فضيحة الادوية: حتى الصحة اصبحت وجهة نظر

في كل دول العالم الدواء هو للعلاج، إلا في لبنان، الدواء هو الداء!
وفي كل دول العالم يتم الادعاء القضائي على معلوم، إذا كان معلوماً، إلا في لبنان فإن الادعاء يكون على مجهول حتى لو كان معلوماً.

بالتأكيد لا نتحدَّث هنا عن ملف من المريخ بل عن فضيحة تطال بتداعياتها الصغير والكبير ، الطفل والعجوز، المريض بأمراضٍ مستعصية والمريض الذي يعاني مجرد وجعٍ في الرأس، إنه ملف فضيحة الادوية المزوَّرة.
البعض اهتم بمعرفة لمن تعود صلاحية إحالة الملف إلى القضاء؟ هل هو المختبر الذي فُحِصَت فيه الادوية؟ ام القضاء في حد ذاته؟
كما اهتم بمعرفة الشركات التي استوردت الادوية المزوَّرة؟ وهل ما زالت تعمل، بقدرةِ قادر، وبغطاءٍ ممن؟
واهتم ايضاً بمحاولة لفلفة هذه القضية.

لكن مَن يهتم بأسماء الادوية المزوّرة وبصحة المرضى الذين تناولونها؟

في الأساس ، مسألة تزوير توقيع الوزير ليست مسألة صغيرة بل كبيرة جداً جداً جداً، فالامر لا يتوقَّف على مجرَّد التوقيع بل على المسار الذي تتخذه المعاملة من لحظة إنجاز التوقيع إلى المراسلات التي تتولاها الشركات المستوردة انتهاءً بوصول الادوية إلى المرفأ، ثم أخذ عيِّنات منها وتزوير نتائج فحوصات العيِّنات تمهيداً لتوزيع الادوية على المستودعات ثم على الشركات.
كل هذا المسار الهائل، مَن يمكن أن يقوم به؟
إنها عملية معقدة لا يستطيع القيام بها سوى من يشعر أنه قادرٌ على الإفلات من العقاب.

المهم في القضية أن النائب العام التمييزي القاضي حاتم ماضي تسلَّم شكوى من هيئة القضايا في وزارة العدل على مجهول في جرم الغش بالادوية ومخالفة قانون الصيدلة، وأحال الشكوى على قسم المباحث الجنائية المركزية لاجراء التحقيقات باشرافه.

وما يدعو إلى الاستغراب إلى درجة الذهول، أنّ الملف ليس وليد ساعته بل هو يعود الى قرابة الشهر، حين وردت الى هيئة القضايا في وزارة العدل معلومات تتحدث عن ان ثمة تزويراً في مختبرات الجامعة العربية في بيروت، وبعد الاطلاع عليها كلّف رئيس الهيئة محامي الدولة دراسة الملف. واستغرق الامر جدلاً قانونياً حول مدى تدخل الدولة مدعية في الملف او الجامعة العربية. ورأى محامي الدولة بعد دراسته الملف اسبوعاً ان بموضوع الادعاء ليس من اختصاص الجامعة العربية بل يعود الى الدولة.
السؤال هنا: طالما ان هذا المسار القضائي يستغرق كل هذه المدة ، فلماذا من باب الاحتياط لم يتم تعليق توزيع الادوية؟ منذ شهرٍ وحتى اليوم، كم من الادوية المزوَّرة وُزِّعَت في الاسواق؟ ومَن يتحمّل الضرر اللاحق بالمرضى من جراء تناولهم الادوية الفاسدة؟
مؤسف ان تتحوَّل الصحة في لبنان ايضاً إلى وجهة نظر!

السابق
أردوغان.. السلطان العثماني الجديد!
التالي
الشيخ حمود: المستفيد من الأحداث بصيدا كل من يريد إشعال فتنة سنية شيعية