تأثير الحرب على الشباب.. عدم معرفتهم بوجود نقابات

"اجتمعنا وتباحثنا خاصة بعد الحرب، حيث صار هناك نوع من الفراغ على مستوى العمل النقابي، لأنه عمليّا خرج جيلان الى سوق العمل وليس لديهم فكرة عن العمل النقابي مما خلق لديهم ضعفا في هذا الاطار".

الانطلاقة
بهذه العبارة انطلق الحوار مع النقابي أديب ابوحبيب رئيس المركز اللبناني للتدريب النقابي في مكتبه المتواضع في بدارو فيما يتعلق بالعمل النقابي بشكل عام، ودور المركز في التدريب النقابي.
ويتابع: "ولأن الشباب الذين دخلوا الحرب لا يعرفون ان هناك نقابات تأخذ لهم حقهم بل اعتقدوا أن السلاح هو الحل".
"كما أن الهجرة والموت اثرّا على العمل النقابي، ونحن نتشكل من اتحاد موظفي المصارف، ونقابة الريجي، ونقابة عمال المياه، وعمال اوجيرو، وغيرنا الكثير.. هذه المجموعة اجتمعت وتدارست واتفقت على انه لا بد من انشاء مركز يهتم بالتدريب النقابي. وكان هناك لجنة التدريب النقابي مُنشأة في وزارة العمل، عملت في فترة ما قبل الحرب فقط.
"وكان هناك بعض النقابات التي تقوم بالتدريب، اضافة الى الاتحاد. ونحن مجموعة من النقابيين أسسنا هذا المركز2001 والهدف وضع دراسات ودورات تدريبية للعمال الشباب حول قانون العمل، وقانون العمل الجماعي، ومجالس العمل التحكيمية لرفع مستوى العمل عند الشباب".

البداية مع السنيورة
"وبدأنا بالعمل وحصلنا على ترخيص وحق العمل في العام 2006، واصبح من الجمعيات استناداً الى قانون الجمعيات، وعلى الرغم من اننا بدأنا في العام 2001 ونشاطنا انطلق من خلال بعض الندوات المتخصصة وكان ضيفنا الرئيس فؤاد السنيورة وزير المالية انذاك. كما عقدنا ندوات في بعض الفنادق ببيروت.
"كانت ندواتنا متخصصة مثال ندوة حول الضمان الاجتماعي، وناقشنا قانون الشيخوخة، وسجلنا ملاحظاتنا ووزعنا الوثيقة على الصحافة والاعلام، وقدمناها الى المجلس النيابي لعدم اقرار هذا القانون قبل مناقشته، وبالفعل تم سحب القرار لكن تغير المجلس النيابي قبل اقرار المقترح من قبلنا".
"كان لنا دور في تطوير العمل النقابي، والاضاءة على بعض المشاريع، وانا شخصيا نقابي، وحالياً أمين عام الطباعة والاعلام، وشاركت في لجنة العمل التي شكلها وزيرالعمل علي قانصو 2001-2002 لتعديل قانون العمل اللبناني.

ضد الحرب ومع السلم
"ويتركز عمل المركز على مجموعة قضايا، خاصة بعد الوضع الذي وصلت اليه الحركة النقابية. قبل الحرب كان لها ديناميكية كبيرة، ومرت بفترة من العام 1990- 1995 حيث كنت رئيس اتحاد مندوبي الاتحاد العمالي العام، وعلى الرغم من الانقسام والشرذمة التي اصابت البلد بسبب المخططات وبسبب الدورة الاقتصادية السلبية، كنا نعمل. واذا رجعنا الى فترة الحرب، وعلى الرغم من الانقسام السياسي والعسكري كانت الحركة التقابية موحدة، وكان لها دور كبير خاصة في المظاهرة الشهيرة 1989 تحت عنوان (ضد الحرب ومع السلم)، وقد رفعت المظاهرة شعارا وطنيا منها تحرير الجنوب، والدفاع عن العمال، والضمان الاجتماعي..

من التوحد الى الانقسام
"في هذه الفترة كانت الحركة النقابية موّحدة. اي في العام 1992 زمن التضخم وارتفاع الدولار وهبوط سعر صرف الليرة، وبعد اتفاق الطائف، وكانت مهمتنا الدفاع عن الشغيلة حيث رفعنا شعار(بناء البشر وليس الحجر). كما عقدنا سلسلة من المؤتمرات النقابية، تُعتبر من أهم الوثائق في العمل النقابي 1996.
ويكمل حبيب فيقول: "كان في الحركة النقابية نوع من المدافعة عن الراتب بسبب ارتفاع الاسعار. درسنا الوضع، وكان عندنا رغبة باستمزاج رأي الناس فدعينا الى اعتصام اسميناه (طيران تجريبي) امام صيدلية بسترس في الحمرا 1992 جمع 7000 شخص، اما الثاني فقد شارك فيه 50000 شخص، وهذا معناه ان الناس لبت دعوتنا لاننا نتكلم باسمها".
"أما الإضراب العام الذي حصل في عهد انطوان بشارة، فقد جاء بعد تهديد من نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام مباشرة للاتحاد، لكن لم يهتموا للتهديد كونهم يعبّرون عن هموم الناس.
إما الاضراب الشامل الذي جاء بعده، فهو نتيجة بأن الناس لديها ايمان بالاتحاد العمالي العام انذاك. لكن هذا الاضراب اخذ منحى آخرا في التخريب، فاستقال الرئيس عمر كرامي، وجاء رشيد الصلح، ومعه الوزير عبدالله الأمين كوزير للعمل الذي بدأ بطرح هيكلية نقابية للاتحاد العمالي العام. وتشكلت لجنة كنت رئيسها. لكن مشكلتها كانت انها تمد يد وزير العمل على 68% من قانون الاتحاد. ولما لم يتمكن الوزير من السيطرة على الاتحاد فرط العمل النقابي".
"ورجع الوزير عبدالله الامين مع وزارة الرئيس الحريري، كنا 22 اتحادا، مع الاشارة الى أننا صرنا 625 نقابة، و52 اتحاداً.

أين الحركة النقابية الان؟
"إنها مارد كبير، لكن رجليه من خزف". يقول ابو حبيب. "استنادا الى هذا الواقع، صارت الحركة النقابية تعاني نوعا من فقدان الفعالية، وكان هدفنا من تأسيس المركز هو كيفية المساهمة مع العمال والنقابة لتشكيل حركة فاعلة، ولا يمكن ان تكون فاعلا ان لم تكن ديموقراطياً.

هل هي ديموقراطية؟ وهل هي مستقلة؟
اقول لا، ليست ديموقراطية ولا فاعلة، والدليل انه هناك خلل تنظيمي في الاتحاد العمالي العام ناتج عن ان القوى السياسية تضع يدها على الاتحاد، لأن كل القوى السياسية خرجت منهكة من الحرب، ففكرت باستخدام الاتحاد في العمل السياسي".
"لذا تم تأسيس النقابات للتأثير على الاتحاد والسيطرة على قراره، وليس لحاجة عماليّة وهي مستنسخة وغير فاعلة لان التنظيم الداخلي للاتحاد له صفة كونفدرالية اي نظام لا يعتمد على الحجم، بل انه يمنح النسبة نفسها من الاصوات لأي اتحاد مهما كان حجمه".
وبأسف يقول: "الوضع الحالي للحركة النقابية لا يعبّر عما كنا نطمح اليه رغم كل ما عملنا خلال الحرب. فبعد وصول الوزير عبدالله الامين تم تقسيم الاتحاد. هذا الاتحاد ما عاد يعمل ضمن أجندة عماليّة، بل في اطار التوجهات السياسية، وبدأ يفقد دوره وثقة الناس فيه، والدليل انه عندما كنا ندعو الى مظاهرة لم يكن لينزل فيها ألف شخص، ونسأل أين الذين كانوا ينزلون سابقا؟ فلو نزل اعضاء الاتحاد لوحدهم لشكلوا مسيرة ضخمة، والسبب فقدان الثقة الذي أضعف دور الاتحاد والقرارات باتت غير مستقلة".

ما هو موقف الاتحاد من موضوع تصحيح الاجور؟
الاتحاد لن يقبل الا بالحد الأدنى للأجور الذي طالبنا به، أي مليون وثلاثمائة ألف ليرة، وقد اعلنت المؤسسات انها ستصحح كما هو المؤشر. وصلنا الى المفاوضات وكان وقتها وزير العمل شربل نحاس، حيث كان الطلب ضماناً صحياً شاملاً، واعادة الاعتبار للأجر، لان بدل النقل جزء من الراتب. وكانت تعتبر جزءا من الراتب اي ان الموظف يُحرم منها في تعويض نهاية الخدمة".
وقبل صدور المرسوم كانت المؤسسات تدفع بدل النقل ويقول المرسوم:(اذا كانت المؤسسة تدفع اكثر مما أقرّه المرسوم فانها حق مكتسب). وطالب الوزير شربل نحاس بالابقاء على ذلك، وهو طرح يوّحد الشعب اللبناني، فتم تطيير الجلسة لانهم يريدون خطابا تقسيميا".
ويتابع قائلاً: "فنقولا شماس يقول توصلنا الى خلطة سحرية هي مع ستمئة وخمسة وسبعين ألف ليرة كحد أدنى للأجور، اي أن رئيس الاتحاد غسان غصن يطالب بأقل مما طالب به وزير العمل".
والسبب ان بدل النقل والمنح المدرسية تساوي 50% من قيمة الراتب، فوجدت السلطة اللبنانية ان دفع 200 مليون دولار مكلف جدا بالنسبة لها. اما كلفة شراء وسائل الاعلام والمسؤولين في الاتحاد فأقل بكثير، فاختارت طبعا الحل الثاني".

حال الحركة
الحركة النقابية الآن قوية، لان المصارف لم تتجرأ على ايقاف اعتصام موظفيها، في حين في العام 1972 تم طرد معلميّ المدارس، حيث صُرف 270 معلما من المدارس الرسمية حينها.

علاقتكم بهيئة التنسيق النقابية؟
شاركنا ودعمنا تحركات هيئة التنسيق النقابية الأخيرة. مع الاشارة الى ان ما قام به الرئيس نجيب ميقاتي في آخر جلسة لمجلس الوزراء قبيل استقالته يُعيدنا الى الموقف الوطني الذي اتخذه الرئيس فؤاد شهاب الذي أحال قانون الضمان الاجتماعي بصفة معّجل مكرّر بمعنى انه يصبح نافذا بعد اربعين يوما فصدر فيه مرسوم قانون، لكن الرئيس ميقاتي أحاله بصفة عادية وهذا نوع من ضحك على العمال والاساتذة.

علاقات المركز مع الآخر
ليس عندنا حواجز ضد اي اتحاد، ونحن نستقبل اي اتحاد، ونقوم بالتدريب النقابي. لكننا لا نتعامل مع احزاب.

وعن آليات عمل التدريب النقابي؟
يشرح أبو حبيب: " نقيم دورات نقابية ودورات خارجية، ونتعامل مع مؤسسة (فريديريش ايبرت) حيث يسلموننا ميزانية خاصة للتدريب ضمن برنامج نضعه نحن كمركز، والتي تصفها المؤسسة بالتدريب الناشط. وعندنا عدة مستويات من التدريب منها:الابتدائي، وهو موّجه للعامل الذي لا يعرف شيئا عن النقابة".
أما المستوى الثاني فيعرّف العامل على الحقوق، استنادا للاتفاقيات الدولية أي أنه مستوى أعلى وهو يسمى (المقاومة الجماعية). ونقيم ندوات، وهي غير محصورة، بل متخصصة كموضوع الراتب، والايجارات، وسياسة النقل.

التدريب الناشط.. ما هو؟
يقوم التدريب الناشط على الشكل التالي: المحاضر على رأس الحصة يشرح عن مادة معينة، ويطرح مادة حول موضوع محدد كقانون العمل ونقسّم الفريق مجموعات عمل، ويكون بينهم مقرر. مثال(المرسوم11-11-1995 6263 حول تعيين الحد الادنى للاجور المادة رقم 3).

الموقع
الهدف منه أمرين: الاول دعم بعض القضايا الموجودة في بلدنا حيث ان الشباب الذين يدخلون الى المواقع الالكترونية بحاجة لمعلومات المتعلقة بالعمل النقابي، فقررنا اصدار المجلة الالكترونية، وهناك بعض المنشورات الصادرة عن المركز حول(الاتحاد العمالي العام) وكتاب(من يمثل من؟)، وصار بمتناول الجميع على الشبكة العنكبوتية، وكتاب غسان صليبي (في الاتحاد كوة).
والصفحة تتغير كل يوم، حيث اديرها مع زميلة، اضافة الى النقابات التي تزودنا بالمواد، كما تصل الينا الاخبار من مصادرها الأساسية كبيانات التحركات قبل وصولها الى الوكالة الوطنية وصدورها الى الاعلام".
دخلنا الى العمل الالكتروني مجبرين. الورقة كانت تُوزع باليد، وهو نوع من تعارف وحياة لان توزيع البيان صلة وصل له اهميته في جذبّ الناس.
وكان الجدل فيما مضى هو الطريق الى التنسيب، فالبيان والجمعية العمومية لا بديل عنهما. ومن سلبيات الصفحة الالكترونية انها لا تعمل احتكاك او فعالية بين الناس.
ويختم ابو حبيب بالقول: "إذا ما قارناها بتاريخها، فان الحركة النقابية ضعيفة اليوم بسبب التدخلات، وانا مع التحركات النقابية، ولكن ضد ان تكون فروعا للاحزاب. والاحزاب اليسارية كانت تدعم النقابات عندما كانت في المعارضة، لكن عندما دخلت الى السلطة باتت تحارب هذه النقابات".
 

السابق
لن يرتفع هذا عاليا
التالي
سليمان اطلع من اللواء ابراهيم على آخر التطورات بشأن مخطوفي أعزاز