عين الحلوة: مهن إنتاجية صغيرة.. تسدّ الرمق

الفلسطيني عندما يُحرم من أن يكون إنساناً له حقوق بديهية، يبحث عنها ويجدُها داخل المخيم، لأنّ الإنسان، أي إنسان، يشعر بالكرامة عندما يستطيع تأمين عيشه.
سليمان موسى فلسطينيٌّ يعيش في مخيم عين الحلوة، أُصيب في قدمه جراء العدوان الإسرائيلي، فلم يعد يقوى على العمل. من هنا بدأت فكرته بإنشاء معمل إنتاجي صغير داخل المخيم، ويقول: «بدأت أفكر بفتح معمل كريما ومحمصة بطاطا شيبس خلال التسعينيات، لأنني كنت محتاجاً إلى العمل لكي أشعر بالاستقلالية وأعيش بكرامة، فأنا أُصبت في الحرب واستجدت لدي إعاقة استطعت بسببها أن أتسجل في «الأونروا»، التي قدّمت مشاريع للمسجلين بدلاً من الإعاشة. وكنت من بين الذين قدموا مشاريع، وحصلت على مبلغ 5000 دولار أميركي لأبدأ مشروعي».
يضيف: «تعرّضت بادئ الأمر إلى صعوبات عدّة بحكم أنني جديد في السوق، وأهمّ هذه الصعوبات كان التسويق، وإقناع الزبائن بمنتوجاتنا، والتعرّف على التجار. وقد ناضلت كثيراً كي يتقبل الناس الفكرة، وعندما وجد الناس أنّ منتوجاتنا جيدة بدأ التجار يتجاوبون معنا، واستطعنا تسويق منتوجاتنا، وصارت المحال الكبرى في صيدا تشتريها».
اختار موسى أن يكون معمله في مخيم عين الحلوة، لأنه فلسطيني، وفق تعبيره، و«هناك صعوبة في أن أفتح معملاً خارج المخيم، ففيه أستطيع أن أساهم بتوفير فرص عمل للشباب الفلسطيني. وهذا المعمل يوفر لي اكتفاءً ذاتياً أنا وأسرتي، على الرغم من أن أسعار منتوجاتنا زهيدة، إلا أننا نستطيع أن نؤمن احتياجاتنا الضرورية من مدخولنا الضئيل».
وتمنى موسى لو تتبنى الدولة اللبنانية المشاريع الفلسطينية، وتساعدها في ذلك «منظمة التحرير الفلسطينية».
ويقول صاحب معمل للحجارة في المخيم، صالح زعيتر: «هذا المعمل أنشئ منذ ثلاثين عاماً وهو مسجّل في غرفة التجارة والصناعة، لأنّ افتتاح المعمل كان في عهد كان يسمح فيه للفلسطيني أن يسجل معمله في غرفة التجارة والصناعة».
يضيف: «هذا لا يعني أننا لا نواجه مشاكل، فهناك مشاكل عدة وأهمها مشكلة التصاريح التي تصدر من الجيش اللبناني لدخول المواد الأولية التي نحتاجها للمعمل، كالترابة والبحص والحديد والرمل، وذلك بحجة الوضع الأمني في المخيم. وبهذه الطريقة يخفّ الإنتاج، ونحن نصدّر أغلب إنتاجنا إلى خارج المخيم، لأن البضائع التي تخرج من المخيم لا تواجه أي مشكلة، ونبيع في الوقت نفسه داخل المخيم، الذي أجبر، كفلسطيني، أن أبقى فيه، لأن وجود المعمل في المخيم يفيد أهلنا، ويؤمن فرص عمل للشباب الفلسطيني. كذلك فإنّ أسعارنا في المخيم تختلف عن أسعارنا خارجه، حيث نراعي وضع أبناء شعبنا».
أما أحمد عويد، الذي يعمل حديثاً في معمل الحجارة، فيقول: «إن أهمية وجود المعمل داخل المخيم هي لجهة تأمينه فرص عمل للشباب، وكذلك لجهة الأسعار التي تعتبر أدنى من الخارج».
ويقول محمد سليمان، وهو حدّاد افرنجي يعمل في محله في المخيم منذ عشرين عاماً، إنه اختار أن يكون محله داخل المخيم «لأننا من سكانه، وخارج المخيم الإيجارات مرتفعة جداً، والضرائب مرتفعة، ونحن لا نستطيع أن ندفع أياً منهما».
يضيف: «وضعنا داخل المخيم أفضل من ناحية الكهرباء، لأنّ كلفتها أقل، كذلك فإيجار العامل أقل من إيجاره في المدينة، وذلك لقرب سكن العمّال من أماكن عملهم».
ويشير إلى أنّ «الإنتاج يُباع خارج المخيم وداخله، وحرماننا من الحقوق المدنية، يجعلنا نشعر أن العمل داخل المخيم أفضل لنا».  

السابق
سلحفاة نافقة على شاطئ صيدا
التالي
كتاب فرنسي: إما حمد أو الأسد