هل ينجح التحدي الأوروبي لإسرائيل؟

يشكل قرار الاتحاد الأوروبي مقاطعة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية أهم ادانة دولية صدرت في الفترة الاخيرة للاحتلال الإسرائيلي، واختبارا جدياً لقدرة المجتمع الدولي على اجبار إسرائيل على التخلي عن سياستها الاستيطانية. فهل سينجح الاتحاد الأوروبي في اقناع إسرائيل بان دفاعها المستميت عن المستوطنات اليهودية بات يعرض مصالحها الاقتصادية في أوروبا للخطر؟

ستبقى الاجابة رهن التطورات التي ستحملها الايام المقبلة. صحيح ان هذا القرار لا يشكل تهديداً مباشراً للاقتصاد الإسرائيلي، لكن الأكيد انه يمثل تحدياً سياسياً مهماً لانه يفرض على إسرائيل الاختيار بين الاعتراف بان المستوطنات لا تشكل جزءاً منها أو التضحية بمصالحها التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي التي تشكل اهم سوق لصادراتها.

لقد نجحت إسرائيل حتى الآن في التهرب من المطالبات الدولية بوقف سياساتها الاستيطانية والدخول في مفاوضات جدية مع الفلسطينيين. ولم تنجح كل الجهود التي بذلتها إدارة أوباما خلال السنوات الاخيرة من أجل تحقيق حل الدولتين لشعبين الذي تبناه الرئيس باراك أوباما عندما انتخب للمرة الاولى رئيساً ووافق عليه بنيامين نتنياهو في خطاب تاريخي له ألقاه في جامعة بار إيلان. ومنذ 2009 مرت السنوات من غير أن يطرأ أي تغيير على السياسة الاستيطانية الإسرائيلية التي ظلت من ثوابت حكومة نتنياهو الاولى. ومع عودة نتنياهو هذه السنة على رأس ائتلاف حكومي جديد بالتحالف مع أحزاب اليمين القومي المتطرف، شهدت السياسة الاستيطانية زخماً جديداً مع وجود وزراء من حزب “البيت اليهودي” مؤيدين لضم المناطق الفلسطينية، ورافضين لحل الدولتين. وقد أدى هذا الواقع السياسي الجديد في إسرائيل، الى جانب استمرار الجمود الكامل في العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، والانشغال الدولي بالاضطربات السياسية في الدول العربية وتراجع الاهتمام بالنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، الى اعتقاد إسرائيل أن في امكانها مواصلة احتلالها للأراضي الفلسطينية الى ما لانهاية، واقتناعها بأن لا شيء سيوقف سياسة الضم الزاحف للضفة والقضاء التدريجي على الدولة الفلسطينية من خلال فرض وقائع على الأرض تجعل قيام هذه الدولة مستحيلاً. من هنا حجم المفاجأة والغضب الإسرائيليين على تجرؤ الأوروبييين على تخريب سياسة الضم والتنكيل.

قد يكون الاختبار الاول للقرار الأوروبي هو في الاصرار على تطبيقه ورفض الضغوط الإسرائيلية لتأجيله، والاختبار الاهم قبول إسرائيل بمعاودة المفاوضات مع الفلسطينيين التي قال عنها جون كيري إنها باتت قريبة. لكن كل الدلائل تشير الى ان إسرائيل ستقاوم تطبيق القرار بكل الوسائل، سواء عبر تصوير نفسها ضحية السياسات الأوروبية المعادية للسامية، أم عبر تجنيد اللوبي اليهودي في الدول الاوروبية دفاعاً عنها.

السابق
السيد حسن نصر الله يتحدث اليوم عن “تموز جديدة”
التالي
النازحون ثلث سكان لبنان