السفير: الحكومة محرجة و التأخير جريمة

كتبت “السفير” تقول: لا يخفى على أحد أن هناك محاولات سياسية مكشوفة للاختباء وراء مجموعة أسباب واهية للهروب من تحمل مسؤولية الدعوة إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، تكون مخصصة لإصدار المرسومين المتعلقين بـ”البلوكات” النفطية البحرية.
من هذه الأسباب عدم جواز عقد الجلسة دستورياً، غير أن كل أجوبة المراجع الدستورية تقاطعت عند اعتبار أن كل ما يمكن أن تقدم عليه الحكومة في هذا الشأن لا يتجاوز لا المسؤولية الوطنية ولا المصلحة العليا للدولة اللبنانية ولا الحدود الضيقة لتصريف الأعمال.
ومن الأسباب أيضاً أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط يرفضون الدعوة الى مثل هذه الجلسة، كل لأسبابه، وبعضها يتقاطع وإرادات خارجية من جهة، وتعليمات لبنانية من جهة ثانية، غير أن عملية رصد المواقف بيّنت عكس ذلك تماماً.  لذلك، لم يعد بمقدور أحد أن يتهرب من الدعوة إلى جلسة استثنائية لحكومة تصريف الأعمال.
ليس لأن إسرائيل لا تخفي أطماعها بالثروة النفطية والغازية اللبنانية، ولو أنها تحاول الإيحاء بالعكس، وليس لأنها سبقت لبنان بأشواط بعيدة، وليس لأنها تهدد بإشعال نوع جديد من الحروب بينها وبين لبنان.  ليس لذلك كله، بل لأن الكل يواجه اليوم اختبار المسؤولية الوطنية، عبر الإسراع في إقرار ما يلزم من قوانين ومراسيم تكفل حق لبنان باستثمار ثروته النفطية وعدم تنازله عن نقطة نفط وغاز واحدة.
ولعل الموقف الذي بادر إليه الرئيس ميشال سليمان يشكل منطلقاً لوضع الأمور على السكة الصحيحة، حيث أكدت أوساطه، ليل أمس، لـ”السفير” أنه استناداً إلى النص الدستوري القائل بأنه على رئيس الحكومة أن يطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على جدول الأعمال، “سننتظر عودة الرئيس نجيب ميقاتي من الولايات المتحدة من أجل البحث معه في موضوع دعوة مجلس الوزراء للانعقاد استثنائياً لبت موضوع المراسيم النفطية”.
وقالت أوساط ميقاتي لـ”السفير” إنه كان مستعداً للدعوة إلى هذه الجلسة منذ فترة طويلة، لكنه كان ينتظر حل بعض الأمور، مخافة أن تعطي جلسة كهذه مفاعيل سلبية، فإذا توافر الإجماع السياسي وانتفت الموانع الدستورية لا مانع من الدعوة الى جلسة كهذه، وشددت على أنه بعد عودة ميقاتي من الخارج، سيحتل هذا الأمر أولوية، ودعت في الوقت نفسه، الى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، حتى لا يغرق البعض لاحقاً في تفسير أية خطوة حكومية استثنائية، بأنها محاولة لإعادة تعويم الحكومة المستقيلة.
بدوره، دعا رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط الى الأخذ بتوصيات هيئة إدارة قطاع البترول، ونفى جنبلاط ما يردده البعض من أنه يلعب دوراً معطلاً لانعقاد مجلس الوزراء استثنائياً للبحث في موضوع النفط، وقال لـ”السفير” إن المسألة “ليست عندي، وصيغة المخرج يمكن ان توجد بين الرؤساء، ومن جهتي اذا كانت المسألة تتطلب امراً استثنائياً لحلها، فليس لدي مانع على الإطلاق، ولكن الأهم ان يؤخذ بتوصيات هيئة ادارة قطاع البترول”.
أضاف جنبلاط: “لطالما ناديت بأنه لا بد من الوصول الى التلزيم في مسألة النفط كي يستفيد لبنان من هذه الثروة المدفونة، ولطالما اكدت ان التأخير في تشكيل الحكومة يؤدي الى مآزق اقتصادية ومعيشية واجتماعية ، ويحرم لبنان من امور اساسية وفي مقدمها التنقيب عن النفط والغاز”.
يذكر أن الرئيس نبيه بري و”حزب الله” والعماد ميشال عون وباقي مكونات الحكومة الميقاتية، كانوا قد أعلنوا في وقت سابق موافقتهم على الدعوة الى جلسة نفطية استثنائية لحكومة تصريف الأعمال.
في هذا الوقت، اصدر وزير الطاقة والمياه جبران باسيل قراراً قضى للمرة الثانية، على التوالي، بتأجيل المزايدة من قبل الشركات المؤهلة في دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية، من تاريخ العاشر من كانون الأول 2013 إلى تاريخ العاشر من كانون الثاني 2014.
ورفع باسيل كتاباً الى رئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال طالبهما فيه بالدعوة الى جلسة استثنائية للحكومة “لإصدار المرسومين المتعلقين بالبلوكات البحرية وبدفتر الشروط ونموذج عقد الاستكشاف والإنتاج، وذلك حفاظاً على الثروة النفطية وحماية لها من أي تعطيل داخلي حاصل ومن أي تعدٍ خارجي، خاصة من قبل إسرائيل بحسب ما تدل عليه المؤشرات والإجراءات العملية المتخذة من قبلها تباعاً”.
ورداً على سؤال، قال باسيل لـ”السفير”: “لا علاقة للمرسومين بما يطرحه الرئيس بري”، مؤكداً أننا “لا نستطيع أبداً تلزيم “البلوكات” العشرة كلها دفعة واحدة، كما يطالب رئيس المجلس، لأننا اذا لزمناها في وقت واحد، ماذا نكون قد تركنا للشركة الوطنية”، معتبراً أن ذلك “يهدد بفشل المناقصة وتضييع ثروة لبنان باتفاقيات تفتقد الى التنافس والشفافية”.
وعما اذا كانت هناك جهوزية للتلزيم بدءاً من “البلوكات” الجنوبية، كما يطالب بري، أجاب باسيل: نحن حددنا “بلوكين” في الجنوب، وهذا ما ادى الى استفزاز إسرائيل، إن التلزيم في الجنوب اولوية، وحريصون على هذا التلزيم ومستعدون للتلزيم فوراً، نحن حريصون على نفط لبنان، سواء في الجنوب او الشمال او أي منطقة، ولذلك ومن منطلق الحفاظ على نفط لبنان لا نستطيع ان نلزم كل بلوكات الجنوب وكل البلوكات الاخرى”.
وفي السياق نفسه، قال الخبير المتخصص في الشأن البحري الحدودي اللواء المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي لـ”السفير”: إن على لبنان ان يصر على استثمار الحقل الجنوبي، لأن عدم الاستثمار فيه يمكن ان يؤدي الى ضياع حق لبنان، ودعا الى تلزيم “البلوكات” دفعة واحدة.

السابق
أندرسن للنهار: لسنا معنيّين بـحزب الله
التالي
الديار: المحكمة الدولية تطالب لبنان بالتمويل وميقاتي يرى صعوبة ذلك اثناء تصريف الاعمال