استراتيجية السلاح

رد الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على رئيس الجمهورية ميشال سليمان مباشرة. الخطاب السيادي لم يعجبه، والكلام عن حصرية السلاح لم يرقه، وعدم مشاركة الخارج في قرار لبنان السيادي ازعجه، وهو أصلاً اقلق سوريا ربما، اذ استشمت فيه كلاماً ثورياً. وقد يرد على الرئيس تباعاً كل حلفاء سوريا، وكذلك على قائد الجيش الذي اكد ان لا مناطق عازلة في لبنان.
والعماد جان قهوجي كان واضحاً أيضاً اذ لم يتكلم عن منطقة عازلة بعينها، بل عن مناطق. لانه يعرف جيداً ان الأمر لا يقتصر على ما يحكى من محاولات في عكار والشمال، بل ان كل منطقة يمكن ان تكون عازلة عندما تقيم لها أمناً ذاتياً، وتحدد للجيش وقوى الأمن مدى قدرتها على الحركة. بمعنى آخر، تحد حركتها بضوابط أقل ما يقال فيها إنها تقوض أسس الدولة ذات السيادة.
ما أعلنه السيد حسن نصرالله الاسبوع الماضي عن استراتيجية التحرير لا يهدف في الواقع إلا الى خربطة مؤتمر الحوار الوطني. قوى 14 آذار قاطعت لتحسين شروطها، أما الحزب، الذي حضر، فإنه يدفع الآخرين الى مزيد من المقاطعة، بعدما نسف الحوار من أساسه وأفرغه من مضمونه، وهو يحاول جره الى مكان آخر.

استراتيجية التحرير التي قدمها السيد حسن نصرالله تنفي ما ذهب اليه ووزراءه ونوابه عندما دعوا قوى 14 اذار الى عرض افكارهم واقتراحاتهم على طاولة الحوار. السيد فعل عكس ذلك، عرضها عبر التلفزيون. فاجأ الشركاء باستراتيجية جديدة مقابلة للاستراتيجية الدفاعية. الثانية في رأيه تهدف الى نزع سلاحه لا الى سيادة منطق الدولة، اما الاولى فتؤكد ضرورة بقاء السلاح الموازي لسلاح الجيش وقوى الامن، حتى في ظل الانقسام اللبناني العميق حوله.

مقولة الجيش والشعب والمقاومة، ثلاثية سقطت منذ زمن بعيد، لأنها أصلاً أُسقطت على الناس في زمن الوصاية السورية التي حاولت عبثاً ان تقنعنا، ولو بالقوة، بأننا شعب واحد في بلدين، بل ربما في البلد الواحد، سوريا الكبرى الخاضعة لحزب البعث.
الاستراتيجية التي عرضها السيد حسن نصرالله لا يمكن ان تسمى إلا استراتيجية السلاح. المطلوب عدم المس بالسلاح، المطلوب ابقاء السلاح غير الشرعي، المطلوب عدم الخروج من منطق الحرب والعبور الى الدولة، المطلوب اضعاف الرئاسة الاولى، والتشكيك في قدرة الدولة، واضعاف الجيش والتشكيك في قوى الامن، وترهيب المؤسسات الرسمية، بل احتلالها، لتبرير بقاء السلاح.
فعن أي استراتيجية تتحدثون؟
 

السابق
يسرق السلاح
التالي
سوريا من الحرب بالوكالة الى الحرب بالأصالة