الشرق الأوسط : لبنان: مخاوف من عمليات ثأرية بين السنة والشيعة بعد اشتباكات بعلبك “الجماعة الإسلامية” تطالب بالإبقاء على انتشار الجيش للخروج من “الأمن الذاتي”

تبت “الشرق الأوسط ” تقول : لم تنته تداعيات الاشتباكات بين عناصر من حزب الله وآل الشياح في مدينة بعلبك، بشمال شرقي لبنان، أول من أمس، مع تشييع القتلى الثلاثة. إذ شهدت المدينة حالة من الحذر، وسط مخاوف من عمليات ثأرية بين العائلات في منطقة يغلب فيها المنطق العشائري، وتتسم بطابع الأخذ بالثأر.
ينظر أهالي المدينة إلى تسلم الجيش اللبناني حواجز حزب الله التي كانت قائمة في المدينة، وانتشار عناصره في الأحياء، بارتياح، وسط مطالب بتنفيذ الخطة الأمنية التي كانت الدولة اللبنانية قد طبقتها في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، على بعلبك أيضا. وبدا أمس، أن الاهتمام الرسمي بهذا الجانب، اتخذ طابعا جديا، تجنبا لصدامات محتملة في أحياء متداخلة بين السنة والشيعة.
وزير الداخلية والبلديات اللبناني في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أفاد بأن “الجيش للبناني سيطر على الوضع في المدينة وأعاد الاستقرار إليها”، مشيرا إلى أن “الخطة الأمنية التي نفذت في الضاحية ستنسحب على بعلبك وطرابلس، بفضل جهود جميع المعنيين المتفاعلين إلى أقصى درجة مع القوى الأمنية”.
ولكن في هذه الأثناء، تتزايد المخاوف من عمليات ثأرية بين السنة والشيعة على خلفية الاشتباكات الأخيرة التي “انتهت، لكن تداعياتها لم تنته بعد”، كما يقول الدكتور عماد الحوت، النائب في البرلمان عن “الجماعة الإسلامية”، في تصريحاته لـ”الشرق الأوسط”، مشيرا إلى أن “ذيول تلك الاشتباكات، ترتب على الدولة اللبنانية عبئا إضافيا”.
وأكد نائب “الجماعة الإسلامية”، التي عملت على تهدئة الوضع الأمني في بعلبك، أن حصر التداعيات “يحتاج إلى ثلاثة إجراءات تتخذها الدولة، أولها: ألا تقتصر الخطة الأمنية على مدينة بعلبك، بل يجب أن تستكمل لتشمل كافة مناطق البقاع الشمالي، كي يطمئن المواطن”. وشدد الحوت على وجوب متابعة الدولة القضية وتوقيفها المتورطين بإطلاق النار، وإلقاء القبض أيضا على كل من أقدم على إحراق المحال التجارية في السوق التجارية، ليعرف المتورطون، لأي جهة انتموا، أنه يجب معاقبتهم، ولن يمر الأمر بهذه البساطة.
وتوقف الحوت عند أهمية “استمرار الإجراءات والتدابير الأمنية الرسمية، وألا تكون مؤقتة”، مشددا على أن استمرار تلك الإجراءات الرسمية “يخرجنا من صيغة الأمن الذاتي الذي اعتمد في بعض المناطق اللبنانية”، في إشارة إلى إجراءات حزب الله الأمنية بعد انفجار الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت، في 15 أغسطس (آب) الماضي.

ومن ناحية ثانية، نفى الحوت أن “يكون الاشتباك ناتجا عن تدفق النزوح السوري إلى المدينة”، مؤكدا “ألا علاقة للنزوح السوري بالإشكال، كونه وقع بين أهالي بعلبك وحاجز مسلح”. وتابع أن القضية “ناتجة عن إجراءات أمن ذاتي تسببت باحتكاك مع أبناء المدينة”، نافيا في الوقت نفسه “الادعاءات أن يكون للنازحين السوريين، أو جبهة النصرة علاقة بالقضية”.
جدير بالذكر أن ثمة تداخلا للمناطق والأحياء التي يسكنها الشيعة والسنة في مدينة بعلبك، على الرغم من أن حيا واحدا في المدينة، هو حي آل صلح، يعتبر حيا سنيا صرفا. هذا، وكانت نسبة السكان في المدينة متقاربة بين الشيعة والسنة قبل 30 سنة، في حين تشير مصادر أهلية في المدينة إلى أن نسبة الشيعة ارتفعت لتصل اليوم إلى نحو 60 في المائة، ويتقاسم السنة والمسيحيون النسبة الباقية. غير أن أعداد المقيمين في بعلبك، تتخطى هذه النسبة بكثير، نظرا لحركة النزوح من القرى الشيعية المحيطة، وهو ما ساهم في تسهيل سيطرة الحزب، سياسيا وأمنيا، عليها. وينتمي نواب بعلبك الحاليون من الشيعة والسنة إلى فريق حزب الله السياسي، إذ انتخب النواب السنة بأصوات في غالبيتها شيعية، بينما يغيب تمثيل تيار المستقبل فيها، وهو التيار السياسي الأكبر داخل الطائفة السنية.
من جهة ثانية، تعتبر مدينة بعلبك والقرى المجاورة لها، الخزان البشري لحزب الله، وكان لها الدور الأبرز في المعارك التي خاضها الحزب في سوريا.
وعلى وقع التهديدات بوصول ارتدادات الأزمة السورية والتفجيرات إلى بعلبك، نظرا لقربها من الحدود السورية (سبعة كيلومترات)، أقام الحزب حواجز تفتيش في مختلف أحياء المدينة، بينها مداخل الأحياء السنية، ما تسبب باشتباكات أسفرت، السبت الماضي، عن وقوع أربعة قتلى، بينهم قتيلان من الحزب.
وللعلم، لم تعرف بعلبك احتكاكا بين السنة والشيعة، قبل هذا الاشتباك، منذ عام 1981، حين امتدت الاشتباكات بين محاربي حزب البعث العراقي والشيعة من الضاحية الجنوبية إلى المدينة الحدودية مع سوريا. وكانت الإشكالات تقتصر في الماضي القريب بين آل صلح وآل شقير مثلا، على احتكاكات عائلية، ما تلبث أن تنتهي.

السابق
البناء : الموقف السعوديّ يُعيد اتصالات تشكيل الحكومة إلى نقطة الصفر شربل : أمن النبطية في عهدة الدولة وغداً عناوين خطّة طرابلس
التالي
الحياة : سليمان وسلام عرضا أجواء مساعي تشكيل الحكومة السفير السعودي: زيارة الرئيس اللبناني تأجّلت بناء على تشاور قيادتي البلدين