قانون الضرورة وقانون المضرة

تتباين الآراء وتتباعد المقترحات وتتناقض الاجتهادات بشأن المداولات الجارية حول التوصل إلى صوغ قانون جديد للانتخابات النيابية المقبلة، حيث يطرح كل طرف ما يتلاءم مع حساباته المناطقية والسياسية والطائفية والمذهبية والعشائرية الحديثة، الأمر الذي أوقع الرأي العام في البلبلة والضياع والحيرة والانقسام حول ذلك، وجعله رهينة لهذا التناقض المحكوم بالمحاصصة الاستباقية للمقاعد النيابية الجديدة، حيث لا ديمقراطية ولا حرية اقتراع ولا منافسة بنّاءة بين المرشحين والناخبين، فتأتي النتائج معلّبة بالتعيين غير المباشر «للنواب الجدد».

ولذا، يصبح الاسراع المدروس في التوافق على مندرجات قانون حديث للانتخابات النيابية المقبلة، عملاً ديمقراطياً وتصحيحاً لعيوب وثغرات ونواقص القانون القديم ومدخلاً لمشاريع وتشريعات وقرارات تنفيذية للنهوض بمؤسسات الدولة الادارية والقضائية والرقابية، وانعكاس ذلك على القطاعات الانتاجية والانمائية والخدماتية في القطاعين العام والخاص، وصولاً إلى معادلة: أن القانون الجديد للانتخابات النيابية يشكّل القوة الدستورية والقانونية الرافعة والدافعة قُدماً لهذا النهوض، وأن الإبطاء والتعثّر والامتناع والتوقف عن توليد القانون، لن يكون لصالح الشعب والدولة، وسوف يعيد الروح الى «المحادل» و«البوسطات» النيابية من جديد.
ومن هنا، يؤكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ضرورة اجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها المقررة على قاعدة تحديث قانون الانتخابات بالنسبية ليكون قانوناً عصرياً وكفيلاً بتمثيل جميع اللبنانيين بشكل صحيح، وتأمين حق المغتربين في الانتخابات وقال:
«لن أدع الانتخابات النيابية تتأجل، وستجري في مواعيدها الدستورية، ولكم في محاولات تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية عام 2010 العبرة، وأسوأ قانون انتخابات مع إجرائها هو أفضل من عدم حصول الانتخابات، وهذا سينطبق على انتخابات 2013. وآمل بتغيير القانون الحالي وتحديثه وإدخال الاصلاحات عليه، ولكن إذا لم يحصل ذلك، وهذا سيكون مستغرباً، ستجري الانتخابات وفق القانون الحالي».

هذه الاعتبارات ذات الحيثية القانونية والدستورية والإدارية والإصلاحية، تحتم على الجميع الحؤول دون إغراق وإضاعة مناقشة القانون الانتخابي في فذلكات وجدلية ومساجلات ومزايدات لا فائدة منها سوى عدم الفائدة، وهذا ما يأتي بالضرر على الدولة ومواطنيها حاضراً وفي قادم السنوات. والخلاصة أن الانتخابات النيابية المقبلة، يتوزع النقاش حولها ما بين قانون الضرورة النسبية لطرف، وقانون المضرة بالنسبة الى طرف آخر، والمهم أن يتم التوافق على القانون الصالح لكل اللبنانيين.

السابق
سلوك سليمان
التالي
اعتصام متعاقدي المهني: التثبيت أو مقاطعة الامتحانات