قرطباوي:ثمة موقوفون بتهريب السلاح

في اسبوع الآلام قد يكون دعاء اللبنانيين الاول في صلواتهم انتهاء معاناتهم ومحنة وطنهم وقيامته على اساس التسامح والمساواة واحقاق الحق، ويكون العدل فعلا اساس الملك. ملفات كثيرة تنتظر الاتفاق حولها من اهل الحكم والقرار، ليتابع البلد مسيرته بتؤدة وبين النقاط في ظل ما يجري حوله وينعكس عليه. من القضاء الى قانون الانتخاب الى صلاحيات رئيس الجمهورية وغيرها من الملفات المطروحة حملناها الى الوزير ونقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي المنتقل من المرافعة تحت قوس العدالة الى تسلم مهمات وزارة العدل.

■ ماحقيقة ما يقال عن تسميتك شخصاً لرئاسة مجلس القضاء الأعلى؟
– لقد سميت اسماً ورفعته الى مجلس الوزراء. الرئيس ميقاتي، وبالاتفاق مع رئيس الجمهورية، لم يدرجه على جدول الاعمال لأنه اعتبر ان لا توافق حوله.
■ لماذا اسم واحد وليس ثلاثة؟
– لأن الآلية التي تم التوافق عليها في حكومة الرئيس سعد الحريري والتي سميت "تصوراً للتعيينات" تستثني الجيش والقوى الامنية والسفراء والقضاء.
■ وسائل الاعلام تقول انك سميت طنوس مشلب. إلامَ تستند؟
– لا اعرف. انا سميت قاضياً ولم اذكر اسماء. انا تسلمت وزارة العدل، والسلطة القضائية سلطة صامتة. طبعا لست جزءاً من هذه السلطة، ولكنني امثلها في هذه الأمور، وانا بعيد عن اي سجال في هذا الموضوع، وليقل اي شخص انني ذكرت اسماً امامه. لم اعط اي اسم.
■ هل هو وسطي بين الاثنين؟
– هو قاض اعتبره صالحاً بالمعايير القضائية ليتبوأ مركز رئيس مجلس القضاء الاعلى.
■ لماذا لا تترك هذه المهمة لرئيس الجمهورية كما هو العرف، وهو رئيس كل اللبنانيين، بدل ان تسميه انت المحسوب على احد الاطراف السياسيين وتكون سابقة؟
– لا يوجد عرف، هناك قوانين تطبق. القانون يقول: وزير العدل يقترح ومجلس الوزراء يقرر. انا قمت بواجبي. لا اريد الدخول في سجال سياسي. لقد انطلقت من معيار قضائي، ولو كنت اريد الانطلاق من معيار سياسي لاخترت شخصا آخر. هل انا ضد صلاحيات رئيس الجمهورية؟ بالعكس، انا معها ومع تعزيزها وفقاً للدستور.
■ كيف يواكب القضاء عمليات تهريب السلاح؟
– القاضي يجلس في مكتبه في قصر العدل، الاجهزة الامنية على الارض هي المنوط بها توقيف مهربي السلاح واحالتهم على القضاء، وحينها تدعي النيابات العامة عليهم بحمل السلاح او تهريبه او المتاجرة به، لانه بالنتيجة اقتناء سلاح غير شرعي. يوجد موقوفون عديدون لا املك احصاء بعددهم.
■ هل تطبقون الاتفاقات المعقودة بهذا الشأن بين لبنان وسوريا ؟
– هناك الاتفاق القضائي الموقع عام 1951 والذي عدل بشكل طفيف عام 1997. شخصياً لم اتلق اي شيء، واساساً ليس من المفترض ان اتلقى شيئاً، لأنه وبحسب هذا الاتفاق يتم التخاطب بين الجهتين القضائيتين في لبنان وسوريا.
■ هل تم تسليم احد؟ وهل طلبت سوريا ذلك؟
– لا اعرف، الأمور كما ذكرت تتم بين الاجهزة القضائية في البلدين بواسطة السفارتين. لم اسمع بحصول تسليم، صحيح انها ليست من صلاحياتي، لكنني كنت عرفت. 
صلاحيات الرئيس
■ في "تكتل الاصلاح والتغيير" تتحدثون كثيرا عن تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية، لكننا لم نرَ حتى الآن مشروع قانون قدمتموه في هذا الشأن. لماذا؟ وهل من نية لذلك؟
– طبعاً هناك بحث. وهذا موضوع وفاقي لا يمكن الخلاف عليه بل يجب التوافق حوله. نسمع الكثير من الزعامات السياسية تحكي بتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية. نأمل ان يحصل اتفاق على اعادة قسم من هذه الصلاحيات، ولا احد يطلب استعادتها كلها، وان شاء الله يحصل توافق ليقدم هكذا مشروع.
■ ولكن يجب ان يبادر احد ما او طرف ما، هل يمكن ان يكون انتم؟
– ممكن، ولكن بعد ان يحصل توافق. نحن لا نعمل مشروعا صداميا بالمعنى السياسي. نحن اساسا منذ عام 1990 كنا مقتنعين بان ما حصل في اتفاق الطائف كان خطأ، و اظهرت التجربة اننا كنا محقين، لان ما جرى كان يخفف كثيراً وينتقص من صلاحيات الحكم وهو الدور المفترض لرئيس الجمهورية. لا يهم من يبادر، المهم ان يتم التوافق. ومع ذلك اقول انه لا تزال هناك صلاحيات موجودة لرئيس الجمهورية، ومنها ما اثير أخيراً حول المادة 58 من الدستور التي تم تعديلها عام 1991 تعديلاً بسيطاً، واستعملت مراراً في الماضي.
■ لو لم يكن الأمر يتعلق بمبلغ الـ8900 مليار ليرة هل كنتم "نكشتوها"؟
– عندما تأتي حالة مماثلة اكيد سننكشها. شروطها بحسب الدستور ان يكون هناك مشروع قانون معجل محول من مجلس الوزراء، يوضع على جدول اعمال جلسة عامة في مجلس النواب ويتلى، واذا لم يقر ومرت 40 يوماً، لرئيس الجمهورية الحق ان يصدره بمرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء. هذه الشروط كلها توافرت بالنسبة لمبلغ الـ8900 مليار ليرة. وهذه الصلاحية استعملها الرئيسان فؤاد شهاب وشارل حلو في السابق. التعديل الذي طرأ على هذه المادة عام 1990 هو ادراج مشروع القانون على جدول اعمال مجلس النواب وتلاوته في جلسة عامة، وهذا حصل.
وساعرض 3 حالات طبقت في الماضي: في قانون تملك الاجانب، المرسوم الرقم 11614 الصادر في 4 كانون الثاني 1969، اكتساب غير اللبنانيين حقوقا عينية عقارية، في قانون تنظيم هيئات الضمان مشروع القانون الصادر بالمرسوم الرقم 9812 تاريخ 4 أيار 1968، في قانون الضمان الاجتماعي مشروع القانون الصادر بالمرسوم الرقم 13955 تاريخ 26 ايلول 1966.
هذه الشروط كلها تنطبق على مشروع قانون الـ8900 مليار ليرة. تبقى مبادرة رئيس الجمهورية وموافقة مجلس الوزراء. رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي له الحق ان يأخذ المبادرة، واذا رفض مجلس الوزراء تكون هذه مشكلته. وهذه صلاحية مهمة بقيت لرئيس الجمهورية.
■ هل تعتقد انه سيستعملها؟
– آمل ذلك. مشروع القانون هذا سبق ان اقر في مجلس الوزراء، ولو لم يوافق عليه الرئيس لكان رده في ذلك الحين . هذا القانون وضع في 18 آب، وارسل الى مجلس النواب لتنظيم الصرف المستقبلي، فهو يختلف عن الـ11 مليار دولار الذي يتعلق بقطع حساب سنوات تم الصرف فيها وانتهى، بينما هذا يهدف الى الترخيص للحكومة ان تصرف في الفترة المستقبلية في الـ2011، مما يسهل عمل مالية الدولة، لانه في كل اجتماع لمجلس الوزراء دائماً هناك اشكالات حول القضايا المالية وكيفية الصرف في غياب الموازنة.

الانتخابات والمفقودون
■ هل التوقيت مناسب لوضع قانون انتخاب في ظل الظروف الداخلية والاقليمية الحالية؟
– اكيد مناسب. هناك انتخابات نريدها ان تجري، ومن الطبيعي ان تجري. فمتى يطرح قانون انتخابات؟ في البيان الوزاري تعهدنا ان يكون حاضراً قبل سنة من موعد الاستحقاق، وقاربت ان تنتهي لحين يوضع ويناقش ويقر في مجلس النواب. كذلك لا يجوز العودة الى الفترات التي كان فيها يهبط القانون بالمظلة قبل الانتخابات باسبوع . اذاً يجب ان نتناقش بصراحة ونضع قانون الانتخاب مهما كانت الظروف المحيطة.
■ ما هو أفضل قانون انتخاب برأيك؟
– شخصياً اميل الى النسبية على اساس الدائرة الوسطى، رغم صعوباتها، لانه يسمح بتمثيل جميع اللبنانيين، وهذا أمر مهم.
■ أين أصبح قانون المفقودين؟
– منذ كنت نقيبا للمحامين وكمواطن كنت اقول ان هذا الموضوع هو قضية انسانية، ويجب انهاؤه على هذا الاساس ومن دون تسييس. وعندما تسلمت الوزارة بدأت دراسة هذا الملف، وزرت الاهالي في خيمتهم في وسط بيروت وتداولت معهم ومع الجمعيات الاهلية في المشاريع التي اعدوها، وكذلك النائب غسان مخيبر، والنائب حكمت ديب اعد مشروع قانون وارسله الى المجلس النيابي. وانا انطلقت من كل هذه الدراسات ومن تجارب الاخرين وحضرت مشروع مرسوم لانشاء "الهيئة الوطنية للمخفيين قسراً" بالتعاون مع عدد من القانونيين والقضاة، واعدت طرحه على الاهالي وجمعياتهم والمهتمين لأخذ ملاحظاتهم، وآمل ان يصبح حاضراً في الاسابيع المقبلة لطرحه على مجلس الوزراء. واقترحت ان تتولى الهيئة مهمتها خلال فترة زمنية محددة وليس مفتوحة، فنفتح هذا الملف كاملاً لكي نطويه كاملاً.

المحكمة الدولية
■ كانت لديك مآخذ على المحكمة الدولية اثرتها مع المدعي العام السابق للمحكمة الدولية دانيال بيلمار، ما هي؟ وهل تغير الوضع مع المدعي العام الجديد ديفيد باراغوانث؟
– كانت لدي تساؤلات كرجل قانون وكمواطن قبل ان اتسلم الوزارة، مثلا: التسريبات الا تستحق تحقيقاً لنرى ماذا يحصل؟ نقرأ امرا عام 2008 ثم نقرأه عام 2011 ، وكان الصحافيون يعطونني معلومات قبل ان يتسلم مدعي عام التمييز اي شيء. أمر آخر: ضرورة الانفتاح على كل الاحتمالات التي يمكن ان تطرح امام المحقق ، مثل ما قاله السيد حسن نصرالله عن قرائن وليس ادلة، الا تستأهل التحقيق؟ كانوا مستمعين جيدين، لم يعطوني اجوبة لكنهم استمعوا.
■ قلت إن المحكمة لمصلحة لبنان رغم مآخذك عليها؟
– لقد تم تحريف كلامي في الاعلام. انا قلت: "لا مصلحة للبنان ان تحصل فيه مشكلة بسبب المحكمة الدولية"، وهناك فرق كبير.
■ هل أتى خفض السنة السجنية للتغطية على تأخر القضاة في بت الدعاوى وتأجيلها؟
– ابدا. في 2012 لن يستفيد من هذا الخفض اكثر من 100 شخص. القضاة عام 2011 بذلوا جهداً كبيراً. وبالارقام ان عدد الموقوفين في نهاية 2010 كان 63% والمحكومين 37%. آخر عام 2011 انخفضت نسبة الموقوفين الى 58% وارتفعت نسبة المحكومين الى 48%. ومن اصل الموقوفين هناك 37% فقط عندهم قضية واحدة موقوفون فيها، والباقون اما موقوفون بقضية ومحكومون باخرى، واما محكومون بقضية وموقوفون بعدة قضايا أخرى، مثلاً: واحد محكوم بشيك بدون رصيد وموقوف بتهريب سلاح. القضاء قام بجهد كبير، لكن هذا لا يكفي. انا لست قاضياً، وليس لي ولا اريد ان يكون لي سلطة على القضاء، لدي السلطة المعنوية ومن خلال النيابات العامة والكلام مع مجلس القضاء، والتفتيش القضائي الذي يراقب الأمور، أدعو الى الحض على الاسراع قدر الامكان في المحاكمات. ولتخفيف التوقيف الاحتياطي قدر ما تسمح به القوانين. لكن لا يجب وضع الأمور كلها عند القضاة. فقوى الأمن ليس لديها العدد الكافي من العناصر لسوق السجناء الى المحاكمات ولا آليات كافية. وسأعطي مثلا يوضح كيف تتأخر المحاكمات، في شهر كانون الثاني 2011 لم يتم سوق 1025 سجينا الى المحاكمة لان 175 منهم رفضوا الحضور الى المحكمة لاسباب شخصية، وفي احد الايام المثلجة لم يتمكنوا من جلب 140 سجينا من البقاع، واشارة هنا الى ان مجلس الوزراء اقر مبالغ لاجراء مناقصة لشراء آليات، وبقي تقريبا نحو 750 موقوفاً لم يتم سوقهم بسبب النقص في الاليات. وهولاء الـ1025 تسبب قسم منهم بتأجيل محاكمات اخرين مرتبطين بالجرم ذاته. في هكذا حالات ماذا بامكان القاضي ان يفعل؟ انا لا أدافع بالمطلق عن القضاء، ولكن هذا واقع يجب النظر من خلاله. كما ان التفتيش القضائي يتشدد بتطبيق القوانين من اجل ان يستعيد الجسم القضائي ثقة الناس. 

السابق
من رهينة من؟ 
التالي
نداء الشعب.. يعيد عمر سليمان إلى سباق الرئاسة المصرية