ما الفارق والاضافه بين مواقف سعد الحريري؟

سعد الحريري

امام مبنى المحكمة الدولية كان الرئيس سعد يتعالى على الجراح الشخصيه ويذهب نحو المسؤوليات الوطنية الخالصة كرجل دولة، التي كانت فعل ايمان بمبادئ والده الشهيد، فيطمئن لما انجز لناحية الـ”الحقيقة”، المطلب الاول لثورة الارز بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، التي اصبحت محققة من خلال انطلاق اعمال المحكمة الدولية لمحاكمة القتلة. وليذهب الى الحفاظ على “البلد” انطلاقا من موقفه بالقبول المشاركة في حكومة جامعة بغض النظر ان شكلت ام لا، او ان شكلت ولم تكمل طريقها نحوالثقة الدستورية. فعبّر من خلال موقفه عن الاصرار بالحفاظ على المؤسسات او ما تبقى لنا من مؤسسات في ظل الفراغ الذي ضرب اجهزة النظام السياسي التي تنتج وتجدد الطبقة السياسية وتمثل جزءا اساسيا من النظام الديمقراطي. ولطالما كان هدفا اساسيا لتيار المستقبل وقوى 14 آذار في كل المحطات منذ 2005 حتى اليوم.

في مقابلته المتلفزة مع الصحافية بولا يعقوبيان كان يفصح عن المشروع المقبل وعنوان المرحلة الآتية: “الاعتدال”، من العراق الى سوريا الى لبنان، داعيا الى الثبات على هذا النهج بوصفه السلاح الوحيد الناجع في مواجهة موجة التطرف والارهاب التي تضرب منطقتنا العربية، خصوصا لبنان. ووسم طائفة عريقة بالاعتدال بصفة الارهاب والتطرف ليبرر تطرف وارهاب الطرف الآخر.

لقد قدم الرئيس الحريري مشروعا ينتمي الى تاريخ وثقافة اصيلة ومشروعا ينتمي الى مستقبل العالم العربي وشعبه المتحرر من قمع انظمة حكمت على مدى الـ40 سنة الماضية هذه الشعوب بالحديد والنار وكم الافواه وقمع العقول واغتيال الهمم الساعية لتطوير بلادها ومجتمعاتها نحو التقدم والرقيّ وبناء ديمقراطيات حقيقية وتحصيل حقوق الانسان المستباحة بأبشع الاساليب.

في الثانية كان الحقّ اقوى وأمضى من خلال اصرار المضطهَد على التمسك بموقعه ودوره وحقوقه في المشاركة السياسية، واوقف الحماسة الدافعة باتجاه الامتناع عن المشاركة في الحكومة لاسباب مشروعة، الا انها فرصة جديدة للخصم في اقصائه ومن يمثل عن السلطه السياسية التي هي هدف كل حزب سياسي ديمقراطي في حال كان الخيار بالمقاطعة.

هنا يمكننا العوده الى التسعينيات عندما جاء الاتفاق الدولي، أي إتفاق الطائف، ليضع حدا لحرب دامت عشرات السنوات وذهب ضحيتها الآلاف، وجاء الاتفاق بتركيبة من القوى السياسية وغالبها كان من المتحاربين الآتين الى اللعبة السياسية. ورأت القوى المسيحيه في حينه انها قد هُضمت حقوقها وأنها مستهدفة، فاختارت المقاطعة. ورغم الدعم “الأميركي” لهذه القوى الا انها بقيت خارج العملية السياسية، فدخل سمير جعجع الى السجن لـ13 عاما، وميشال عون الى فرنسا لـ15 عاما، وامين جميل وآخرون الى أمكنة أخرى. وانطلقت دولة ما بعد الطائف بدونهم حتى 2005 فكانت ثورة الارز التي صححت المسار.

اليوم سعد الحريري لم يمتنع ولن يمتنع عن ممارسه دوره والقيام بمسؤولياته تجاه من يمثل من الشعب اللبناني وعلى مستوى طائفته. فلم يذهب بهم الى التقوقع واجترار مشاعر الأسى والحزن على واقع الحال بل ذهب بهم قدما نحو اصرار اكبر وصمود اقوى في وجه محاولات الاقصاء والاغتيال السياسي مع ما رافقه من اغتيال جسدي لكل الشهداء من رفيق الحريري الى محمد شطح.

فهنالك قاعده ثابته في تاريخ لبنان وهي ان الاتفاقات الدولية لها الكلمة العليا ابتداء من وجود لبنان 1943 حتى اليوم. فإما ان تتعامل مع الواقع أوأن تصبح خارجه، فاختار الحريري البقاء والاصرار على مواقفه مضيفا الى المضمون السياسي لمبادئه واقعية تسمح لهذه المبادئ ان تأخذ بذكاء حقها في الوجود والسير نحو زياده حظوظ التحقيق.

انه الفارق بين ان تكون او لا تكون، والاضافة الضرورية على المبادىء بواقعية تمدّها بالحياة.

السابق
لبنان الأسوأ بالإنترنت في العالم.. قبل جزيرة فانواتو
التالي
3 جرحى في سقوط 4 قذائف من الجانب السوري على عكار