اليرموك.. استغلال ومتاجرة

انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية بمشكلة تدفق اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان نتيجة المعارك الأخيرة التي شهدتها المخيّمات الفلسطينية في سورية، وقد لوحظ في هذا المجال أن ردود الفعل التي صدرت تجاهلت حقيقة الجهة المسؤولة عن توريط فلسطينيي سورية في الأحداث الدائرة هناك، وبالتالي المسؤولة عن النتائج التي رتَّبها التورط في الأحداث السورية.
مصادر فلسطينية واسعة الإطلاع أكّدت أنه منذ بداية الأحداث عملت السلطات السورية بالتعاون مع قيادات الفصائل الوطنية على منع أي تحرك أو تصرف قد يدخل المخيمات على خطوط التماس التي أقامتها العصابات المسلحة في أكثر من منطقة في سورية، وكان واضحاً منذ البداية أن جهود القيادة السورية والقيادات الفلسطينية تصطدم بمسعىً حقيقي لفريقين موجوديْن في الشارع الفلسطيني يعملان للمشاركة النشطة في الاشتباكات واستهداف الجيش السوري والمؤسسات الوطنية السورية، وهذان الفريقان هما فصائل التكفير ومن ضمنها «فتح الإسلام» وغيرها من تفرعات القاعدة الموجودة في مخيمات لبنان وسورية، وهي تشكيلات تحرّكت داخل المخيمات في سورية، وعملت بنشاط لتهريب السلاح والمسلحين عبر الحدود اللبنانية منذ بداية الأحداث، ومع توسّع حضور فرع القاعدة المسمّى «جبهة النصرة» بدأت هذه المجموعات تنتقل إلى النشاط العسكري المعلن في المخيمات الفلسطينية بأسماء مختلفة.
أما الجهة الثانية، فهي حركة «حماس» التي أدى التشابك التنظيمي والسياسي بينها وبين «الإخوان المسلمين» في سورية إلى تورّط العديد من كوادرها وعناصرها في عمليات عسكرية تكتّمت القيادة السورية على تفاصيلها ولا تزال حرصاً على مضمون العلاقة الاستراتيجية مع بيئة المقاومة الذي يعمل تنظيم «الإخوان» لإخراج «حماس» وجمهورها منها نهائياً، ولكن في الفترة الأخيرة تحوّلت أنشطة «حماس» إلى المستوى العلني بعد مشاركتها في العديد من المعارك التي شهدتها المخيمات في سورية، وخصوصاً مخيمي جرمانا وفلسطين ومن ثم مخيّم اليرموك حيث التجمّع الفلسطيني الأكبر في سورية.
المصادر الفلسطينية القيادية تؤكّد أن الشارع الفلسطيني يعتبر الدولة السورية حاضنة وراعية للفلسطينيين لا مثيل لها في البلدان العربية، ليس على المستوى السياسي والوطني فقط، بل أيضاً على المستوى الاجتماعي والمعيشي، حيث تقدّم سورية للمواطن الفلسطيني التقديمات والفرص التي لا يحصل عليها في أي مكان آخر.
من هنا، فإن المسؤولية والتبعة عن أي مشكلة إنسانية يعيشها فلسطينيو سورية تعود إلى الجهات التي ورّطت المخيمات في الأحداث الأخيرة، واستدرجت الاشتباكات والمعارك إلى داخلها وأسقطت المساعي السورية الهادفة إلى إبقاء المخيمات بعيدة عن الحرائق والنيران.
وترى المصادر الفلسطينية القيادية، أن الدولة السورية تمارس حق الدفاع المشروع، بينما تشارك بعض المجموعات الفلسطينية بالعدوان على سورية، تحت شعار نصرة تنظيم «الإخوان المسلمين» أو من خلال الارتباط بمخططات ومشاريع شبكة القاعدة، وكلا الأمرين لا علاقة له بفلسطين وشعبها ولا بالقضية الفلسطينية التي وقفت سورية باستمرار إلى جانبها عملياً، من خلال دعمها للفصائل المقاومة للكيان الصهيوني، وليس بالكلام ورفع الشعارات كما يفعل الكثير من العرب، وإن كل استنزاف يلحق الدولة السورية الوطنية وبقيادتها المقاومة هو خدمة «لإسرائيل» وجريمة بحق فلسطين.
وترصد المصادر القيادية بأن أي استغلال من أي جهة لبنانية أو فلسطينية بقصد المتاجرة بموضوع النازحين الفلسطينيين وتصعيد الحملات ضد سورية إنما هو بفعل من المعتدين على سورية، هم المجمرون الحقيقيون الذين جلبوا الويل على الشعب الفلسطيني في سورية. 
 

السابق
ميقاتي ينزع القطن من أذنيه
التالي
شربل يؤكد تسلّمه نسخة من تقرير الـFBI