جنبلاط: الأسد لن يستسلم لذلك الإسراع في إسقاطه أفضل

رأى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، في لقاء صحافي موسع مع ممثلي الصحف العربية في بيروت في دارته في المختارة بحضور مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، "ان تفجير دمشق لا يعني أن الرئيس السوري بشار الاسد سيرحل او يستسلم، بل سيستمر في المواجهة، لذلك فان الإسراع في تسليح وتمويل الجيش السوري الحر، يوفر على سورية، الكثير من الخراب والدمار، ولا سيما عندما نرى ما جرى في مدينة حمص، التي تقريبا سوِيت بالأرض، ويحاول أن يفعل نفس الشيء في خان شيخون، إدلب، معرة النعمان، والحفة وغيرها".

وأشار جنبلاط الى "أن النظام السوري يحاول أن يرسم خارطة شرق الجبال، وأن يهجر أكبر كم ممكن من السكان، وغير صحيح أن السكان هم من السنة فقط، ففي حمص كان هناك أكثر من 180 ألف مسيحي، فالذي يدعي أنه يحافظ على الأقليات، لم يبق من هؤلاء أحد، نتيجة القصف والتدمير المنهجي لحمص وأحيائها القديمة".

وردا على سؤال، كرر جنبلاط "أن الأسد لن يستسلم، لذلك فالإسراع في إسقاطه أفضل، ويوفر المزيد من الدماء على الشعب السوري، ويجنب سورية مزيدا من الخراب"، وقال: "عندما ترى اليوم المعارك في شارع بغداد الذي هو من أجمل شوارع دمشق، فكيف إذا استمر في العناد والاجرام، وهو سيستمر بالعناد، سيكون هناك الكثير من الدم والخراب، الذي لن يردعه شيئ عنه، وقد يجره جنونه الى تدمير مدينة دمشق، لذا ادعو الحكومة اللبنانية، وقد بلغني ان هناك الآلاف من النازحين على الحدود، الى اتخاذ قرار تاريخي بإحتضان الشعب السوري الذي احتضن مئات الآلاف من اللبنانيين اثناء عدوان تموز 2006، بفتح المدارس والمؤسسات لاستقبالهم وإقامة مخيمات للاجئين لتقديم المساعدات الاجتماعية والإنسانية لهم".

نداء

وتوجه جنبلاط بنداء الى اهالي جبل العرب، داعيا اياهم الى "الالتحاق بالثورة والوقوف الى جانب سائر الوطنيين السوريين في مطالبتهم بالحرية والديمقراطية". وقال: "أدعو جميع المترددين الى الخروج من هذا التردد والخوف والانضمام الى الثورة وقد سبق لقسم من اهالي جبل العرب ان قاموا بواجبهم وقد استشهد منهم ابطال امثال الرقيب اول مجد الزين وشفيق شقير وياسر عواد وسواهم. كما ادعو الى الانشقاق عن الجيش النظامي والالتحاق بالجيش الحر لانه السبيل الوحيد لاسقاط النظام الحالي. وأوجه النداء ذاته الى ابناء الطائفة العلوية الكريمة لأقول لهم انهم سوريون قبل ان يكونوا علويين، وانبههم أن الدخول في مغامرات قد تريدها العصابة الحاكمة لوضعهم في مواجهة مع ابناء الطوائف الاخرى".

وعما أشيع بأن الرئيس الأسد انتقل إلى القرداحة، بلدته، أشار جنبلاط الى أنه لم يسمع بذلك، وقال: "إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فإن ذلك يعني أنه يحضر لمعركة طويلة وجر البلاد الى مغامرة ذات طابع مذهبي، ومجيئه إلى القرداحة يعني أنه يريد أن يجري آخر معركة فيها، لكنه أدخل سورية في المجهول. لذلك، أعود واكرر ان تسليح المعارضة السورية ودعم الشعب السوري بالمال يوفر مزيدا من الدمار والخراب".

وعن العلاقات بين القوى اللبنانية، قال جنبلاط: "نحن كحزب تقدمي اشتراكي نظمنا الخلاف مع "حزب الله" في ما يتعلق بالنظام السوري، فهم يؤيدون النظام السوري، وهذا خطأ فادح اخلاقيا وسياسيا، فمستحيل التوفيق بين محاربة الظلم والإحتلال والدفاع عن الجنوب ومواجهة الإحتلال الإسرائيلي ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة، وبين تأييد النظام السوري الذي يفتك بشعبه ويدمر سوريا".
السلاح بأمرة الدولة

وفي ما يتعلق بسلاح "حزب الله" قال: "سمعت تصريح النائب محمد رعد، بأن لا تسليم للسلاح قبل التحرير، أنا أعترض عليه، لأن الدولة اللبنانية هي التي تقرر تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بالوسائل التي تريد إما سلما، أو حربا، حيث كنا قد إتفقنا في جلسات الحوار عام 2006 على تثبيت ملكية تلك المزارع بالتحديد والترسيم"، ملاحظا "أن ذلك يتم مع الدولة السورية، وحتى الآن لم يتم أي ترسيم، لا في مزارع شبعا ولا في تلال كفرشوبا، ولا حتى في مناطق الهرمل ودير العشاير والحدود البحرية الشمالية".

وأضاف : "في الجنوب نعم للسلاح بأمرة الدولة للدفاع عن لبنان، لكن لا يستطيع حزب أيا كان هذا الحزب أن يقرر وحده منفردا أنه يحرر ثم لاحقا يلتحق بالدولة فهذا غير منطقي"، موضحا "ان الورقة التي قدمها رئيس الجمهورية واضحة، وهي تتناول كيفية الإستفادة من السلاح في الدفاع عن لبنان، وليس عن الجمهورية الإسلامية ولا عن أي شخص آخر".

ورأى "ان الأساس هو استيعاب هذا السلاح في الدولة"، مشيرا إلى "أن البلد مقسوم بين مؤيد للنظام السوري، ومعترض على هذا النظام ومؤيد للشعب السوري"، مشددا على "أن تبقى ردة الفعل من الطرفين سلمية وكل واحد حر أن يعبر بالطريقة التي يريدها".

الموقف الروسي

وعن الموقف الروسي من سورية، قال جنبلاط: "كان هناك عدة فرص أمام روسيا لإنقاذ سورية مما جرى فيها من خراب ودمار، وحتى الآن يستطيعون في مجلس الأمن أن ينقذوا سورية عبر موقف إيجابي متضامن مع الرأي العام العالمي، كي لا يزيدوا في مواقفهم السلبية بإعادة رسم الخارطة في المنطقة ربما، أو بتخريب سورية، فموقفهم من النظام لم يعد مقبولا لا أخلاقيا ولا سياسيا، كما أنه لم يعد مفهوما، إلا إذا كانوا يريدون فتح خرائط قديمة عندما كانت هناك روسيا القيصرية قبل أن تشارف على نهايتها، وقبل ثورة لينين في عامي 1916 و1917 حيث شاركت روسيا بشكل غير رئيسي مع بريطانيا وفرنسا في تقسيم تركيا وسورية، حيث كان آنذاك حصة لروسيا في تركيا على ما أعتقد، وفي عام 1920 اخترع الجنرال غورو خمس دويلات هي: العلوية، دولتا حلب ودمشق وسنجق اسكندرون، والدويلة الدرزية التي أسقطها لاحقا الثوار الوطنيون السوريون بقيادة سلطان الأطرش. وقبل ثورة لينين شاركت روسيا في خطط خرائط المنطقة لأن العدو اللدود لروسيا كان دائما السلطنة العثمانية".

وفي تفسير لزيارة بوتين إلى إسرائيل، قال جنبلاط: "بدا وكأنه جاء إلى إسرائيل ليقول "نحن نحميكم"، مشيرا إلى "أن ثاني لوبي إسرائيلي بعد واشنطن هو في موسكو، وكان الناطق الرسمي لهذا اللوبي في مرحلة معينة هو بريماكوف"، لافتا إلى "أن الأخير مع سلطانوف، كانا غير مرحبين بالمحكمة الدولية بعد إغتيال الرئيس الحريري".

ورأى جنبلاط أن "في روسيا الآن قيصرية جديدة"، آملا من "القيصر بوتين"، أن ينقذ روسيا من الخراب، لافتا إلى مقابلة لعبد الحليم خدام قال فيها أنه "من الأفضل لبشار الأسد الهرب إلى روسيا"، معتبرا "أن هذا قد يكون الحل".

وقال: "في آخر زيارة لي إلى موسكو التقيت بـ لافروف، فكان موقفه متصلبا، وسألته لماذا أنتم ضد الشعب السوري، فأكد لي أن لا تسوية إلا مع بشار"، وإعتبر جنبلاط أن "هذا الشعار أوصل سورية إلى ما هي عليه الآن، فقد كان ممكنا تفادي الكثير، وحتى نظرية الحكومة الانتقالية، التي خرجت مؤخرا، مستحيلة في سورية، فهل يراد إستبدال بشار بأخيه أو أخته، أو بآل مخلوف".

تفجير دمشق

وعن عملية التفجير الأخيرة التي طالت القادة الامنيين في سوريا، أكد جنبلاط: "أن هؤلاء الرموز الذين يشكلون خلية الأزمات، التي تعالج عملانيا على الأرض أمنيا وسياسيا وعسكريا هم الذين استهدفوا، ومن كان معهم أيضا.. غير ذلك لم تأتني أي معلومات، ولا أعرف، لقد كان هؤلاء هم القادة الميدانيون للقصف والتدمير والخطف والاعتقال والتعذيب والقمع".

اليمن

وعلق جنبلاط على المرحلة الانتقالية في اليمن، فرأى "أن المجتمع اليمني قبلي، ولكنه حضاري، فهذا اليمن على مدى أشهر شهد حراكا، لم يسقط أحد إلا عندما حصل شرخ بين بعض الألوية وبين علي عبد الله صالح، لكن مؤيدي المعارضة والموالاة احترموا أنفسهم، علما أنه في كل بيت يمني هناك كم كبير من السلاح. كما خرجت ناشطات كان لهن دورهن، فاليمن أعطى مثلا في الرقي والديمقراطية".

وأوضح ان "القبائل التي ينتمي إليها علي عبد الله صالح تخلت عنه من خلال المبادرة الخليجية، وأصبح هناك تداول في السلطة".

حادثة عكار

وردا على سؤال عن التطورات العكارية الأخيرة في شمال لبنان، قال جنبلاط: "الخطر على الجيش اللبناني كان في هذه المغالاة لدفع الجيش لمواجهة الشعب، كان لا بد منذ أول لحظة إزاء حادثة الشيخ عبد الواحد ومرافقه، من معالجة الأمر قضائيا، ولكنها لم تنجح نتيجة ضغط بعض العبثيين، إلا أن رئيس الجمهورية استدرك فأعيدت المحاكمة، كما فعل إبان حادثة مار مخايل واعيد توقيف الضباط".

الاسير

وعن ظاهرة الشيخ أحمد الأسير، تساءل جنبلاط: "إلى أين سيصل، حتى الإعتصام الذي نفذه يوما "حزب الله" بدأ بحشد كبير، لكنه انتهى بعشرة أشخاص، إن حرق الدواليب، وقطع الطرقات، لن يحقق نتائج".

وشدد جنبلاط على أن "المطلوب أخيرا هو القبول بإستراتيجية دفاعية ووضع السلاح بتصرف كل الشعب اللبناني أي الدولة، ثم السماح للدولة أن تعالج كل المشاكل من السرقة إلى الرشوة والكهرباء والمخدرات، وكل أشكال الموبقات التي تطال كل المجتمع اللبناني".

داتا الاتصالات

وردا على سؤال عن تسليم داتا الإتصالات، قال: "الداتا" ملك الجميع وكفى هذا التصويب على فرع المعلومات الذي قام بدور كبير في قضية اغتيال الرئيس الحريري، ونصيحتي طالما أن السيد حسن نصر الله قام بمرافعة يقول فيها أن إسرائيل قتلت الرئيس الحريري، فليتفضل، ويقدم هذه القرائن إلى المحكمة الدولية، فقد يكون عنده الحجة ليدحض فيها معلومات المحكمة الدولية علما أن هذا الجهاز أو الفرع مع جهاز الاستخبارات العسكرية إستطاع أن يوقف العديد من عملاء إسرائيل وان يقوم بإنجازات كبيرة جدا".

أضاف: "لكن أن تحجز الداتا من قبل وزير في جريمة أو محاولة إغتيال، فإن الأمر غير مقبول"، متسائلا: "أنت وزير وتحجب الداتا، فلماذا تعرِض نفسك للاتهام حتى أنك قد تتهم بمحاولة اغتيال بطرس حرب!!".

وقال: "هناك هيئة قضائية برئاسة قاض محترم هو القاضي حاتم ماضي، وبالتالي أول الأمر يجب أن أسلم الداتا للقضاء حتى يقوم بالواجب"، لافتا إلى أنه "من الضروري حصر الداتا بمعطيات محاولة اغتيال مثلا، وليس أن تفتح على كل شيء فهناك حرمات لا يجوز خرقها".

حافظ وبشار الاسد

وعاد جنبلاط بالحديث إلى التطورات السورية مقارنا بين الرئيس الأسد الإبن وبين والده فقال: "إن حافظ الأسد كان لديه حنكة أكبر بإستيعاب كل التناقضات العالمية، لأنه وجد في أوج الحرب الباردة، وكانت سورية نقطة تقاطع وتواصل، وباسم تحرير الجولان بعد حرب 1973، وتحرير الأرض، أخذ لبنان كترضية، وكان مطلوبا ضرب اليسار اللبناني، وهو مطلب عربي، وضرب منظمة التحرير وياسر عرفات، وكان هذا مطلبا أميركيا – إسرائيليا، وهذا الموضوع بدأ فيه سنة 1975 وانتهى به في حرب المخيمات، وهو تحقق رسميا بعد أن خرج عرفات من لبنان سنة 1982".

واستطرد: "عندما عاد عرفات إلى طرابلس، فتح جرح طرابلس منذ تلك الفترة، عندما قام أحمد جبريل والأحزاب الموالية لسورية بتدمير باب التبانة مرورا بحرب المخيمات"، معتبرا "أن حافظ الأسد أدخل الاغتيال السياسي إلى لبنان، وبشار تابع نهج ابيه".

وتابع: "حافظ الأسد استفاد من الحرب الباردة وجاء بكل رؤساء دول العالم إلى دمشق تحت شعار تحرير فلسطين، لكنه في نفس الوقت لم يكن يعترف بالقرار الفلسطيني المستقل، بينما كنا نحن آنذاك متمسكون بالقرار الفلسطيني المستقل، وهو أحد أكبر المشاكل التي كانت مع النظام السوري، فكمال جنبلاط كان يدافع عن القرار الفلسطيني المستقل ولبنان المستقبل، بينما النظام السوري لم ير ذلك وكان التدخل السوري بتغطية عربية ودولية".

ولفت إلى "ان القوى الوطنية حاولت في السابق أن تقنع ما كنا نطلق عليه الانعزال اللبناني، بأن السوريين إذا دخلوا لبنان لن يخرجوا، فكان أن خرجوا على دم رفيق الحريري، بعد أن دخلوا على دم كمال جنبلاط".…  

السابق
قبلان: لبنان وطن الجميع وعليهم أن يحصنوه ضد المؤامرات
التالي
المفتي قباني: لبنان لن يكون بعيدا عن الفتن والاحداث قادمة اليه بدمار أعظم