أمطار غزيرة… وعلة المياه مستمرة جنوبا

استبشر اللبنانيون خيراً بالنسبة العالية للهواطل هذا العام مقارنة مع الأعوام الفائتة، وهي نسبة وصلت إلى حدود ما شهده لبنان من أمطار عامي 1993 و2003. ولكن أين ذهبت هذه المياه ومن يستفيد منها؟
يقول أحد المسؤولين في وزارة الطاقة: السؤال أين تم تخزين هذه الكمية الكبيرة من الأمطار؟ الجواب واضح وبسيط، ذهب معظمها إلى البحر. ولن يستفيد أحد منها. يستطرد قائلاً: لقد امتلأ خزان بحيرة القرعون في البقاع الغربي، لكن مياه هذا السد تساعد على الري فحسب، في حين أن مياه الشفة تأتي من خزين الثلج الذي يساعد على إعادة رفع مستوى المخزون الجوفي، وهذا ما حصل ولكن ليس بالقدر الذي نسحب منه سنوياً.

مصادر مياه الشفة جنوباً
يشير مصدر مسؤول في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي إلى مصادر المياه قائلاً: معظم مصادر المياه في الجنوب هو مصادر جوفية، 75% من كمية المياه التي تضخ للمواطنين تأتي من مصادر جوفية، وما تضمنه من الينابيع ينحصر بنبع الطاسة، كفروة، رأس العين، ومشروع الوزاني. والمشكلة أننا لا نعمل لإعادة التخزين، هناك أساليب مختلفة لذلك، منها حفر آبارٍ خصيصاً لهذه الغاية والموجودة حالياً بئر الداشونية فقط. وتواجهنا مشاكل عديدة مثلاً: هذا العام كان يخرج من سرب أحد السدود 6 مليون م3 يومياً. جرفت بطريقها أتربة وغيرها، اضطررنا لإطفاء الليطاني، إذ لا مجال لمعالجة هذا الكم من المياه، ومن راقب مصب القاسمية، لاحظ تحول لون مياه البحر إلى أحمر لكثرة ما جرفته المياه معها من أتربة ورمول.

المشكلة هي الكهرباء
وحول الخوف من نفاذ المياه الجوفية، يؤكد المصدر: لا خوف من ذلك فالهبوط بنسبة المياه الجوفية ليس حاداً، بل يجب التفكير بزيادة التخزين. إذن، ما هي المشكلة وأين تكمن؟ يوضح المصدر المسؤول: أن المشكلة ليست بالمياه والحصول عليها بل الأساس هو عدم انتظام التيار الكهربائي. واعتقد أن الصيف سيكون مقبولاً إذا انتظم وصول التيار الكهربائي، ولا تنسى أن لدينا في الجنوب 260 محطة ضخ تضخ يومياً 200 ألف م3. وإذا أجرينا مقارنة مع محطة ضبيه التي تضخ 250 ألف م3 يومياً وأقصى ارتفاع للضخ هو 60م في منطقة الأشرفية في حين أننا نضخ مثلاً من رأس العين إلى باتوليه، صديقين، كفرا وصولاً إلى بنت جبيل أي إلى ارتفاع 780م وننجح في الضخ إذا كان التيار الكهربائي منتظماً، لكننا نواجه الانقطاع شبه الدائم بالمياه في المناطق المرتفعة بسبب عدم انتظام التيار الكهربائي ويخلص المصدر إلى القول: 75 – 80% من مشاكل المياه في الجنوب يتحمل مسؤوليتها التيار الكهربائي. بالإضافة إلى مشكلة أخرى هي أن آلاتنا تعمل بقوة 380 فولت في حين تصل الكهربائ بقوة 260 – 250 فولت مما يؤثر على الآلات نفسها.


مشاكل مئوية أخرى
ولا تقتصر مشاكل إيصال مياه الشفة إلى المواطنين على مشكلة الكهرباء فحسب بل هناك مشاكل أساسية أخرى، يوضح المصدر: معظم التجهيزات الموجودة في محطات التكرير والضخ بحاجة إلى تجديد. التجهيزات الجيدة تعمل 15 سنة. ومعظم التجهيزات يعمل منذ اكثر من 15 عاماً. ولا أحد يهتم بتبديلها.
ويشير المصدر: أحدث مشاريع المياه هي ما نفذه مجلس الجنوب أوائل تسعينات القرن الماضي وهي مشاريع وادي جيلو، باتوليه وصديقين أي عمرها تجاوز العشرين عاماً. وبدأت الأعطال تطالها وآخر المشاريع، مشروع الوزاني الذي نفذ عام 2001، أي أنه يعمل منذ 12 عاماً. كل هذا يعني ان التجهيزات المستخدمة صارت هالكة موضوعياً.
وهناك مشكلة أخرى تتعلق بقِدم الشبكات من يزيد من نسبة التراويح المائية، يقول المصدر: نحن بحاجة إلى استبدال الشبكات، لقد استطاعت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وبالتعاون مع البلديات استبدال نحو 30 كلم من التمديدات ولكن هذا لا يكفي، وإذا انتظم التيار الكهربائي نسبياً، سيؤدي ذلك إلى اكتساب مشاكل أخرى يتراويح الشبكات المائية.
وحول وجود أحياء في قرى وبلدات مختلفة لا تصلها الشبكات المائية، يوضح المصدر المسؤول المشكلة بقوله: هنا يتحمل التنظيم المدني والبلديات مسؤولية المشكلة، بالإضافة إلى الزعامات السياسية، هذه الأحياء التي تتحدث عنها هي أحياء غير قانونية وقسم كبير من منازلها بني على أراض مشاع وغير خاضعة للتخطيط المدني. لذلك أرى أن المسؤولية الأساسية للجهات التي تسمح للمواطنين بالبناء في أماكن غير قانونية، يجب أن توافق البلدية والتنظيم المدني على البناء، بحيث يراعى إمكانية استفادة المبنى من الخدمات الموجودة وبالمستوى الموجود. إذ لا يعقل أن يبني أحدهم بيتاً على رأس تلة، تكلف مد شبكة مائية له أكثر من قيمة اشتراكه، إذا دفعه، لمئة عام. من أجل ذلك من الأفضل أن تتناغم السياسات بين تنظيم مدني ومؤسسات خدمات عامة وبلديات.

السابق
تنشيط السياحة الدينية الداخلية في الجنوب… والأسباب سورية
التالي
كان أفضل لو تفاهم الحريري وميقاتي!