عيد الأب بالنسبة لبعض النواب

بابا، دادي، papito ،papou… تتعدّد تسميات أولادهم لهم، وتتنوّع معها المطالب، إلّا أنّ لصدى هذه الكلمات وقعاً خاصّاً في نفوس النوّاب، تخفق لها قلوبهم، وترنو إليها ابتساماتهم، وتلمع على أنغامها عيونهم، هم الذين يزيلون «الهمّ» عن القلب.

منهم من يجد صعوبة في تذكّر عيد الأب وسط انشغالاته، وآخرون ينتظرونه بفارغ الصبر، لكن يبقى لهذه المناسبة في صفوف النوّاب معان مغايرة لا تخلو من الطرافة والمفاجآت. وفي معظم الحالات مع أولادهم يتخلّون عن ألقابهم و"منرجع ولاد"… على حدّ تعبيرهم.

هادي حبيش
"بصراحة مش عم بقدِر نسّق". لم يتردّد النائب هادي حبيش في فتح قلبه لـ"الجمهورية"، لعلّه يصل إلى نتيجة، بعدما وجد نفسه يوماً بعد آخر ينغمس أكثر في السياسة. ويُخبر: "أجد نفسي مقصّراً بحقّ أولادي، كريستينا 6 سنوات، تيفاني 3 سنوات، وشربل سنة واحدة. على سبيل المثال، منذ 3 سنوات أعِد ابنتي البكر بالمشاركة في حفل عيد الأب الذي تنظّمه المدرسة، ولم أكن أفي بوعدي لها، لكن هذه السنة قطعت وعداً على نفسي بأن أفاجئها أيّاً تكن ظروفي وانشغالاتي". ويتابع: "لا شكّ في أنّني غالباً ما أرغب في تخصيص أكبر مُتّسع من الوقت لأولادي، إلّا أنّ طفرة الانشغالات، تدفع بي لـ"التطنيش"، و"بسيطة"، و"خيرها بغيرا"، ولكن في الواقع اليوم الذي يمضي لا يتكرّر".

وحين يبلغ شوقه لأولاده أشدّه، يُقنع حبيش زوجته سينتيا بعدم إرسالهم إلى المدرسة ليوم واحد، ليتسنّى لهم بذلك تمضية الوقت معاً. في هذا الإطار، يؤكّد حبيش أنّ المحبة عينها يكنّها لأولاده الثلاثة، "كلّن معلّق فِيُن"، ولكنّ الولد البكر غالباً ما يشكّل نقطة ضعف الزوجين كونه ثمرة حبّهما الأولى".

فريد الخازن
يسعى النائب فريد الخازن جاهداً لتخصيص وقت لعائلته، ويوضح لـ"الجمهورية": "إنشغالات الشأن العام غير محصورة بوقت محدّد، ممّا يقلّص الفترة الزمنية التي يمكن لأيّ سياسيّ تمضيتها إلى جانب أسرته. شخصيّاً أحاول قدر المستطاع بذل جهد خاص في عطلة نهاية الأسبوع، أو في العطلة الصيفية، أو في أثناء السفر لنكون معاً".

للخازن ثلاثة أولاد، شربل 14 سنة، سارة ماريا 10 سنوات، وإلسا ماريا 5 سنوات، وأجمل الأوقات التي يمضيها معهم حين يشاركهم الرياضة، فيقول: "لا أجد أنّ فارق السنّ يبعدني عن أولادي، لذا أحرص على مشاركتهم عدداً من الأنشطة الرياضية، ومشاهدة الأفلام في السينما، وتناول الطعام خارجاً".

وعندما سألناه إذا كان يشرف شخصيّاً على تدريس أولاده، ضحكَ من أعماق قلبه مجيباً: "إلّا هَيدي… ليس لي "جَلد" للتدريس، في الحقيقة زوجتي هي التي تخصّص الوقت الكافي لمتابعة شؤونهم المدرسية، فالتدريس ليس مسألة وقت، إنّما يحتاج إلى باع طويل، ضبط أعصاب، إلتزام الهدوء إلى أقصى الحدود، وهذه المهمّة أجدها صعبة، حتى لو كان لديّ الوقت".

وليد سكّرية

منذ 34 عاماً كنت والداً، ومنذ سنة صرت جدّاً". بنَبرة تنضح افتخاراً، يروي النائب وليد سكّرية لـ "الجمهورية" تجربته: "قبل دخولي المعترك السياسي، كنت منخرطاً في الجيش اللبناني. مررنا في ذروة الأحداث اللبنانية التي أجبرَتنا على الإبتعاد عن العائلة بحُكم المهمّات المطلوبة من العسكريّين، لكنّ هذا لم يلغِ مسؤوليّاتي تجاه عائلتي التي تبقى لها الأولوية، كونها وطني الصغير، فضلاً عن الحميمية التي تربطني بأفرادها".

ما يعزّي سكّرية به نفسه، أنّه وإن ابتعد عن أسرته، يبقى ضمن الاراضي اللبنانية، قائلاً: "صحيح أنّني غبتُ عن عائلتي ولكن لم أنقطع عنها تماماً، أو أتركها في وطن آخر، غبت عنها بحكم العمل العسكري، أمّا عندما انخرطتُ في المجال السياسي فكان أولادي قد كبروا".

أنعم الله على سكّرية بأربعة أولاد، زياد 34 سنة، زينا 31 سنة متأهّلة، لينا 22 سنة، ندى 21 سنة. ولا يخفي هذا الوالد أنّ لِندى مكانة خاصة، إذ يعلّق ضاحكاً: "هي الصُغرى، وغالباً ما يتعلّق المرء "بآخر حبّة في العنقود" لأنّها الأكثر حاجة للمساندة كونها الصغرى". وفي هذا الإطار، يولي سكّرية أهمّية كبرى للخلوي: "حلّال المشاكل".

معين المرعبي
يعترف النائب معين المرعبي أنّه لم يكن في وارد دخول النيابة، "ولو أنّني في الأساس أعمل في الشأن العام، إلّا أنّني تشجّعت بدعم من زوجتي وابنتي، ولم أمضِ قُدُماً لولا مشورتهما". ويوضح لـ"الجمهورية": "وجدتُ أنّ وطني يستحقّ التضحية، والعمل من أجله مدى 4 سنوات، خصوصاً في منطقة محرومة مثل عكّار، لذا عدتُ وانخرطتُ بكامل قناعتي".

لا ينكر المرعبي أنّ صراعاً داخليّاً يساوره بين متطلّبات الشأن العام والواجبات العائلية، فيقول: "لا أعطي أسرتي أكثر من 5 في المئة من وقتي، أحياناً أعود في وقت متأخّر لأجد منهم من يغفو على الكنَبة، وآخر في يده الهاتف منتظراً مكالمة منّي، خصوصاً أنّ المنطقة شمالاً غالباً ما تشهد توتّرات أمنية، لذا فأنا فعلاً أتأثر في رؤيتهم بهذه الحال". ويضيف: "لولا إصرار أولادي عفاف وطارق، ودعم زوجتي، لمَا كنتُ أصل إلى أيّ نتيجة، فالفضل لهم، وإن شاء الله سأتمكّن من تعويض غيابي عنهم بعد انتهاء الدورة".

آلان عون
تنبَّه النائب آلان عون باكراً إلى مَغبّة الانغماس في شجون السياسة على حساب المسؤوليّات العائلية، لذا يحاول جاهداً الحفاظ على التوازن بين عمله السياسي ودوره الأبوي، ويقول: "غالباً ما نسمع من سياسيّين انشغلوا في الشأن العام، وندموا حيث لا ينفع الندم، لم يتسنَّ لهم مواكبة أولادهم في أدقّ مراحل حياتهم حساسيّةً، ممّا أثّر في الأجواء العائلية وأضفى برودة على العلاقات".

وسرعان ما تلمع عينا عون فرحاً، حين يصبح "ميشو"، البالغ من العمر سنة وشهرين، محور الكلام، فيخبر بحماسة ظاهرة، قائلاً: "لم أعرف معنى الأبوّة إلّا بعدما أنعم عليّ الله بـ"ميشال". بدّلَت ثمرةُ حبّنا هذه نمطَ حياتي وأضفَت حلاوة على أيّامي، فعدتُ لأكتشف ذاتي من خلال إبني، أتعلّم منه الكثير". أمّا عن الوقت المخصّص لابنه، فيجيب: "لا شكّ في أنّ الوقت ضيّق، لذا استبدلت رياضتي الصباحية بجلسة مرح ولهوٍ معه، وفي فترات النهار حين يغلبني الشوق إليه، أطلب إرسال صور له عبر الـ whats app، "الله يخلّيلنا التكنولوجيا"، أو أحاول الاتصال به ولو أنّه لا يزال عاجزاً عن النُطق، "بعدنا منحكي إغا آبا"، حروفه المبعثرة كفيلة بأن تمدّني بالطاقة اللازمة".

وفي وقت يعود النوّاب فيه أولاداً مع أولادهم، يبدو أنّ على اللبنانيّين أن يحافظوا على روح الولدنة علّهم يتمكّنون من تخطّي "وَلدَنات سياسيّيهم".

السابق
طابور خامس يوتر الوضع في عرسال.. من يقود لبنان إلى شفير الهاوية؟
التالي
حارس إسرائيلي يقتل رجلاً يهودياً صرخ “الله أكبر” امام حائط المبكى