أهالي راشيا: التقنين أو لا تسديد فواتير وضرائب

«تكّ الديجانتور» «راحت الكهربا» «إجا الموتور» «نزِّل القازان الموتور ما بيِحمل» «الفاتورة صارت أكتر من 100 دولار»… ربما تختصر هذه العبارات لسان حال أبناء راشيا وقضائها الذين تزداد معاناتهم سوءاً يوماً بعد آخر في ظل غياب الرقابة والتنظيم وارتفاع أسعار المحروقات وغياب المسؤولين ونواب المنطقة الذين يتلهون بالسياسة وكراسيهم ومصالحهم الذاتية الخاصة ومكاسبهم الشخصية تاركين أبناء المنطقة إلى حين موعد الانتخابات إن جرت.
أمس اعتصم أبناء راشيا وأحزابها ورؤساء بلدياتها ومختاروها رافعين الصوت عالياً لعلّ وعسى أن يصل ذلك الصوت آذان المسؤولين «ولا تُصمّ عن مطالبنا الحياتية والاجتماعية».
لا يصدّق الريشانيون التسعيرة التي تحملها فواتير اشتراكات مولّدات الكهرباء والتي تفوق قدرتهم في وقتٍ يتفاوت معدّل التقنين بين المناطق من 12 إلى 18 ساعة يومياً وقد تصل إلى 20 ساعة. وفي حين يئنّ المواطن يبرّر أصحاب المولّدات ارتفاع الأسعار.
وما يزيد الطين بلّة لجوء أصحاب المولّدات الخاصّة إلى التّقنين كما هي حال الكهرباء الرسمية ما يكبّد المواطن أربعَ فواتير متّصلة بالكهرباء: الأولى لـ«مؤسسة كهرباء لبنان» الثانية لتغطية عجز المؤسسة فيما تخصّص الثالثة لاشتراك مولّد الكهرباء فضلاً عن تصليحات الأعطال التي تلحق بالأدوات الكهربائية نتيجة سوء التغذية.
إذاً تداعى رؤساء بلديات قضاء راشيا والمختارون والفاعليات وعدد من الأحزاب: «القومي» التيار الوطني الحر حركة النضال التقدمي الاشتراكي والديمقراطي اللبناني وعدد من الأطباء والمهندسين والمعلمين ونفذوا اعتصاماً أمام شركة «كهرباء لبنان ـ دائرة راشيا» وذلك لإعادة النظر في سياسة مؤسسة كهرباء لبنان حيال منطقة راشيا والالتفات إليها والعمل على زيادة ساعات التغذية بالتيار من دون زيادة ساعات التقنين .
زاكي
رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ مروان زاكي يقول: «نحن مع الدولة وتحت القانون وتحرّكنا سلميّ من دون قطع طرقات لكنهم قطعوا الطريق ولا إحراق دواليب اصطدم بعضهم مع دورية للجيش التي حضرت لتأمين السلامة العامة للمواطنين وهناك مسؤولون عن الكهرباء يتصرفون بطريقة أرعنية وهم راضون بالتقنين في مقابل أننا خسرنا أدواتنا الكهربائية المنزلية والصناعة توقفت كما المياه» وحذر زاكي من اللجوء إلى السلبية مستقبلاً.
مهنا
من ناحيته يقول سعد مهنا رئيس بلدية راشيا: «المواطنون يسدّدون كامل مستحقاتهم وفواتيرهم ومنطقة راشيا تدفع ما هو متوجب عليها من ضرائب ورسوم إذ بلغت نسبة جباية فواتير الكهرباء 95 رغم الأوضاع المعيشية الصعبة ولا كهرباء».
وسال مهنا: «إذا كان المواطنون يقومون بواجباتهم فأين هي حقوقهم؟ هل مؤسسة كهرباء لبنان توفي أهالي راشيا والمنطقة هذه الحقوق؟».
سليم زاكي
أما المواطن سليم زاكي فيقول: «إن منطقة راشيا لم تعد تحتمل سياسة الإحجاف المتّبعة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان فهذه السياسة غير مقبولة ونرفضها جملةً وتفصيلاً خصوصاً أننا نتلقى مراجعات وشكاوى عديدة يومياً من المواطنين عن اتجاه لديهم لتصعيد الموقف وتنفيذ الاعتصامات والامتناع عن دفع فواتير الكهرباء مهما كانت الظروف والأسباب وهذا ما لا نتمنى الوصول إليه».
المختار أبو زور
بدوره يقول مختار بلدة تنورة محمود أبو زور: «لن نسكت عن حرمان منطقة راشيا من الكهرباء ونحذّرمن مغبة الاستمرار في اعتماد التقنين القاسي» لافتاً إلى أنّ الوعود الفارغة من قبل نواب المنطقة والمسؤولين عن كهرباء لبنان لا تجدي نفعاً.
وطالب أبو زور المسؤولين المعنيين ونواب المنطقة بأن يتحملوا مسؤوليتهم حيال راشيا التي يجب أن تعامل بالمساواة لا كقرية أو بلدة نائية مؤكداً أن أحداً لن يسكت على حرمانها من حقوقها.
ذبيان
إلى رئيس اتحاد بلديات «قلعة الاستقلال» ورئيس بلدية مدوخا أحمد ذبيان الذي حذّر بدوره من مغبة الاستمرار في سياسة التقنين الظالمة التي تعتمدها مؤسسة كهرباء لبنان في قرى راشيا والتي بلغت ذروتها. ودعا ذبيان وزارة الطاقة إلى «القيام بواجباتها في إيلاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم بعيداً عن الحسابات السياسية والفئوية والمناطقية الضيقة التي يتحفنا بها يومياً بعض الساسة في المنطقة وخارجها على الشاشات».
وختم ذبيان حديثه معلناً عن خطوات تصعيدية قد تصل حدّ الدعوة إلى الإضراب المفتوح والامتناع عن دفع فواتير الكهرباء.
أبو عمار
واستنكر أبو عمّار حمّاد استمرار التقنين الكهربائي القاسي المفروض على راشيا بحيث لا تتجاوز ساعات التغذية سوى ساعتين فقط من 24 ساعة وإذا حضرت فإن قوتها لا تزيد عن 60 ـ90 فولت. واستهجن أبو عمّار صمت نواب راشيا عن هذا الانقطاع معتبراً أن النواب ينعمون بالكهرباء ولا همّ لهم نعِم الناس بها أم لم ينعموا.
مافيا
ويرى الأهالي أن أصحاب المولّدات يشكّلون عصابات «مافيا» وبالتالي يتقاسمون المناطق في كانتونات ويرسمون الحدود لمناطق التوزيع كلٌّ بحسب هيمنته حفاظاً على مصالحهم ومنعاً لتضارب الزبائن الذين احتكروهم أيضاً بعدما قطعوا عليهم طريق الاختيار أو الانتقاء معتبرين أن ما تُصدره وزارة الطاقة في هذا الخصوص شهرياً مبالغ فيه ويصبّ في مصلحة أصحاب المولّدات لا مصلحة المشتركين.
حدّاد
منسق راشيا في التيار الوطني الحر طوني حداد يرى في التحركات المطلبية أمراً جيّداً ويقول: «نحن مع تحقيق المطالب الحياتية والاجتماعية لكن ليس بطريقة حشر الأنف والنيل من الشجرة المثمرة فما دخل الهاتف بالتقنين الكهربائي؟».
ويقول: «إن ما تعانيه راشيا اليوم من تقنين ليس وليد الساعة بل عمره يمتد إلى عشرات السنين وإلى تراكمات سياسية من قبل الساسة الذين تناوبوا على هذه المنطقة فعبّروا عن كيدهم متناسين معاناة الناس وحاجاتهم وإيجاد حلول مشتركة لا تحتاج لكلّ هذا الصراخ ويكمن الحل في نقل عدد من القرى عن مخرج راشيا إلى مخرج حلوى وبذلك نكون أمام حلٍّ من شأنه تأمين حاجات راشيا من الكهرباء».
حمّاد
بدوره يتساءل رشيد حمّاد رئيس بلدية العقبة: «أين السياسيين في المنطقة ممّا نعانيه؟ من العار أن يحصل هذا في راشيا أصاب أبناءها العطش وهم محرومون من الماء والكهرباء». مشيراً إلى أن الوعود التي يطلقها السياسيون في المنطقة فارغة ولا تجدي.
دهام
المواطن عماد دهام يرى أنّ نواب المنطقة وسياسييها بدأوا بالكيد الكهربائي تقنيناً في المناطق التي رفض أبناؤها سياسة الإنجراف والتبعية و«راشيا تدفع ثمن رفض هذا المشروع وذلك من خلال عقوبة جماعية متمثلة بتقنين حاد وعشوائي يتلف الأدوات الكهربائية والأغذية ولا سيما في شهري تموز وآب اللهّاب وبينهما شهر رمضان».
زمن التقنين
بالرغم من الوضع المعيشي الصّعب الذي يعانيه المواطن اللبناني إلّا أنّ هذا الأخير يجد نفسه مضطراً لأن يرضخ للأمر الواقع والعيش ربما بالدّين لأنه في النهاية يستحقّ برّاداً يحفظ لقمة عيشه ونوراً يضيء ظلمة لياليه وتلفازاً ينقل أخبار آخر التطورات وربما نبأ أعجوبة انتهاء «زمن التقنين».
وفي انتظار استعادة الدّولة زمام الأمور بالنسبة إلى قطاع إنتاج الطاقة الكهربائية يبدو أنه بات من الضروري تنظيم نقابة أو تجمّع ينطق بِاسم قطاع أصحاب المولدات لتحديد التّسعيرات الرّسمية المُعتمدة أو الموجَّهة من قبل وزارة الطاقة بوضوح وشفافية فضلاً عن نسبة الأرباح التي يجنيها أو الخسائر التي يتكبّدها القطاع بغية تحقيق مصلحة المواطنين وخصوصاً الحدّ من خسائرهم واستنزاف مداخيلهم المحدودة.   

السابق
التفجير في الضاحية عمل يائس لن يحقّق أهدافه؟
التالي
الانقسام ليس في صالح الثورات العربية