نحّات الثلج روني محفوظ: لن أتخلَّى عن تفرُّدي

يعانق الثلج الفن في منحوتة جريئة بهندستها الدقيقة..تارة يقدم نفسه في وردة بلورية مشعة بنور ساطع، وطوراً يدخل في حلقة استعراضية يدفن في قلبه "حاسوب" تحسبه يجلس في لوح كريستال…لقد خرج الثلج عن طوره التقليدي، ودخل في تنافس مع إزميل روني محفوظ إبن بلدة مرجعيون الجنوبية، الذي انطقه بلغة فنية مثيرة للدهشة، قافزا على تجريدية النحت، ليلاقيه بإسلوب متجدد في "نحت الثلج" الذي لم يبسط نفوذه بعد على الساحة اللبنانية والعربية" وفق ما يشير محفوظ .
الدهشة هي ما يجذبك الى أعماله…بل تترأى لك المشاهد وكأنك امام أبداع غير مألوف…شجرة ميلاد نحتت بإسلوب فني ذكي جدا، تحسبها قطعة كريستال ماسية مشعه…فجأة تقع عينك على سلة فاكهة نحتها إزميل مغامر في عالم فني لا يزال غريبا عن لبنان…
ينشغل "نحَات الثلج" في بلورة صورة جديدة عن "عالمه" الذي يُشبّه بـ"الخياطة"، لأنه " يحتاج الى دقة، ومقاسات دقيقة والخطأ فيه ممنوع ضريبته "أن تنحت من جديد".. يتخيل عبره ما لم يخطر بالحسبان، ضمن حدود الجمال الإبداعي"، رأس حصان وشمعدان وشموع وازهار وغيرها، فاتحا الباب على فن مثير للجدل والدهشة".
بين أرتال مجسمات "الثلج" ذات الاحجام والاشكال الساحرة، يقف روني محفوظ الذي عاد الى لبنان بعد غياب عشرين عاما حاملا في جعبته مشروعاً فريداً". وروني الذي لم يتعلم لا أصول ولا فنون النحت ولم يكن واردا في حسابته أن يكون نحّاتاً، فجأة وجد نفسه يمضي أكثر من 17 ساعة من نهاره بين مكعبات الثلج، في غرفة تصل فيها درجة الحرارة الى ما دون الـ18، ينحت، يصمم، يفصِّل، ثم يرسم خارطة طريق لمنحوتة يتضح أنها "بابا نويل على عربته الشهيرة".

أعباء مختلفة
يغرف روني الشاب الثلاثيني من "الثلج" قطعة فنية، ينحت بتجرد ويقدم نماذج فريدة في الافكار تلامس حد "الدهشة" بل الإستغراب يكمن في إدخاله "حاسوب الى عمق مكعب ثلجي"، "الإرادة تصنع التحدي وتخلق نافذة جديدة ندخل عبرها الى الإبداع" يقول محفوظ الذي يفتخر بما انجزه.
منذ سنة دخل مشروع روني (360ice)حيز التنفيذ، ملقيا على عاتقه أعباء مختلفة "نشر فنٍ وتحدٍّ للوضع الراهن، فليس سهلا أن تغامر بأحلامك في بلد مثل لبنان قائم على كف عفريت" وفق ما يقول، ليؤكد أن "التحدي يخلق حالة جديدة وهذا ما إعتمده في مشواري فأنا تمكنت من خلق مساحة لنحتي، وبدأت الناس تتعرف على مشهدية الثلج في منحوتة تحكي سيرة طير وخلفه ورود تحيط بها سلال فاكهة وجرار خاصة بالمشروب"، معقبا "من لا شيئ يمكن أن تخلق إبداعاً فالمياه تتحول الى إبداع كريستالي يبهرك".
ومحفوظ لم يدرس هذا الفن الذي لم يعنّ على باله، بل درس إدارة الفنادق"، لكنه أعجب بالفكرة في أوروبا "قررت نقلها الى لبنان، فأنا الوحيد في الشرق الأوسط الذي ينحت في الثلج بأفكار تترك وراءها التعجب، بار كبير عرض داخله حواسيب hp عربة دلفين، شموع وازهار وتكر السبحة وتطول فالتجديد سمة العمل عنده "فأنا دائما up to date لمواكبة الجديد، انفرد في كل شيئ ولن أتخلى عن تفردي".
يمضي محفوظ ساعات ينحت "فالوقت للعمل" يبدو واثقا من نحته الفريد الذي تُبيّنه عربة كبيرة يجلس عليها بابا نويل تعطيها إضاءة مميزة، ينطلق العمل عند محفوظ من "مياه مقطرة تخضع لعملية تجميد تستغرق اربعة أيام ليبدأ بعدها الازميل بنحت رأس حصان بإنطباع كريستالي، وإلى جانبه إوزة تحمل على ظهرها زجاجة مياه غازية، وهنالك مزهرية، وباقة ورود، وكأس روماني، وشمعدان يتيح للشموع بأن توضع بداخله مضاءة، يقابله دلفين عملاق وفي رتبة أعلى يقف طير بقربه تتوزع الأزهار التي تشع نورا عبر الإضاءة المترافقة مع كل قطعة.

وحدة حال
لقد إقتحم نحت روني عالم الأعراس والتسويق التجاري، فاتحا الباب على الإبداع. ينحت بإسلوب متحدر من خلفية رفض التقليد… في كل قطعة يقمع محفوظ التكرار فالتجديد هو النجاح" يشدد محفوظ إذ نحت "بار" من الجليد لشركة معلوماتية وفي داخله أربعة حواسيب "لابتوب"، كاشفا أنه يمكن ادخال الكثير من المواد مع الثلج كالزهور، الشوكولا، البوظة، الملابس، الشموع، الزجاج وكل ما يحلو للزبائن الذي يقصدونه من داخل العاصمة وخارجها. وقتا طويلا يمضيه محفوظ في نحت بلوكات الثلج الذي تم تجميدها بطريقة متطورة جدا تحول الثلج الى شفاف جدا".
ما جذب محفوظ لنحت الثلج "أنه يشبه الحياة تبدأ جميلة تخضع لهندسة دقيقة، ثم تنزلق في افخاخ الجمال الخارق قبل أن تموت" يتحدث عنها كأنها قطعة من حياته تلازمني في كل الاوقات، نشأت بيني وبين بلوكات ألثلج وحدة حال فهي تشبهني في كثير من ظروفها بالصعوبة والخطر والدقة"…
و"نحات الثلج غريب بأفكاره مبدع في نتاجه عبقري في تصويره لمنحوتات رسمت خارطة طريق لنحت جديد طرق أبواب لبنان. عبر هندسة احترافية رسمت هوية فنية للثلج ان تجد هاتف في قلب مكعب ثلج او حاسوب فهذا غريب… ولكنه بنظر محفوظ "الشطارة والكفاءة والمهارة، ثالوث مقدس سينقلني الى شط "ألتآلق" في عالم مثير للدهشة.
يفصل روني مقاسات منحوتاته بما يتناسب والأفكار الذي سيطرح في هذه المناسبة أو تلك، يعتمد على عدة متطورة تشبه "عدة النجار"، "ولكن أكثر تطورا" يعتمد على "التخيل" في إبتكار "أفكار عجيبة ساحرة"، يعاند برودة المكان، الذي مكنه من إخراج لوحات "آية في الجمال" معتمد بإبداعه "على التخيل" لأنه "البوصلة التي أتحرك منها الى زخرفة المنحوتة أضفت الى رصيد الفن هدفا في مرمى الإبداع".
يحلق في منظومة ثلجية ساحرة، مقدما نماذج من أفكار ترافق العروس في عرسها، لقد إبتعد عن التعقيدات في نحته لأنه يريد أن يصل الى كل الفئات، فحين تنظر الى منحوتة الافعى تصمت من شدة الدقة الفنية المعتمدة، والأبرز أن عمر منحوتة تتجاوز الـ7 ساعات كما باقة الزهر التي تفقد بريقها بعد فترة، لقد نجح محفوظ في خلق هوة سحرية ناطقة بلوحة ثلج، وأكثر من ذلك تمكن من لفت الأنظار الى ما يمكن أن نستفيد منه لو ملكنا عزيمة التغير…نحت الثلج عالم جديد دخل لبنان، ومع ذلك مازال طي الإنتشار، ولكن يطمح الى توسعه في البلدان العربية التي تقدر قيمة هذا النوع من الفن، فهل سينجح في بسط منظومة الثلج في تحفة.
  

السابق
أين هم شيعة لبنان من التحولات الجارية في سورية؟
التالي
الامين: لا خلاص للبنان الا بالتلاقي والحوار