الفضل في النبطية ليقوم على أنقاضها مركز تجاري، أتت نيران الصدفة ربما على آخر دور العائلات الجنوبية، الإقطاعية، وهي دار آل الدرويش في زفتا.

بعد تدمير  دار الطيبية التي كان يحلو للبعض تسميتها “قبلة جبل عامل”، وبعدما اشترى أحد المستثمرين دارة آل الفضل في النبطية ليقوم على أنقاضها مركز تجاري، أتت نيران الصدفة ربما على آخر دور العائلات الجنوبية، الإقطاعية، وهي دار آل الدرويش في زفتا.

يؤكد أصحاب القصر، الذين آلت إليهم ملكيته، أن “لا شيء مفتعل ولا اتهام لأحد”. لكن، بغضّ النظر عن السبب، فما وقع قد وقع. مع العلم أنّ ما كان يحتويه الدار من آثار ومخطوطات ومقتنيات أثرية يعادل خسارة القصر نفسه، بل ربما تتعداه.

باحتراق قصر آل الدرويش يخلو الجنوب من آخر آثار فترة الحكم العشائري: دار الطيبة مركز إطلالة آل الأسعد ومحور سياسة الجنوب لقرون قد دمرها العدو الإسرائيلي على دفعات متتالية، كان آخرها خلال عدوان 2006 . أما دارة آل الفضل التي رفعت عليها راية الحكومة العربية في النبطية، فلم يترك صاحبها النائب محمد بك الفضل ثروة كافية تؤمن بقاءها دارا مفتوحة. وربما حلّ توقيعه على العلم اللبنلني مع رجال الاستقلال محل دارته لتخليد ذكراه.

بالعودة الى تاريخ تلك العائلات فقد نشأ في الجنوب حلف ثلاثي يضم كلا من: الأسرة الوائلية التي ينتسب إليها آل الأسعد، والتامر والهادي وبزيع والأمين وحمزة وسلطان والبندر وغيرهم. والأسرة الصعبية التي ينتسب إليها آل الدرويش والأمين والصعبي والفضل، ثم المناكرة الذين يعود إليهم آل الجواد وآل الحسين وآل بندر والعرب والعلي.

حكم الوائليون بلاد بشارة في جبل عامل وحكم الصعبيون إقليم الشقيف أما المناكرة فحكموا إقليمي التفاح والشومر. وكان في بلدة جباع دار لهم صارت اليوم جزءا من المدرسة الرسمية. وكانت أمام الدار مشنقة لم يبق لها أثر.

في المحصلة، هناك مرحلة من تاريخ الجنوب قد طمست، برموزها ودورها وسيرة رجالها، حتى يخال من يقرأ التاريخ الحديث أنّ الرموز الجنوبية، والشيعية تحديدا، قد بدأت في أواخر الستينات فحسب.

في الجنوب اليوم قصر واحد تدار سياسته عن بعد. حتّى شهداء الجنوب وعلماؤه وزعماؤه ومكتباته قبل أربعة عقود – وهي فترة قصيرة في عمر الأوطان – ليس من يذكر ولا يتذكر ، فقد وقع عليهم التابوووو.

السابق
أمن الدولة يدهم مستودعا آخر للأدوية المزورة
التالي
صباحية الإعلام اللبناني: دردشة في الفراغ