بين شفيق ومرسي

أيام تفصل مصر عن يوم الإعادة والمنافسة النهائية للرئاسة بين ما يسمى بمرشح الفلول للنظام السابق احمد شفيق وبين مرشح الاخوان محمد مرسي.
إن ما حدث في مصر يوم الحادي عشر من الشهر الثاني لسنة 2011 كبير بكل المقاييس، قد يرفض البعض تسميته ثورة بمعناها التعريفي التقليدي، لكن ما حدث كان زلزالا قلب معادلات سابقة قائمة داخليا وخارجيا. قد يكون ما حدث في مصر يوم 11 فبراير من سقوط لنظام مبارك حلقة من حلقات ثورة آخذة فصولها بالتكامل عبر مخاض عسير وعلى دفعات وتبقى أحد الفصول المهمة هو سد فراغ الرئاسة الذي يملؤه المجلس العسكري حاليا.
بالنظر إلى وجود جدليات تشريعية وقانونية تدور حول مدى الصلاحيات المتاحة للرئيس المنتخب، وتدور هذه الجدليات أيضا حول دستور جديد لم يكتب بعد، يصبح التحدي القادم أكبر على أي رئيس يتم انتخابه لقيادة مصر.
الثورة في مصر دكدكت كراسي نظام سابق راسخ، لكنها لم يكن لها قيادة واضحة وموحدة، لذلك تضاعفت حيرة المصري بعد سنة ونصف تقريبا على الثورة وبعد احداث أمنية كبيرة مر بها، حيرة بين مرشح لما يسمونه بمرشح الفلول وهو آخر رئيس وزراء في العهد السابق، وبين مرشح لتيار اسلامي عريض في الساحة المصرية.

ينظر بعض المصريين إلى شفيق على امل بأن يكون هذا المرشح ان تم له النجاح صماما لأمن مصر وللمواطن المصري، فصورة شفيق قد تشعر بعض الناخبين بالأمان الداخلي والاستقرار وتضع في مخيلته ذكريات لعلاقات خارجية متينة خصوصا مع الدول الكبرى والدول الغنية والدول ذات السطوة، فالمواطن وهو ينظر لصورة الرئيس المحتمل شفيق فإنه يقارب بين فترة حكم فاسد وبين أشهر من الاضطرابات وعدم وضوح الرؤية بعد سقوط هذا النظام المستبد.
مقابل ذلك ينظر الكثير من المصريين إلى مرسي مرشح الاخوان مع مخاوف من سيطرة تيار إسلامي على الحكم، وهذه المخاوف قد تكون موجودة أكثر عند غير المسلمين من الاقباط الذين ينظرون من زاويتهم بخشية إلى حكم مصر من قبل تيار ديني إسلامي، وهم قد يخشون بذلك من تراجع دورهم التاريخي في مصر. اما الآخرون فأنهم قد يكونون أسرى الخوف من تيار اسلامي يحكم مصر ويقلب المعادلات الاجتماعية والثقافية في بلد يشهد تنوعا ثقافيا تاريخيا من الصعب وان لم يكن مستحيلا فك الارتباط فيه عبر صناديق الاقتراع سواء لمرشح الاخوان أو لمرشح ما يسمى بالفلول.

هناك معادلات جديدة داخلية وخارجية تفرض نفسها وتحتاج إلى روح المبادرة لتأخذ مصر موقعا يتناسب مع حجمها وإمكاناتها، ولما يمكن أن تمثله من دور إقليمي وعالمي ريادي، ونهضة داخلية بعد سنوات من الركود.
هناك ايضا دور جديد للرئيس القادم، وهو أن يُخرج مصر من المعادلة الدولية القديمة التي قزّمت دورها وهي معادلة جعلتها تخضع خارجيا وتخضع داخليا لرغبات وأحيانا املاءات الدول الكبرى والدول الغنية، هذه المعادلة كانت احد أسباب ثورة الشعب ضد نظام لم يستطع أن يحقق نموا اقتصاديا، ولم يستطع في الوقت نفسه أن يخرج من مِنّة اللاعبين العالميين الكبار حتى أصبح دور مصر في الصراع العربي الاسرائيلي وهو القضية المركزية الأهم من دور القائد الى دور الوسيط بين جار شقيق مسلوب الحقوق وبين عدو غريب معتد.

قد لا يكون انتخاب مرسي بداية النهاية لفصول الثورة المصرية، لكنه سيكون أن تم احدى حلقاتها لأنه يمثل خروجا عن النظام السابق الذي لفظه الشعب بعدما اصبح عبئا عليه وعلى تاريخ مصر، أما انتخاب شفيق ودخوله للقصر الرئاسي، فهو دخول للنظام السابق من الشباك بعدما أخرجه الشعب المصري من الباب.

  

السابق
الأساتذة يرمون كرة المقاطعة في ملعب رئيس الحكومة
التالي
شروط فاتن حمامة للعودة إلى السينما؟