حراس الرئاسة.. أم اللعنة؟

لا تختلف مقدمات المواقف والمقاربات المارونية حيال استحقاق الانتخابات الرئاسية عن تلك التي سبقت سقطة التمديد لمجلس النواب الحالي. بدا الامر آنذاك سويا ودستوريا ليخلص الى فوضى اختلطت فيها مسؤولية المسيحيين بمسؤولية سواهم لكنهم تحملوا وحملوا الغرم الاكبر في الاطاحة بقانون انتخاب جديد.
نقول ان المقدمات الرئاسية من الاعلان المتكرر للرئيس ميشال سليمان انه يرفض التمديد الى تشديد الزعماء الموارنة ومنهم الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع على حتمية اجراء الانتخابات الرئاسية ورفض التمديد والتجديد ايضا هي نقطة النظام التي لا يجوزللمسيحيين عموما الا ان يطلقوا على اساسها الاستحقاق الرئاسي. وليس من المبالغة ابدا ان ترتسم مسؤوليتهم المصيرية مرة اخرى بعد واكثر من اي حقبة سابقة.
ان لم يحرك المسيحيون ساكنا هذه المرة فالفراغ لن يكون على شاكلة الماضي. الضرر هذه المرة عضوي وجوهري في صلب النظام وعلى الطائف الذي يتربص به متربصون يدركون ان اللحظة حانت لتسديد الضربة القاتلة. واذا كان الرئيس سليمان نجح بشق النفس في استقطاب دعم دولي ومظلة لتحييد لبنان مبدئيا عن الاهوال الوافدة اليه من الصراع السوري عبر عراضة اممية مشهودة قبل اسبوعين فان هذه المظلة لن تكون كافية وحدها لحماية الاستحقاق الدستوري ما لم يندفع اللبنانيون وبالاخص المسيحيون الى اعلاء الصوت لحماية الرئاسة والجمهورية بالوسيلة الحلال الشرعية وهي الانتخابات مهما بلغ الثمن.
في اشد الازمنة قتامة بحيث لا يرعوي رأس النظام السوري عن تحدي الشعور العالمي بحملة دعائية واسعة يخترق فيها الرأي العام الغربي ولا يرف له جفن في اعلان استعداده الاستفزازي لـ”الترشح” مجددا للرئاسة السورية، اقل ما ينبغي على القوى المسيحية ان تتحمل مسؤوليتها التاريخية باجتذاب جميع القوى اللبنانية الاخرى وعبرها المجتمع الاقليمي والدولي الى انتخابات نظامية طبيعية واذا عجزت فليكن امرا واقعا عندها يبعثر كل التحالفات ويقوضها.
المهم الا تتكرر تلك اللعنة التي رافقت مهزلة القانون الارثوذكسي وما اعقبها من تحميل المسيحيين تبعة الخطيئة الكبرى في اسقاط الاستحقاق النيابي. نقول ذلك ونحن نعاين بوادر “الزهد ” او “التعفف” عن الترشح لدى مرشحين كبار فيما لا تخفى ملامح المناورات الكامنة وراء ذلك. لا بأس بالمناورة السياسية ان كانت الطريق الى احياء تنافس يؤدي الى انتخابات. ولكن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والمحاذير السابقة لا تزال ماثلة في جلودنا. لدى المسيحيين القدرة على فرض الاستحقاق ان تعاملوا معه على اساس نظرة اوسع واعمق واخطر الى مصيرهم ومصير النظام اللبناني في شرق اوسط يتداعى تماما. وما دام العالم يتسامح مع ترشح رئيس النظام السوري فهل مسموح الفراغ في لبنان؟

السابق
توقيف 66 شخصا لارتكابهم افعالا جرمية
التالي
مصر تحتفل.. والشركاء غائبون