رو: فرق الدفاع باشرت تحقيقاتها

لم تكن زيارة رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان المحامي الفرنسي فرانسوا رو إلى لبنان هذه المرّة عادية أو مثل سابقاتها من الزيارات، فقد اصطحب معه محامي الدفاع الأربعة الرئيسيين المكلّفين بالدفاع عن المتهمّين الأربعة من "حزب الله"، تمهيداً للانطلاق في ورشة تحقيقاتهم الرامية إلى نقض مضمون قرار الاتهام الأوّل الذي حمل بصمات المدعي العام الدولي السابق القاضي دانيال بيلمار، وتعبيد الطريق أمام أنفسهم لمواجهته في المحاكمة الغيابية، وهي أشدّ صعوبة وحججاً ومنطقاً قانونياً من المحاكمة الوجاهية.
التقت "السفير" فرانسوا رو، فأبلغها بأنّ توقيت انتهاء فرق الدفاع الأربعة من تحقيقاتها غير محدّد، وقد تستغرق شهوراً عدة خصوصاً أنّهم يحتاجون إلى الوقت والتمويل للاستعانة بخبراء في الاتصالات الهاتفية التي بنى بيلمار قراره عليها لتوجيه أصابع الاتهام إلى مصطفى بدر الدين وسليم عياش وحسن عنيسي وأسد صبرا.
وقال رو إنّ "لديّ معلومة مهمّة جدّاً لكثير من اللبنانيين وهي ما صدر عن المحكمة الجنائية الدولية في 14 آذار 2012، في قضيّة (زعيم المتمرّدين الكونغوليين توماس) لوبانغا حيث طلبت المحكمة من المدعي العام محاكمة الوسطاء الذين أوصلوا الشهود إلى المحكمة بعدما اعتبرتهم شهوداً غير ذوي مصداقية".
وأكّد رو أنّه لا يوافق على موقف المدعي العام الرافض تسليم اللواء الركن جميل السيّد المستندات المتعلّقة بشهود الزور، واعتبر أنّ مسؤوليته تنصّ على أن يقوم بتنفيذ قرارات العدالة، "وإنْ لم يفعل، فربّما قد يؤثّر ذلك على مصداقية المحكمة".
وردّاً على سؤال عن تفسيره لتغيّر الاتهام من سوريا والضبّاط الأربعة إلى "حزب الله"، رأى رو "أنّ المسألة ليست سياسية، بل مرتبطة بالأدلّة والقرائن"، مضيفاً أنّ المدعي العام "لا يتهم "حزب الله" كحركة سياسية، بل يوجّه أصابع الاتهام إلى هؤلاء الأشخاص الأربعة"، وشدّد على أنّ قضاة المحكمة "لا تهمّهم الانتماءات السياسية فهم يبحثون عن أدلّة تؤكّد أو لا تؤكّد مشاركة هؤلاء في الجريمة".
وهنا وقائع الحوار:
– منذ صدور قرار الاتهام وأنت تكثر من زيارة لبنان، فأيّهما يعجبك أكثر مناخ الطبيعة، أم المناخ السياسي؟
• من المهمّ بالنـسبة إليّ أن أبقي على العلاقة قائمة ليس فقط مع بيروت، ولكن مع لبنان ككلّ، وأنْ أبقى على تواصل مع لبنان، وفي كلّ زيارة أجريها، أقابل زملائي في المهنة، ورؤسـاء نقابتي المحامين، وممثّلين عن السلطات اللبنانية، وأساتذة القانون، وهذه اللقاءات مهمّة جداً لعمل مكتب الدفاع.
– لو كان قرار الاتهام موقّعاً من المهاتما غاندي الذي تعتزّ به، فهل كنت تقبل به؟
• (ضاحكاً) أذكّر بأنّ المهاتما غاندي كان محامياً، ولم يكن مدعياً عاماً.
– هل زيارتك هي بديل من زيارة المحامين المعيّنين من قبلك للدفاع عن المتهمّين الأربعة؟
• جئت إلى لبنان بصحبة المحامين الأربعة الأساسيين الذين عيّنتهم للدفاع عن المتهمين الأربعة، وقمت بتقديمهم وبتعريفهم إلى وزير العدل (شكيب قرطباوي) ونقيبي المحامين في بيروت (نهاد جبر) وطرابلس (بسّام الداية) وصار بإمكان هؤلاء المحامين أن يبدأوا عملهم. والمحامون هم: الكندي يوجين أوسوليفن، اللبناني الفرنسي أنطوان قرقماز، البريطاني دايفيد يونغ، والفرنسي فينسان كورسيل – لابروس، وأذكّر بأنّ هؤلاء المحامين الأربعة مستقلّون تماماً عن مكتب الدفاع الذي يوفّر لهم الدعم القضائي واللوجستي للقيام بعملهم.
– هل تعتقد أنّ هؤلاء المحامين قادرون على القيام بواجبهم؟
• أنا عيّنتهم لأنّي على ثقة بأنّهم يتمتّعون بخبرة واسعة، وهم مهنيون وقانونيون وممتازون وسيعملون ضمن فريق يتألّف من محامين لبنانيين وغير لبنانيين، ومع معاونين قانونيين يتمتعون أيضاً بخبرة واسعة، وبالتالي، فإنّ كلّ متهم سيكون لديه محام وفريق دفاع يدافع عن حقوقه، وهذا الفريق يضمّ قانونيين برئاسة المحامي الرئيسي.
ويعاون المحامين الأربعة الأساسيين على التوالي كلّ من: اللبناني إميل عون (عن المتهم سليم جميل عيّاش)، البريطاني جون آر دبليو دي جونز (عن المتهم مصطفى بدر الدين)، السويسري غويناييل ميترو (عن المتهم أسد حسن صبرا)، والمصري ياسر حسن (عن المتهم حسين حسن عنيسي).
حاولنا عند تأسيس هذه الفرق من المحامين أن نجمع فرقاً من الخبرات في القانون الدولي والمحاكم الدولية والقانون المحلّي(اللبناني)، ومحامين يتحدّثون باللغة العربية ومحامين ينتمون إلى النظام القانوني المدني أو العام.
المحامون يجرون تحقيقاتهم
– هل انتهى فريق الدفاع من التحقيقات التي سيواجه المدعي العام بها في المحاكمة الغيابية؟
• مكتب الدفاع ليس من يقوم بالتحقيقات التي تقوم بها فرق الدفاع، وبطبيعة الحال، فإنّها لم تنته منها، لأنّها باشرت الآن عملها على التحقيق.
– هل تنتهي قبل المحاكمة؟
• في الظروف الطبيعية يجب أن تنتهي فرق الدفاع من تحقيقاتها قبل المحاكمة، ولكن لا نعرف ما الذي تحتاجه هذه الفرق للقيام بتحقيقاتها، لا أحد يعرف ذلك، ولذلك أذكّر بأنّه بالتوازي مع عملنا وتحقيقاتنا في فرق الدفاع، فإنّ المدعي العام يواصل تحقيقاته أيضاً. ما يمكنني أقوله اليوم انّ محامي الدفاع وفرق الدفاع يحتاجون إلى الوقت والتمويل للقيام بتحقيقاتهم التي قد تستغرق أشهراً عدة، وقد يضطرون إلى توظيف خبراء في مجال الاتصالات الهاتفية لكي يساعدوهم، وكل ذلك يستغرق وقتاً.
تسليم كلّ الملفّ خلال ستة أسابيع
– ما هو تعليقك على حجب مكتب المدعي العام بعض مواد الاتهام عن وكلاء الدفاع عن المتهمّين الأربعة؟ وكيف يستقيم تكافؤ الفرص؟ وإذا حجبت هذه المواد، كيف يمكن المحامين درسها والتحقيق فيها والردّ عليها ونقضها؟
• طلبت فرق الدفاع من المدعي العام إبلاغها كامل الوثائق قبل بدء المحاكمة، وجميع المدعين العامين في كلّ المحاكم الدولية يسعون جاهدين إلى الإبقاء على أكبر قدر من الوثائق سرّية بحوزتهم إلى أطول فترة ممكنة، ومن جهة أخرى فإنّ جميع محامي الدفاع وفرق الدفاع في المحاكم الدولية يسعون إلى الحصول عليها في أقرب وقت ممكن، ولكنّ الإجراءات في هذا المجال، لدينا في المحكمة الخاصة بلبنان، تفيد بأنّه يتعيّن على المدعي العام تسليم كامل ملفّه إلى فرق الدفاع قبل ستّة أسابيع حداً أقصى قبل بدء المحاكمة، وأن تكون هذه الوثائق وهذا الملفّ كاملين من دون شطب أيّة معلومات منهما أو تمويه أيّة معلومات منهما. ولدى المحكمة الخاصة بلبنان خصوصية وهي أنّ من واجب قاضي الإجراءات التمهيدية أن يسهر على أن يرى المدعي العام يسلّم الوثائق إلى فرق الدفاع.
تسليم السيّد المستندات
– ألا ترى أنّ مكتب المدعي العام قد ماطل كثيراً في مسألة تسليم اللواء جميل السيّد المستندات المطلوبة بمن يصفهم بشهود الزور أو المفترين جنائياً، وقد مضى 11 شهراً على طلب السيّد المستندات التي استعملت في توقيفه، وقد حكمت المحكمة منذ أيّار 2011، بتسليم هذه المستندات، ألا تعتقد أنّ عدم التسليم ينسف مصداقية المحكمة؟
• أنا أنظر إلى قضيّة "الجنرال" السيّد وأشبّهها بكوب ماء مملوء حتّى نصفه، والنصف المملوء إذا ما صحّ التشبيه، هو أنّ السيّد حصل في الواقع على قرارات إيجابية من المحكمة عندما قرّرت هذه المحكمة أن تفرض على المدعي العام تسليمه الوثائق، هذه هي الناحية الإيجابية. أما النصف الفارغ من الكوب، فهو للأسف، أنّ المدعي العام لم يسلّم حتّى الساعة كلّ الوثائق التي طلبت منه المحكمة تسليمها للجنرال السيّد، وأنا أتأسف لهذا الوضع، وأنا أؤيّد عدالة فعالة وسريعة، وأتمنّى أن ينفّذ المدعي العام قرارات المحكمة في ما يتعلّق بالسيّد في أسرع وقت ممكن. وأؤكّد أنّ مكتب الدفاع يواصل تقديم دعمه لمحامي السيّد للحصول على كلّ هذه الوثائق. – هل تعتقد أنّ تصرّف المدعي العام يتماشى مع واجبات المدعي العام المؤتمن على حسن سير العدالة؟
• سبق لي أن قلت إنّني لا أوافق على موقف المدعي العام، وأنا شخصياً اعتبر أنّ مسؤوليته تنصّ على أن يقوم بتنفيذ قرارات العدالة، وإنْ لم يفعل، فربّما قد يؤثّر ذلك على مصداقية المحكمة.
شهود الزور والحكم بقضيّة لوبانغا
– ما هي الإجراءات التي يمكن المحكمة اتخاذها لإلزام المدعي العام بالتنفيذ إذا استمرّ في الرفض والتمنّع؟
• أحيلكم في هذا السياق إلى قرار قاضي الإجراءات التمهيدية وتحديداً المادة 60 مكرّر من قواعد الإجراءات والإثبات والتي تفيد بأنّه إذا لم يحترم المدعي العام موجباته، فإنّ ذلك يعتبر انتهاكاً للإجراءات، وهناك قواعد محدّدة في المحاكم الدولية لإلزام المدعين العامين باحترام واجباتهم.
وأوّد في هذا السياق أن أذكر مثالاً حصل أخيراً وتحديداً الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في قضيّة (توماس) لوبانغا (زعيم المتمرّدين الكونغوليين) بتاريخ 14 آذار 2012. في هذا الحكم قرّرت المحكمة أنّ الشهود الـ12 الذين قدّمهم للمحكمة المدعي العام، أو المتضرّرين، اعتبروا شهوداً غير ذوي مصداقية، وبالتالي فإنّ المحكمة طلبت في قرارها من المدعي العام ملاحقة الوسطاء الذين أوصلوا هؤلاء الشهود إلى المحكمة، وأنا أعتقد أنّ هذه المعلومة مهمّة جدّاً لكثير من اللبنانيين.
وقد جاء في هذا القرار أنّ هؤلاء الشهود الـ12 هم كناية عن تسعة قدّمهم المدعي العام وثلاثة قدّمتهم جهة المتضرّرين.
– إذا تسلّم السيّد هذه المستندات في وقت متأخّر، فهل تتحمّل المحكمة مسؤولية التعويض عليه؟
• أذكّر بأنّ المحكمة الخاصة بلبنان ليست لديها ميزانية تنصّ على منح أو دفع تعويضات، ولكنْ لمحامي الدفاع الحرية إنْ رغبوا وارتأوا ذلك بدعوة هؤلاء الشهود للمثول أمام المحكمة التي تتخذّ قراراً بشأنهم، وبالتالي فإنّ هذه القضيّة لم تنته بعد.
– هل تعتقد أنّ المحكمة قادرة على الوصول إلى هؤلاء الشهود؟
• إنْ دعا المحامون هؤلاء الشهود إلى المثول أمام المحكمة الخاصة بلبنان، فإنّ هذه المحكمة تصبح مجبرة على الاستماع إليهم، وبطبيعة الحال، فإنّ المدعي العام لن يدعو هؤلاء الشهود للمثول أمام المحكمة، وإذا ارتأى محامو الدفاع أنّ ذلك يخدم دفاعهم عن المتهمين، فإنّهم قد يرون أنّ ذلك مفيد لهم، فإنّهم سيستدعون هؤلاء الشهود وتصبح المحكمة مجبرة على الاستماع إليهم، وأذكّر بأنّ المحاكم هي فقط التي تستطيع أن تبتّ في قضيّة شهود الزور، وأن تقول إنْ كان هذا الشاهد هو شاهد زور أم لا، كما حصل في قضيّة لوبانغا، وذلك بعد ان يمثلوا أمامها.
– لماذا تنأى المحكمة بنفسها عن مقاربة ملف شهود الزور؟
• أنا أفهم أنّ مسألة شهود الزور هي مصدر قلق كبير بالنسبة إلى اللبنانيين، ولكن أريد أن أفسّر بوضوح بأنّ المحكمة لم تنأ بنفسها، وحتّى الساعة، هذه المسألة لم تطرح أمام المحكمة الخاصة بلبنان، وقد تطرح في يوم ما إذا ما ارتأى محامو الدفاع أنّها قد تخدم دفاعهم عن المتّهمين، وبالتالي، فإنّهم سيطرحون مسألة شهود الزور أمام المحكمة وتصبح هذه الأخيرة مجبرة على النظر فيها، وأذكّر بأنّ هذه القضيّة لم تنته بعد.
طرح عدم شرعية المحكمة أمام المحكمة
– لماذا الإصرار على طلب اعتماد نظام المؤتمرات المتلفزة؟ وبماذا يفيد المتّهمين ووكلاء الدفاع عنهم، والمتهمون أساساً لا يعترفون بالمحكمة ويطعنون بشرعيتها ومصداقيتها؟
• إذا كان المتهمون الأربعة لا يعترفون بشرعية المحكمة الخاصة بلبنان، فالحلّ الأفضل والأمثل بالنسبة إليهم هو أن يطرحوا عدم شرعية المحكمة أمام المحكمة نفسها، وذلك إمّا من خلال مثولهم شخصياً وإمّا من خلال محامين يمثّلونهم. لماذا؟ لأنّ المتهمين لم يعودوا الآن أحراراً، فقد صدرت بحقّهم مذكّرات توقيف دولية، وحتى ولو لم يعترفوا بشرعية المحكمة، فإنّ هذا لا يغيّر من واقع أنّ مذكرات التوقيف الدولية قائمة بحقّهم، وبالتالي، فإنّ مصلحة المتهمين الأربعة تقتضي كما قلت وأشرت مراراً، أن يستشيروا محامياً يشرح لهم ما هي الإمكانيات القانونية المتاحة أمامهم، وكيف يمكن ان ترفع مذكّرات التوقيف عنهم وبخاصة لو قرّروا استشارة محام ولو وصلنا إلى مرحلة رفعت فيها مذكّرات التوقيف، فآنذاك تبرز أهمّية المؤتمرات المتلفزة (video conference) والجدوى منها. لماذا؟ لأنّهم يستطيعون عند ذاك المشاركة في إجراءات المحاكمة عبر نظام المؤتمرات المتلفزة وهم أشخاص أحرار يتمتعون بحرّيتهم وفي الوقت نفسه يشاركون في المحاكمة عبر نظام المؤتمرات المتلفزة.
بالطبع، فإنّ المحكمة الخاصة بلبنان قرّرت اعتماد إجراءات المحاكمة الغيابية، ولكن في أيّ وقت من الأوقات، وفي أيّ مرحلة من الزمن عندما يقرّر أيّ متهم أو المتهمون المشاركة في الإجراءات، فإنّ الإجراءات الغيابية تتوقّف وهذا حقّ من حقوق المتهمين، أيّ أنّ الإجراءات الغيابية تتوقّف حالما يقرّر المتهمون أن يشاركوا وطبعاً لا بدّ لأيّ متهم قبل أن يتخذ هذا القرار من استشارة محام لكي يعرف ما هي حقوقه. ومكتب الدفاع دائماً بتصرّف المتهمّين إنْ رغبوا باستشارة محام.
– ألا ترى أنّ الاتهام الموجّه إلى أربعة أشخاص من "حزب الله" هو اتهام سياسي يراد منه تحقيق مآرب سياسية تتجاوز قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
• إذا كان الاتهام يستند فقط إلى أسباب سياسية، فهذا أفضل، لأنّ هذا يعني أنّ محامي الدفاع سيبرهنون أنّه ما من أدلّة ضدّ المتهمين، وبالتالي سيُبرّأون، فلا يمكن المحكمة أن تدين أشخاصاً متهمين بناء على أسباب سياسية فقط، بل هي بحاجة إلى أدلّة تبرّر وجود أعمال جرمية.
يجب أن نكون واضحين جدّاَ، فهناك جريمة ارتكبت، والمدعي العام يقول إنّ الشخص الفلاني شارك فيها، ومحامو الدفاع سيقولون للمدعي العام أثبت لنا ذلك، وهذا النقاش بين هذين الطرفين ليس سياسياً، بل هو أمر مرتبط بالعدالة بصورة بحتة، والعدالة تبني قرارها بالأدلّة والقرائن، وإذا لم تتوافر هذه القرائن، فإنّ البديل هو تبرئة المتهمين.
بيلمار لا يتهم "حزب الله" كحركة سياسية
– ما دام الأمر ليس سياسياً فكيف تفسّر تغيّر الاتهام من سوريا والضبّاط الأربعة إلى "حزب الله"؟
• بالنسبة إليّ، المسألة ليست سياسية، بل مرتبطة بالأدلّة والقرائن. هل المدعي العام يملك الأدلّة أم لا يملكها؟ المسألة مسألة أدلّة، وليست ذات بعد سياسي. المدعي العام قال إنّ هناك أشخاصاً ارتكبوا جريمة ومن بينهم أربعة أشخاص ينتمون إلى "حزب الله"، وهو لا يتهم "حزب الله" كحركة سياسية، بل يوجّه أصابع الاتهام إلى هؤلاء الأشخاص الأربعة، ويقول إنّهم شاركوا في الجريمة وينتمون إلى "حزب الله"، ونحن نقول للمدعي العام أثبت لنا ذلك، أثبت لنا أنّهم شاركوا في الجريمة مهما كانت انتماءاتهم السياسية أو الحزبية، ولنا أن نتحقّق ما إذا كانت الأدلّة التي سيبرزها المدعي العام على مشاركتهم في الجريمة ثابتة وقوية، وهذا السؤال هو طبعاً ما سيتطرّق إليه القضاة في المحكمة، فالقضاة لا تهمّهم الانتماءات السياسية فهم يبحثون عن أدلّة تؤكّد أو لا تؤكّد مشاركة هؤلاء في الجريمة.
– ألا تعتقد أنّ المحاكمة المقرّرة تتجاوز أشخاص المتهمين الأربعة، إلى إلباس تهمة الإرهاب بـ"حزب الله" ووصفه بـ"جماعة الأشرار" من أجل التشهير به وخنقه والقضاء عليه؟
• مجدّداً أقول إنّه يتعيّن على المدعي العام أن يقدّم أدلّة على كلّ ما يقدّمه من اتهامات أمام المحكمة وإذا كانت لديه أدلّة ضدّ أشخاص آخرين، أو أطراف آخرين فليحضر هذه الأدلّة وليحضر هؤلاء الأشخاص أمام المحكمة، فهو من يتعيّن عليه أن يحضرهم أمام المحكمة، والمدعي العام لا يمكنه أن يشكّك بـ"حزب الله" ككلّ إلا إذا كانت لديه أدلّة، ولذلك حتّى الساعة هو لم يتهم إلا أشخاصاً، ولم يتهم لا حركة ولا حزباً، وبالتالي فإنّ القضاة لا يمكنهم أن يواجهوا قراراً يطال حزباً أو حركة، بل هم ينظرون فقط في الاتهامات الموجّهة ضدّ أشخاص ويصدرون قرارات ضدّ أشخاص.
يحاول المدعي العام أن يعدّل قرار الاتهام وأن يصدر قراراً اتهامياً جديداً، وأن يضيف مفهوم ما أسميته "جمعية أشرار"، وهذا المفهوم قد يكون خطيراً جدّاً على "حزب الله". ومجدّداً نشير إلى أهمّية تنظيم عمل الدفاع وإستراتيجية الدفاع لمواجهة هذا الاتهام من جديد، ويجب أن يكون عمل الدفاع صلباً ومتيناً ولا يمكننا السكوت، ولكن مجدّداً أقول وأذكّر بأنّ المعركة يجب أن تحصل أمام المحكمة، وليس أمام الرأي العام وليس في أوساط أخرى، بل فقط أمام المحكمة يمكننا أن ندحض الادعاءات.
– ألا يتجاوز طلب تقديم تفسير قانوني لمفهوم "تكوين جمعية أشرار" نطاق الاتفاقية المتعلّقة بنظام المحكمة، وألا يهدد السلم الأهلي في لبنان؟
• نحن نتحدث ونعمل في سياق محكمة، أيّ أنّ المدعي العام يمكنه أن يرغب في إصدار قرارات اتهامية جديدة، وهذا جزء من اختصاصه كمدع عام، ونحن في الدفاع يمكننا أن نعارض ذلك وأن نتصدى له، ولكن للقيام بعملنا فنحن بحاجة إلى كلّ المعلومات التي نعتبرها مفيدة، وفي نهاية العملية، فالقضاة هم من سيقرّرون. أمّا السلم الاجتماعي فيجب ألا يتأثّر بقرار القضاة، لأنّ القضاة يخدمون العدالة، وعلى العكس فهم عندما يخدمون العدالة ويتوصّلون إلى العدالة، فإنهم يساهمون في السلم الاجتماعي ولا يقوّضونه.
– هل من كلمة أخيرة للشعب اللبناني؟
• إنّ الاتهامات الموجّهة ضدّ المتهمين الأربعة خطيرة، واليوم هم بحاجة إلى أن يتوافر لديهم دفاع صلب ومتين، وأنا عيّنت محامي دفاع يتمتّعون بخبرة واسعة ومهارات مهمّة، ولكن في التحقيقات التي يجرونها فإنّهم يحتاجون إلى المساعدة والتعاون من قبل السلطات في لبنان، ولذلك أنا أدعو كلّ شخص وكلّ مؤسّسة وكلّ حزب سياسي يمكنه أن يساعد الدفاع أن يقوم بذلك. 

السابق
الملفّات الحياتية تستدعي دقّ ناقوس الخطر من كافة الجهات المعنية
التالي
اللحوم: الأسعار تتراجع 10%