الخطاب الفاسد غذاء فاسد

كثر في الاونة الاخيرة الحديث المذهبي – او ما يسمى بالمذهبيات – فأين ما ذهبت او التقيت او جلست او قابلت , تشعر بل تلمس وتتأكد من ثقافة الخوف على المذهب او الخوف على الطائفة او الخوف من الاخر المختلف دينيا , فكل متمذهب في لبنان يدافع بمناسبة او بدونها عن طائفته معللا ذلك بان الطائفة مسلوبة الحقوق والصلاحيات من قبَل الطوائف الاخرى , وبالتالي هي في خطر وجودي , السؤال الذي يطرح نفسه , مَن أسسس وأشاع هذه الثقافة ؟ مَن له مصلحة بتخويف اللبنانيين من بعضهم بعضا ؟ ومَن قال بان الطوائف والمذاهب في لبنان متناحرة ومتقاتلة ؟ .

لعب الخطاب السياسي للطائفيين والمتمذهبين من رؤساء احزاب وقيادات سياسية في لبنان دورا رئيسا في تأسيس وتشكيل نمط غير معهود من التخاطب السياسي الذي يتمحور حول النفي للآخر والاتهام بشتى انواع التهم حيث وصل الامر الى درجة استعمال الشتائم بالفاظ بذيئة اثناء التخاطب السياسي بل أكثر من ذلك قد وصل الخطاب الى درجة استعمال القوى البدنية " كضرب البوكس والملاكمة والمصارعة " وبالتالي أُسست وتشكلت انماط جديدة من العلاقات السياسية والاجتماعية هي التي أسست مفاهيم الخوف والتخويف والتخوين وأشاعب ثقافة الخوف والرعب من الآخر المختلف سياسيا ودينيا .

هذا الخطاب الفاسد والمفسد بما يشمل , اصبح المغذي الرئيسي اليومي للجمهور اللبناني بأغلبيته فما عساه ان ينتج غير الانقسام العامودي بين المواطنين اللبنانيين الذين لا يعرفون معنى للانقسام بهذه الطريقة على مدى عقود طويلة , فبعد هذا الانقسام من الطبيعي ان ترى مغالاة هنا ومغالاة هناك يصعب معالجتها بسهولة , ما دام هذا الخطاب هو السائد , علما بان ليس للبنانيين اي مصلحة وطنية وقومية بهذا الخطاب لا من قريب ولا من بعيد , لان هذا الخطاب قد تشكل بالاساس من خلال ظروف فرضها واقع اقليمي ودولي , وبالتالي فان المصلحة في هكذا خطاب تقسيمي تعود فقط لمن اسسه , وليس للطوائف اللبنانية مصلحة في سيادة واتباع هذا النمط من التخاطب السياسي والديني , وخاصة ان الطوائف في لبنان تعرف تماما حق المعرفة ان الخلاف والاختلاف هو سياسي بامتياز وليس من أجل الدين او المذهب او الطائفة , والطوائف اللبنانية تعرف ايضا بان الزعيم السياسي الذي يزج الطائفة برمتها في صراعه السياسي مع الاخر هو أخطر على طائفته من غيره .

ينبغي على اللبنانيين جميعا الالتفات والانتباه الى خطورة الخطاب السياسي والديني التفتيتي والفتنوي , وينبغي رفضه رفضا قاطعا من أنى أتى ومحاولة استبداله بخطاب وطني وحدوي يجمع اللبنانيين ولا يفرقهم , خطاب يشيع بين اللبنانيين ثقافة التسامح والمحبة وثقافة المواطنة , خطاب يدفع الناس الى الاهتمام بالمصلحة الوطنية العليا , ان الخطاب السياسي والخطاب الديني الفاسدان البعيدان بل المنحرفان عن القيم الانسانية والاخلاقية والدينية أخطر بكثير من الاغذية الفاسدة التي ظهرت في لبنان مؤخرا مع عظم خطرها على سلامة الانسان اللبناني .

السابق
توتر طائفي مع ايران في الكويت بعد تصريحات على تويتر
التالي
الأعور: جنبلاط يعاني من الاضطراب السياسي