هذا هو قانون الإنتخابات النيابية

في مثل هذا الشهر من السنة المقبلة يكون مجلس النواب الحالي يُودِّع ساحة النجمة ليدخل إلى مبنى البرلمان مجلس نواب جديد، فولاية المجلس الحالي تنتهي في العشرين من تشرين الثاني 2014، أي بعد حوالى سنة بالتمام والكمال، وذلك بفضل قانون التمديد الذي كتب عمراً جديداً للمجلس الحالي من حزيران الماضي إلى تشرين الثاني 2014.
هذه المدة انقضى منها حتى الآن خمسة أشهر تقريباً، وهذا ما دفع رئيس مجلس النواب إلى التحذير من انه انقضى ما يقارب ثلث المهلة الممددة للمجلس النيابي قرابة الخمسة أشهر من أصل سبعة عشر شهراً ولم نفعل شيئاً في موضوع القانون الجديد للإنتخابات، مع العلم ان هذا الإستحقاق يعتبر من المهمات الأولى لهذا المجلس الممدد له، وهناك مسؤولية على الجميع لإنجاز هذا الإستحقاق.
***
صحيحٌ ان هناك مسؤولية، ولكن هل صحيح ان مَن يُفتَرض بهم تحمّلها، ولا سيما من النواب، يتحمّلونها فعلاً؟
هناك ريبة في الموضوع، فالكثير من النواب غير متحمِّسين لوضع قانون جديد للإنتخابات لأن البديل منه يناسبهم وهو… الإمعان في التمديد.

***
لكن في المقابل، وفيما النواب عاجزون أو متلكئون عن الوصول إلى قانون جديد للإنتخابات، هناك في البلد مَن يُبدون حرصهم على أن يكون هناك قانون عصري للإنتخابات النيابية يراعي معايير هامة من أبرزها:
المساواة بين المواطنين والعدالة في التمثيل.
هذه المجموعة من الحريصين عكفت، ومنذ تأكدت أن اقتراحات القوانين التي تُدرَس والتي تُوضَع، هي اقتراحات تولَد ميتة أو على الأقل معقَّدة ومتشابكة وغير قابلة للتنفيذ بسبب تعقيداتها وعدم بساطتها وسهولتها بالنسبة إلى الناخب، عكفت إذاً على وضع اقتراح قانون، آخذةً بعين الإعتبار الهواجس والمخاوف والتساؤلات، وبعدما درستها جميعها وضعت إقتراح قانون أقل ما يُقال فيه إنه متوازن وموزون وسهل التطبيق، إلى درجة ان الذين تسنّى لهم الإطلاع عليه، وهُم قلة قليلة، كان انطباعهم أنه في حال تمَّ إقراره اليوم فإن بالإمكان إجراء الإنتخابات غداً.
***
حصلنا على نص اقتراح القانون منذ أكثر من شهر من المصدر الأكثر قرباً واطلاعاً، ولكن حرصاً منّا على تغليب المصلحة الوطنية على السبق الصحافي آثرت عدم الكشف عنه ليجول جولته على المراجع والمرجعيات والأقطاب وخبراء الإنتخابات، ولكن بعدما جال جولته رأينا وارتأينا أن نكشفه لأن من شأن ذلك أن يُصوِّب النقاش وأن يضعه في المكان الذي يجب أن يكون فيه، أي عند الرأي العام وليس في مجلس النواب، فقانون الإنتخابات أهم وأخطر من أن يناقشه النواب وحدهم.
لقد جاء في مقدِّمة اقتراح القانون:
لكي يكون لصوت الناخب قيمة لجهة المساءلة والمحاسبة في النظام اللبناني الديمقراطي، ولكي تُصان فعلياً وواقعياً المساواة في المقاعد النيابية بين المسيحيين والمسلمين، فإننا نقترح القانون التالي للإنتخابات النيابية:
مادة أولى:
يقسم لبنان إلى ستٍ وعشرين دائرة إنتخابية وفقاً لقانون 1960 المُعدَّل في الدوحة.
مادة ثانية، بندٌ أول:
ثماني دوائر منها، تتمثَّل بنواب مسيحيين فقط وهي دوائر زغرتا، بشري، الكورة، البترون، كسروان، المتن، الأشرفية، جزين.
وخمس دوائر تتمثَّل بنواب مسلمين فقط وهي دوائر المنية الضنية، صيدا، النبطية، صور، بنت جبيل.
بندٌ ثانٍ من المادة الثانية:
الناخبون في كلٍّ من هذه الدوائر هُم من طوائف ومذاهب مختلفة، وينتخب كلٌّ منهم نواب دائرته.
***
مادة ثالثة:
الثلاث عشرة دائرة المتبقية من 26 دائرة من تقسيمات 1960، هي دوائر مختلطة يمثلها نواب من طوائف ومذاهب مسيحية وإسلامية مختلفة، وهي دوائر عكار، طرابلس، جبيل، بيروت الثالثة، بعبدا، الشوف، عاليه، الزهراني، مرجعيون، زحلة، البقاع الغربي، بعلبك الهرمل.
مادة رابعة:
في كل واحدة من هذه الدوائر، ينتخب الناخبون المسيحيون النواب المسيحيين والناخبون المسلمون النواب المسلمين.
مادة خامسة:
لكل ناخبٍ من أي دائرة تتوافر فيه شروط الترشيح، ان يترشَّح في دائرةٍ واحدة لا غير يختارها بين الدوائر الإنتخابية.
***
وجاء في الأسباب الموجِبة لإقتراح القانون هذا:
هذا الإقتراح يؤمِّن المناصفة الدستورية والفعلية بين المسيحيين والمسلمين المنصوص عنها في المادة 24 من الدستور، ويحرر قانون الإنتخابات من كل ما يُحكى عن النسبية والصوت المُرجِّح وتعقيداتهما، وما يُثار بشأنهما من اعتراضات من أكثر من فريقٍ سياسي.
وهذا الإقتراح يحفظ لكل ناخبٍ حقه بالإقتراع، وإذا ما أراد أن يترشَّح للإنتخابات النيابية في غير دائرته الإنتخابية فبإمكانه أن يترشَّح في أي دائرة في لبنان فلا يُحرَم لا من حق الإقتراع ولا من حق الترشح.
***
وورد في ختام هذه الأسباب الموجِبة:
إن هذا الإقتراح يُمثِّل الصيغة الأفضل لتمثيل نيابي صحيح لشتى فئات الشعب وفعالية ذلك التثميل تنفيذاً لمقتضيات الوفاق الوطني، وللأحكام الدستورية التي لا تزال خاضعة للإعتبارات الطائفية بانتظار تخطيها وفقاً للخطة المرحلية المرسومة في المادة 95 من الدستور.
***
على مجلس النواب أن يتلقَّف اقتراح القانون هذا، فيضع جانباً الإقتراحات المستحيلة كالنسبية وغيرها، ويُحوِّل هذا الإقتراح إلى قانون، وعندها يتم تقصير الولاية الممددة وتتم الإنتخابات النيابية قبل الرئاسية فيكون على عاتق مجلس النواب الجديد المنبثق خارج الإصطفافات الحالية، إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيتحقق ربيعان في ربيع واحد:
ربيع النيابة وربيع الرئاسة.

السابق
تكريت تشييع غية وشربل يعلن التوصل إلى خيوط مهمة
التالي
خمسة وتسعون ملياراً… فقط؟