الشرق الأوسط : لبنان: سجال سياسي حاد داخل الحكومة وعون يرمي جنبلاط بعبارات من العيار الثقيل

ارتفع منسوب السجال السياسي والاتهامات المتبادلة غير المسبوقة في مكونات السلطة الحاكمة في لبنان، خصوصا بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ومعهما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جهة، وبين رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون من جهة ثانية، وذلك بسبب الخلاف المستحكم بين هذه الأطراف على تقنين آلية صرف مبلغ الـ8900 مليار ليرة، التي أنفقتها الحكومة خلال عام 2011، والخلاف بين جنبلاط وعون على قانون الانتخابات النيابية العتيد، لا سيما وصف عون لجنبلاط بـ"الكاذب".

وفي وقت استوقف فيه المراقبون تصريحا للرئيس نجيب ميقاتي سأل فيه "ما جدوى بقاء هذه الحكومة إذا كانت غير قادرة على الإنتاجية؟"، وهو ما وضع علامة استفهام عما إذا كان الكيل طفح عند ميقاتي وبات يلوح بالاستقالة، أوضحت مصادر رئيس الحكومة أن الأخير "أطلق هذا الموقف من منطلق الدعوة لأن تكون الحكومة أكثر إنتاجية". وأكدت المصادر لـ"الشرق الأوسط"، أن "كلام الرئيس ميقاتي جاء في إطار تحفيز الحكومة على مزيد من الإنتاجية، والبحث الجدي عن قواسم مشتركة لحل المشاكل التي تعترضها، وليس في سياق الامتعاض أو النقمة"، مشيرة إلى أن "الحكومة مستمرة في العمل وفي تحمل مسؤولياتها رغم التعقيدات، لأن بقاءها مصلحة للبلد، خصوصا في هذه المرحلة البالغة الدقيقة".
وتعليقا على مواقف العماد عون الأخيرة التي تناول فيها جنبلاط بشكل جارح، سأل مفوض الإعلام في "الحزب التقدمي الاشتراكي" رامي الريس "كيف يمكن لشخصية سياسية مرشحة بصورة مستمرة لرئاسة الجمهورية، والذي هو الموقع الأعلى في الدولة اللبنانية، أن يقدم خطابا سياسيا على هذا المستوى من الانحطاط؟". ورأى في حديث لـنا، أن "من يدافع عن المقاومة والعمالة في الوقت ذاته (في إشارة إلى القيادي العوني فايز كرم الذي أدين بتهمة التعامل مع المخابرات الإسرائيلية)، لا يستطيع أن يعطي دروسا للآخرين في الأخلاق والاستقامة". وقال "إن العماد عون هو من أدخل مصطلح العبارات النابية وأسلوب الشتائم على الحياة السياسية في لبنان، وهو من يحتكر هذه الظاهرة التي تعكس نظرته السلبية وأداءه وسلوكه أكثر مما تعكس الوقائع الحقيقية، ورغم ذلك نحن حريصون على عدم الاستمرار في السجال".

وردا على سؤال حول رد النائب جنبلاط على عون الذي استخدم فيه عبارة قاسية بحق عون، لا سيما حديثه عن "الزرازير والصراصير"، لفت إلى أن "القرار المتخذ لدينا هو عدم الرد على التهجمات، ولكن في النهاية لدينا جمهورا يرفض ملازمة الصمت حيال ما نتعرض له". وعما إذا كانت أسباب الخلاف مع عون تتعلق بقانون الانتخابات أو التعيينات أو حول كيفية إدارة البلد من خلال الحكومة، رأى أن "المقاربة الأساسية للأمور تختلف بين طرف وآخر، وهذه مسألة طبيعية في الحياة الديمقراطية، وباعتقادي فإن كلام العماد عون الأخير يعكس رأي الفريق الذي ينتمي إليه (8 آذار)، الذي يرفض الرأي المستقل في بعض الأمور، أما عن الانتخابات فمن المؤسف إقحام البلد قبل سنة من الاستحقاق بهذه السجالات، بدلا من أن نذهب بالحكومة إلى الإنتاج". وحول ما قاله الوزير محمد فنيش من أن حزب الله لا تلزمه كل مواقف العماد عون، قال الريس "طبعا هذا كلام إيجابي، فليس من مصلحة حزب الله أن يغطي كلاما بهذا المستوى لحليفه، لأن كلام عون يضعف هذه المجموعة السياسية التي تتشكل منها هذه الأكثرية".

من جهته، اعتبر عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب نبيل نقولا، أن "تعطيل البلد يتم عبر عدم توقيع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على مرسوم مشروع الـ8900 مليار ليرة بحجة عدم دستوريته". وسأل "ألم يتم انتخاب الرئيس سليمان خلافا للدستور؟". وقال "لأن البلد كان يمر بظرف سياسي معين تم تخطي الأمر (التعديل الدستوري خلال انتخاب سليمان)، ونسأل أليس هناك اليوم ظرف يحتم عليه التوقيع؟".
وحول الخلاف مع النائب وليد جنبلاط، رأى نقولا أن "خلفية هجوم جنبلاط على العماد عون أميركية، لأن هناك وقائع على الأرض تدل على ذلك، فنائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان لا يزورنا، بل زار وليد جنبلاط والسفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي دائما بضيافته، وبالنسبة للأميركيين فكرة التقسيم للبنان ما زالت موجودة، فإذا استطاعوا كسر العماد عون يكون التقسيم موجودا على الأرض".

السابق
الحياة: هل يتدخل البطريرك الراعي لحماية المصالحة في الجبل والحكومة إلى مزيد من التصدع ورئيسها يلوّح بالاستقالة
التالي
وفاة الامين العام للجامعة الاسلامية في لبنان سميح فياض