الاخبار: ملهاة التأليف: حكومة أمر واقع على الأبـواب

كل المؤشرات السياسية تدل على أن رئيس الحكومة المكلف، تمام سلام، يتّجه إلى تأليف حكومة «أمر واقع». فحتى مساء أمس، كانت مواقف القوى السياسية لا تزال على حالها: فريق 8 آذار ـــ التيار الوطني الحر لن يقبل بأقل من الثلث المعطل، فيما الرئيس سلام يرفض ذلك، مدعوماً بتيار المستقبل وقوى 14 آذار. وفي التيار الأزرق دعم غير محدود لسلام. فالرئيس المكلف، بحسب مصادر قيادية في التيار، قدّم ما يكفي من ضمانات للفريق الآخر: وزير المالية الذي لا يمكن إصدار مرسوم من دون توقيعه، وتعهّد الاستقالة إن «فقدت الحكومة ميثاقيتها»، أي إذا استقال الوزراء الشيعة من الحكومة. النائب وليد جنبلاط، الرافض لفكرة حكومة «الأمر الواقع»، يمارس ـ بحسب مصادره ـ الضغوط على سلام، لتفادي التوتر الذي سينتجه تأليف حكومة لا يوافق عليها الرئيس نبيه بري وحزب الله. لكن المقربين من جنبلاط باتوا يتحدّثون عن «قدرتنا المحدودة على الاستمرار في منع تأليف حكومة أمر واقع». وفي الإطار ذاته، تتحدّث مصادر «وسطية» عن كون جنبلاط يتعرّض لضغوط سعودية ومن تيار المستقبل، ستدفعه في النهاية إلى الموافقة على مغامرة سلام، أو على الأقل إلى عدم الوقوف في وجهها.
في المقابل، تنفي مصادر فريق 8 آذار أن تكون قد سمعت من الرئيس سلام أي توجه مشابه. فالمعاونان السياسيان للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله (الوزير علي حسن خليل وحسين الخليل) التقيا سلام قبل يومين، وأكّد لهما أنه يريد تأليف حكومة غير صدامية ترضي جميع القوى السياسية. لكن مصادر الأكثرية السابقة لا تستبعد تأليف حكومة أمر واقع، ولا تراهن على موقف جنبلاط، ولا على فيتو رئيس الجمهورية ميشال سليمان. والأخير، بحسب مقربين منه، لم يحسم أمره، وينتظر موقف جنبلاط. فإذا لم يعارض الأخير حكومة الأمر الواقع، فمن المستبعد أن يرفض سليمان توقيع مرسوم تأليفها.
وفي الوقت عينه، نفت مصادر 8 آذار أن تكون قد بعثت برسائل شديدة اللهجة إلى كل من سليمان وسلام وجنبلاط تحذّرهم فيها من إمكان تأليف حكومة أمر واقع.
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد واصل حملته على الوسطية، مشدداً على ضرورة التمثيل في الحكومة وفقاً لحجم الكتل النيابية. وتساءل خلال لقاء الأربعاء النيابي: «من أين يأتي حق تمثيل الوسطية بالحجم الذي نسمعه ونقرأه؟»، وقال: «فليعطنا أصحاب هذه النظرية تعريفاً للوسطية، وليفتحوا الباب أمام الانتساب إلى هذا النادي المحظوظ».
ونفت مصادر بري أن يكون موقفه من الوسطية مرتبطاً بعرض تلقاه من الرئيسين سليمان وسلام، يقضي بأن يسميا وزيراً شيعياً على الأقل، ليكون من حصة الفريق الوسطي في الحكومة العتيدة. «قبلنا هذا العرض، وقلنا نسمي وزيراً سنياً في مقابل الوزير الشيعي الذي يسميه الرئيسان»، تقول مصادر بري مضيفة: «المشكلة هي في احتساب الأحجام. ففي حكومة من ثلاثين وزيراً، كانت تضم نصف القوى السياسية، حصل رئيس الجمهورية على وزيرين ونصف وزير. فكيف سيحصل على 3 وزراء في حكومة من 24 وزيراً، وتتمثل فيها كل القوى السياسية؟ ومنذ متى صار تمام سلام وسطياً؟ فليحسبوا الرئيس بري وسطياً، فتُحل الأزمة. عندها ستحصل قوى 8 آذار على 8 وزراء، وقوى 14 آذار على 8 وزراء، والوسطيون، ومن بينهم الرئيس بري، على 8 وزراء».
من جهة أخرى، دعا الرئيس بري إلى جلسة عامة للمجلس الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأربعاء 15 أيار لدرس قانون الانتخاب. ونقل نواب لقاء الأربعاء عن بري أن الاقتراح الأرثوذكسي أُقر في اللجان النيابية، وسيكون في أولى الجلسات؛ لأنه الوحيد على جدول الأعمال.
وفيما رأت مصادر في قوى 14 آذار وأخرى وسطية أن طرح بري لـ«الأرثوذكسي» يهدف إلى الضغط على سليمان وسلام وجنبلاط، لعدم السير بتأليف حكومة أمر واقع، نفت مصادر رئيس المجلس ذلك، مؤكدة أن «الأرثوذكسي» مطروح بحكم كونه اقتراح القانون الذي أقرته اللجان المشتركة، وبالتالي لا يمكن تجاهله. ولم تتوقع مصادر بري أن يتوصل النقاش بين تكتل التغيير والإصلاح والقوات اللبنانية إلى توافق على اقتراح مشترك لقانون الانتخابات، مؤكدة رفض قوى 8 آذار لكل الطروحات التي قدمتها القوات اللبنانية سابقاً؛ لأنها مصممة على قياس فريق 14 آذار. لكن المصادر قالت: «فلننتظر. إذا توافقوا على اقتراح جديد، فسنوافق عليه مهما كان شكله».

السابق
االجمهورية: الكتائب لن تصوّت على “الأورثوذكسي” إن وُجد قانون يضمن حسن التمثيل
التالي
مواجهة محــسوبة أو حرب شاملة