جمهوريات لبنان المتحدة

مبروك.
يمكن لنا، بدءاً من الآن، أن نستعدّ للاحتفال بقرب الإعلان عن ولادة جمهوريات لبنان المتحدة (متحدة حتى الآن). فقد خطونا باتجاه إقرار القانون الأرثوذكسي.
مبروك. تخلصنا من التكاذب وبتنا في عالم المصالح الصريحة.
يمكن لميشال عون أن يصمت قليلاً الآن. يمكن له أن يريحنا من خطابات الإصلاح والتغيير، ومن ادّعاءات بناء الدولة ومحاربة الفساد. يستطيع ميشال عون الآن أن يكفّ عن مخاطبة "شعب لبنان العظيم"، فقد صار يكفيه ويكفينا مخاطبة شعبه المسيحي العظيم.
يمكن للسيد حسن نصرالله أن يخفف الآن عن نفسه عناء إثبات لبنانية مقاومته. يمكن له أن يكفّ عن التذكير بالوطن والمحافظة على الدولة. يستطيع حزبه الآن أن يفرح بالقدرة على استعادة شعاره القديم، مع تعديل بسيط: لن تكون جمهورية إسلامية في لبنان. يكفيه أن يفكر بالجمهورية الشيعية فحسب.
يستطيع شريكه في حكم الطائفة أن يفرح أيضاً. يمكن لنبيه برّي أن يستريح الآن من مهمة ترؤس نواب الأمة. عليه فقط أن يعيد ترتيب العلاقات داخل جمهورية الطائفة. عليه أن يستعدّ لتقاسم النفوذ في الجمهورية الجديدة، أو ربما تقاسم الأقاليم والمناطق.
مبروك.
صار بإمكاننا الآن أن نعفي أنفسنا من مشقة الاستماع إلى قداديس سمير جعجع وعظاته الربانية. يستطيع جعجع الآن أن يريحنا ويرتاح من قلقه الدائم على لبنان. عليه أن يقلق على جمهوريته فقط. عليه أن يعيد النبش في قاموسه وكتب تاريخه فيستخرج منها ما يخدم معاركه مع شركائه في الوطن المسيحي.
أما حزب الكتائب، فصار بإمكانه تغيير شعاره الذي رافقه منذ ولادته. لا داع لذكر الوطن بعد الآن. يمكن لسامي الجميل أن يهتف مرتاح الضمير: الله، الجمهورية المارونية، العائلة.
مبروك. ولن نقلق لأن سعد الحريري زعلان. حليف القوى الطائفية المصدوم من خذلانها له، لن يبقى طويلاً على زعله ورفضه للقانون. سيجد حلاً يعوّضه خسارة بعض المقاعد. لن يحتاج إلى تعديل سلوكه حتى. عليه فقط أن يبدل الهدف: بناء الدولة السنّية المدنية.
وليد جنبلاط أيضاً، الرافض اليوم لمشروع القانون، يستطيع أن ينقلب غداً على رفضه. ففي حوزته أرقام قياسية في تبديل المواقف. مبروك له أيضاً، فالقانون سيريحه من تعب التقلبات في مواقفه. يمكن لجنبلاط، الدرزي التقدمي، في جمهوريته الصغيرة المرتقبة، أن ينصرف إلى تثبيت زعامته على شعبه. يستطيع حينها أن يتخلص من أزلام الجمهوريات الأخرى في مزرعته. لن يكون مضطراً إلى مراعاة أحد.
مبروك لنا ولهم إذاً. ولينتبه الجميع إلى فئة المذهب في لوائح القيد. فخطأ صغير في الحساب قد يكلّف نائب اليوم خسارة مقعده.
أما المهلّلين دائما وأبداً لزعمائهم وقادتهم وخطاباتهم وأصابعهم وهيباتهم، فعليهم منذ الآن الاستعداد للاحتفال بالولادة المرتقبة. عليهم أن يستعدوا للزحف في اليوم الموعود، ليؤكدوا بما لا يقبل الشك، كما في كل مرّة، استحقاق اللبنانيين للقب مواطنين في الجمهوريات الطائفية المتحدة.
أما نحن، الذين يرعبنا البدء بإقرار مشروع القانون الأرثوذوكسي، فلعل هذا الانحطاط يحملنا على إعادة التفكير في استعدادنا الدائم للتأقلم، للبحث عن تسويات وفق منطق أفضل الممكن أو الأقل سوءاً، والارتخاء فوق فكرة أنه "بيمشي الحال" في نهاية المطاف. لا!

السابق
fري تلقى من شولتز رسالة جوابية حول ممارسات الاحتلال
التالي
إقرار الارثوذكسي يشعل الفايسبوك