الخميني نجح لانّه براغماتيكي

* “الليونة البطولية” بعد25 سنة على ولاية خامنئي
* انخراط إيران في مسار الدولة يطال “حزب الله” وغيره

أسعد حيدر
لا شك أنّ الإمام الخميني، راضٍ عن الثورة التي قادها قبل 35 سنة. الثورة ما زالت قوية وراسخة في إيران. صحيح أنّ عملية “تصدير الثورة” لم تنجح وتوقفت عند حدود مذهبيتها، إلاّ أنّها شكّلت لها “حاضنة” شعبية – شيعية على امتداد العالم الإسلامي.
لم يكن الإمام الخميني قائد ثورة وثورياً فقط. كان أكثر القادة براغماتيكية، على الصعيدين الفقهي وهو العالِم الخارج من قلب قم والنجف، والسياسي الذي عرف متى يقدّم مصلحة البلاد على كل شيء. لذلك، فإنّ الخميني، الذي لم يقدّم أي تنازل وهو يقود الثورة، أقدم على أخطر قراراته “فشرب كأس السم وقَبِلَ إنهاء الحرب مع العراق”.
أيضاً، لو لم يكن مدركاً ومؤمناً أنّ مصلحة الشعب تتقدّم على كل شيء، لما أفتى يوماً بأنّه إذاً اقتضت مصلحة الشعب إزالة جامع لإكمال بناء طريق أو جسر يخدمهما فإنّ هدم الجامع مقبول، وينفذ.
اليوم، تحتفل إيران بالذكرى 35 للثورة، فماذا عن خليفة الإمام الخميني، المرشد آية الله علي خامنئي، وهو يقف أمام الشعب الإيراني بعد 25 سنة على تزعّمه للجمهورية الإسلامية في إيران على قاعدة ولاية الفقيه التي تمنحه سلطات مطلقة لا مثيل لها في العالم.
لا شك أنّ المرشد خامنئي، راضٍ عن تحوّل الجمهورية الإسلامية في إيران إلى قوّة كبيرة ذات حضور ونفوذ واسع في الشرق الأوسط الكبيرـ وأنّ هذه القوّة هي قوّة نووية لم يعد بينها وبين اكتساب الشرعية الدولية وتحديداً الأميركية سوى خطوة، وأنّ نفوذ إيران – الخامنيئية موجود في كل البؤر المشتعلة مما يفرض مشاركتها في كل الحلول التي سيُتفق عليها، لكن لكل حل مقابله تبعاً لحجمه ومكانته من افغانستان إلى سوريا وفلسطين.
مقابل الشرعية الدولية التي يطلبها، اعتمد المرشد مبدأ “الليونة البطولية”، وهو رغم كل الخطابات والتصريحات التي يجيدها أنصار “الثورة” لم يصل بعد إلى الحسم نهائياً، لا لأنّه ليس “براغماتيكياً” كما الإمام الخميني، ولكن لأنّه، رغم “الولاية المطلقة”، لم يحصل على الشرعية التاريخية للخميني التي جعلت كلمته الكلمة الجامعة والحاسمة.
الجمهورية الإسلامية في إيران تقف على مفترق طرق لا مجال أمامها سوى تحديد خياراتها والالتزام بواجباتها ونتائجها. حان الوقت كما هو واضح من مسار “الجمهورية الروحانية” الحسم والدخول نهائياً في مسار “الدولة” قولاً وعملاً، الآن وليس غداً.
أولى نتائج هذا الانخراط، أنّ الجمهورية لا يمكنها بعد أن تخلّت عن المواجهة مع “الشيطان الأكبر”، الاستمرار في إطلاق بعض الجنرالات تهديدات عسكرية ضدّ الولايات المتحدة الأميركية حتى لو كان ذلك لكسب حفنة من الدولارات تُضاف إلى الميزانية العسكرية.
أيضاً وهو مهم جداً، لا يمكن الاستمرار في الصعود إلى الفضاء، والانزلاق المستمر لأكثر من نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر. لا يمكن للمرشد الاستمرار في فرض سياسة تنتج وقوف عشرات الألوف في صفوف طويلة للحصول على “إعاشة” لا تغني عن جوع. الاتحاد السوفياتي كان أغنى وأقوى بكثير من إيران وتفتت.
هذا الانخراط في مسار الدولة، يفرض “ترشيد” إيران سياستها الثورية، إذ لا يمكن الجمع بين مبدأ الوقوف مع المظلوم والحرب ضدّه كما في سوريا حالياً، ولا يمكن بعد أن تحوّلت إيران إلى “حاضنة” أو “أم حنون” للشيعة في العراق ولبنان وصولاً إلى باكستان إلا اعتماد البراغماتيكية في تعاملها مع دولهم، من ذلك تشجيع “حزب الله” على تدعيم الدولة اللبنانية وليس دفعها إلى الفراغ بسبب الحرب في سوريا لإنقاذ الأسد.
الرئيس حسن روحاني، قادر أن يكون دينغ سياو بنغ – إيران شرط أن يتمتّع المرشد خامنئي ببراغماتيكية الإمام الخميني، فيتركه يعمل بعد أن يزيح من طريقه “ألغام” المحافظين المتشددين وغيرهم.

السابق
البنتاغون: لسنا معنيين بخطط البحرية الايرانية في الاطلسي
التالي
اللواء: 8 آذار تدفع التأليف إلى المأزق .. وتسعى لاقتناص الداخلية