اللاجنسيون …من هم وكيف تختلف حياتهم ؟

بعضهم لم يختبر أي انجذاب عاطفي، وبعضهم عاش لحظات رومانسية. لكنهم جميعاً لا يرغبون بأي تواصل جسدي ولا حتى من طريق اللمس. يُعرفون علمياً باسم الأشخاص “اللاجنسيين” (Asexuals)… فماذا تعني اللاجنسية؟ وهل تكون هوية جنسية جديدة؟

يُعرّف الإختصاصي في الاضطرابات الجنسيّة والعلاقات الزوجيّة البروفيسور إيلي المر الـ”Asexuality”، بأنها بالنقص في الرغبة الجنسية او في التوجّه الجنسي، “وهي مختلفة عن الامتناع عن ممارسة الجنس او حتى العزوف عن الزواج و”التبتّل”، والتي تعتبر سلوكيات خاصة بالأفراد أو مرتبطة بدوافع وعوامل خاصة كالمعتقدات الشخصية أو الدينية وقد تكون موقّتة. فعدم الرغبة في الجنس هي حالة دائمة ومستمرة، وبعض عديمي الرغبة الجنسيّة ينخرطون في الفعل والنشاط الجنسيين من دون أن يشعروا بأدنى رغبة في ممارسة الجنس وبلا أي انجذاب جنسي. كذلك، يمكن اللاجنسي أن يتزوج فيما الأسباب تختلف، وقد تكون الرغبة في الحصول على ولد او إرضاءً للشريك، أو حتى للمحافظة على المظاهر الإجتماعية وخوفاً من الإشارة اليه بأنه عاجز”. ويمكن تعريف عديم الرغبة الجنسيّة، بالشخص الذي لم يختبر الانجذاب الجنسي في حياته، و”Asexual” مصطلح يُطلق على الأفراد لتحديد هويتهم الجنسيّة، شأنها شأن غيرها من التسميات. “وبعض الأشخاص المصنفين “Asexual” يكشفون انهم يشعرون بانجذاب جنسي من دون رغبة أو ميول فعليّة لممارسة الفعل الجنسي، وبعضهم الآخر يمارس الجنس بدافع الفضول، فيما يلجأ البعض الى ممارسة العادة السرية كي يرتاح، في حين لا يشعر البعض الآخر بتلك الرغبة او الحاجة. وعندما نتحدث عن عديم الرغبة الذي يمارس العادة السريّة، لا يكون المقصود هنا الرغبة الجنسيّة، فهم يُدرجون هذا العمل ضمن إطار الحاجات الجسدية الأخرى وليس في خانة الجنس، كما انهم لا يجدونه ممتعاً. وبعض عديمي الرغبة من الرجال، لا يتحقق لديهم الانتصاب، لذا فهم غير قادرين على ممارسة الجنس، والبعض يتحقق لديهم الانتصاب ويمارسون الجنس فقط إرضاءً للشريك”.

لكن ماذا عن أسباب انعدام الرغبة الجنسية؟ يرى المرّ أنه لا يمكن إدراج انعدام الرغبة الجنسية في سياق الاضطراب في الرغبة والنشاط الجنسيين، “كون بعض عديمي الرغبة الجنسية لا يعالجون طبياً ولا يعانون مشكلات طبية تستدعي العلاج او التدخل الطبي. علماً ان انعدام الرغبة ليست لأسباب نفسيّة كالقلق، لكنها تحصل بسبب غياب الادراك والوعي بالرغبة الجنسية كعامل مهم من استمرارية الحياة. وعندما نتحدث عن اختلاف في اللاجنسيين بين من يستطيع ممارسة الجنس ومن لا يستطيعه، يمكن القول إن أسبابها مرتبطة بالاضطرابات النفسيّة او الأمراض أو حتى الإنحراف”.

رغم انعدام الرغبة الجنسيّة لديهم، غير أن للاجنسيين حاجات عاطفية أيضاً، وبالنسبة الى عدد كبير منهم يبدو أن الجنس والرومانسية منفصلان. وبحسب المر، “بعض اللاجنسيين لديه علاقات صداقة قوية جداً، في حين ان البعض الآخر يقيم علاقات رومانسية قوية، لكن من دون جنس. وعدد قليل من اللاجنسيين الذين يختبرون انجداباً رومنسياً، يصنّفون أنفسهم مثليين جنسيين أو منحرفين جنسيّاً”. وتختلف الحاجات العاطفية على نحو واسع بين اللاجنسيين، تماماً كما هي الحال بين الأفراد الذين يرغبون في الجنس، من هنا تصنيفهم بين اللاجنسيين الرومانسيين واللاجنسيين غير الرومانسيين. والفئة الأولى كما يشرح المرّ “تضمّ الأشخاص الذين لم يختبروا أي انجذاب رومانسي او عاطفي ولا يرغبون في أي تواصل جسدي ولا حتى من طريق اللمس، ولا تعنيهم أي حميميّة جسدية. والفئة الأخرى تمثّل الأشخاص الذين اختبروا انجذاباً عاطفياً ورغبة في البقاء مع من يحبون ومشاركتهم الحياة من دون أن تلامس مشاعرهم حدّ الرغبة الجنسية في معظم الأحيان”.

يشير الإختصاصي في الاضطرابات الجنسيّة والعلاقات الزوجيّة البروفيسور إيلي المر الى أن الـ”Asexuality” مصطلح يُطلق على الأفراد لتحديد هويتهم الجنسيّة كغيره من التسميات، كالمثليين جنسياً وغيرهم. لذا ينبغي علينا ادراك الاختلاف بينها وبين العجز الجنسي والبرودة الجنسيّة. ويضيف: “مشكلة العجز الجنسي تصيب الرجال، لكنّ عدداً قليلاً منهم يبوح بها، فيما تتحفظ معظمهم عن الاعتراف بأنهم عاجزون جنسياً مما يؤدي الى تفاقم المشكلة. ويعتقد كثر من الناس، بان العجز الجنسي مرتبط بالشيخوخة، لكنه في الواقع ليس نتيجة حتمية للتقدم في السن، ولاسيما إذا ما اعتبرنا ان العجز يسبّبه أحياناً نقص في مستوى هورمون التيستوستيرون في الدم، من دون أن ننسى طبعاً أسباباً أخرى لدى الرجل، منها عضوي ومنها نفسي. أما الخلل في الجهاز العصبي والهورمونات والغدد والصراعات النفسيّة والتربية للولد، فقد تسهم في تفاقم العجز الجنسي الذي يمكن علاجه في معظم الحالات والتغلّب عليه”.

بالنسبة الى البرودة الجنسيّة، فهي تحصل مع بعض النساء اللواتي تغيب لديهن الرغبة الجنسيّة نتيجة الخوف من ممارسة الجنس أو لأسباب نفسيّة منوّعة. وعن هذا الموضوع، تفيد المعالجة النفسيّة والأستاذة الجامعيّة الدكتورة رندا شليطا، أن البرودة الجنسيّة عند المرأة مردّها الى تشنّج المهبل (Vaginisme) الناجم عن الخوف من ممارسة الجنس. “وعدم الرغبة في الجنس لدى المرأة قد تعود الى تربية الشاب والفتاة، والتي تنادي في مجتمعاتنا الشرقية خصوصاً، بسيطرة الرجال وتتغنّى بـ”فحولتهم” وتشدّد على المرأة وتقيّدها وترسّخ في ذهنها أن الجنس عيب”. (هيدا كان بالستينيات) وهذا يؤدّي الى زهد المرأة بالرجل ويجعلها باردة جنسيّاً.

أما اللاجنسيّة فهي هوية جنسية تعرّف بصاحبها جنسيّاً وتميّزه عن غيره، وهي بتعريف المر “عدم الرغبة في ممارسة الجنس وغياب أي شعور بالانجذاب الجنسي نحو الطرف الآخر”.

السابق
جمعياتٌ اجتماعيَّة.. لم تعد اجتماعية؟
التالي
نظام الاسد في ايامه الاخيرة