احمد قبلان: لبنان من جنوبه إلى شماله مهدد بأكثر من فتنة

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وأبرز ما جاء فيها:"في وصية أمير المؤمنين علي لشريح بن هانئ لما جعله على مقدمته إلى الشام:"اتق الله في كل صباح ومساء وخف على نفسك الدنيا الغرور ولا تأمنها على حال، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر فكن لنفسك مانعا رادعا ولنزوتك عند الحفيظة (الغضب) واقما(قاهرا) قامعا".

اضاف:"مشكلتنا في هذا البلد أن تقوى الله غير موجودة، وأن الغرور هو القابض والمستحكم بالأنفس يسخرها ويستخدمها في كل أمر تكون فيه الدنيا حاضرة، والآخرة في النسيان، ما يعني أن لا أحد يتذكر أن هناك آخرة وهناك حساب، وأن هناك من سيتساءل يا فلان ماذا فعلت؟ ويا مسؤول ويا مؤتمن ماذا قدمت لمن ائتمنوك؟ ولمن وكلوك؟ ولمن صدقوا وعودك واطمأنوا لشعاراتك؟ نعم هناك من سيحاسب عاجلا أم آجلا، فإذا لم تحاسب أيها المسؤول من قبل شعبك ومن قبل من منحك الثقة لترعى شؤونه وتتدبر أموره فإنك ستحاسب حتما من قبل الله سبحانه وتعالى (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) أين هو هذا العدل الذي تقره كل الشرائع وتوصي به كل الرسالات وتنادي به كل الأنبياء والرسل، أين هم أولئك الذين يصدقون القول ويبرون بالوعد، ويعدلون في ممارساتهم وينظرون إلى الناس على أنهم منهم ولهم ويعملون من أجلهم".

اضاف: "إننا نعيش مرحلة تعجز الكلمات عن وصفها في ظل هذا التفشي الخطير للآفات السياسية والاجتماعية والأخلاقية، والتي تخطت حدود المعقول والمنقول بحيث بتنا نجد أن كل ما يجري من حراك سياسي وغير سياسي أصبح خارج المألوف ويحمل في طياته وانعكاساته السلبية مخاطر كبرى يؤكدها الانقسام السياسي واختلاف الرؤى حول المفاهيم الوطنية التي لا يمكن بلورتها وترسيخها على النحو الصحيح إذا لم تعترف هذه الطبقة السياسية بفشلها، لا بل بعجزها وعدم قدرتها على بناء الدولة، وهذا العجز يتأكد يوما بعد يوم وعلى لسان أكثر المسؤولين والحاكمين، هم الذين يعترفون بذلك ويقرون، ولكن للأسف لا يفعلون شيئا، يعرفون بأن البلد ليست على المسار الصحيح وأن سياساتهم فاشلة وممارساتهم لم ترق يوما إلى المستوى المطلوب رغم كل ذلك نجدهم مستمرين في مناصبهم، وفي مزايداتهم، وفي شعاراتهم وخطاباتهم".

واعتبر قبلان "أن هذه هي لعبة الوعود المعسولة والضحك على اللحى، عبر اللجان والدراسات وسياسة الهروب إلى الأمام التي سرعان ما تتبخر معها الحلول، فلا تعيينات ولا إدارات ولا محروقات ولا كهرباء، ناهيك عن المواد الغذائية الفاسدة واللحوم الفاسدة والأدوية الفاسدة، والآن المياه أصبحت في موضع الشك. إن الأمر ليس بالمستغرب، فالسياسة الفاسدة ستفسد كل شيء، وغياب الدولة سيفسح في المجال أمام العصابات والمافيات، وما نعيشه اليوم، بكلمة يمكن وصفه بأنه فساد بفساد، وهذا أمر خطير يستدعي مواجهته بأسرع وقت وإلا فإن البلد بما تبقى منه من مؤسسات قد تصاب بآفة الفساد وربما هذا الأمر قد بدأ".

وتابع قبلان:"ازاء هذا الواقع الذي لا نحسد عليه نتوجه بالسؤال إلى الجميع إذا كان هناك من يريد أن يسمع صراخ الناس ويشعر بآلام الناس، إلى متى سكوتكم عما يجري وإلى أين أنتم آخذون البلد في ظل ظروف إقليمية ودولية يبدو فيها لبنان بأنه أضعف الحلقات؟ إلى متى أنتم مستمرون بالخلافات والنزاعات والانقسامات؟ ومن هو الفريق الذي سينتصر إذا سقط الوطن؟ استيقظوا أيها المسؤولون وصارحوا الناس وقولوا الحقيقة كفى خداعا ونفاقا وكفى صفقات وسمسرات وسرقات، عودوا إلى ضمائركم وكونوا في خدمة شعبكم وبلدكم قبل فوات الأوان. عودوا إلى ضمائركم فلبنان بخطر من جنوبه إلى شماله مهدد بأكثر من فتنة، مهدد بثوابته وبصيغة عيشه، مهدد باستقراره وبأمنه وباقتصاده، لأن ما يجري في الشمال والبقاع وفي صيدا وبالخصوص في المخيمات ينذر بعواقب وخيمة ولا يجوز التعاطي معه بخفة واستهتار، بل بحزم وشدة وعدم تهاون. لذلك ندعو كل القيادات الحزبية والسياسية، الفلسطينية واللبنانية، إلى أخذ كل التدابير والاحتياطات التي تحفظ أمن واستقرار المخيمات، وعدم الوقوع في المحظور لأن هذا ما تريده إسرائيل وتسعى إلى إحداثه، فإلى التعقل أيها اللبنانيون وإلى الرشد والحكمة أيها الفلسطينيون".

ورأى "إن واشنطن وتل أبيب تعيشان خيبة حقيقية تجاه ما يحصل في سوريا، بعدما فشلتا فشلا ذريعا في إسقاط نظام الممانعة، لذا قررتا تغيير اللعبة وذلك من خلال الإيعاز لشبكات التآمر والارتزاق للقيام بتفجيرات أمنية في العراق وفي سوريا والخوف كل الخوف من أن تصل إلى لبنان، وهذا ما تدلل عليه زيارة موفد الاستخبارات المالية الأميركية الذي راح يعطي الأوامر والإملاءات من أجل تضييق الخناق المالي على دمشق وطهران".

ونبه قبلان "الجميع وخصوصا عربان الخليج الذين يراهنون على استمرار الفتنة في سوريا وعلى تصاعد وتيرة العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية و لكل هؤلاء الذين يدعون العروبة زورا نقول أين أصبحت فلسطين؟ وهل ما زالت تعنيكم أم أنكم تنازلتم عنها والآن تساومون على سوريا وشعبها؟ ولكن كونوا على ثقة بأنكم ستفشلون في مساومتكم على سوريا وممانعتها كما فشلتم في مساومتكم على لبنان ومقاومته".

وختم قبلان بالقول "إن الكرة ما زالت في ملعبكم أيها القادة العرب، فالعبوها بروية وتعقل قبل وقوع الكارثة، وساعدوا سوريا على الدخول في الحلول السلمية لحل الأزمة حيث برهن السوريون أنهم هم أهل الحل وهم أصحاب القرار".

السابق
موسى: لتجاوزالخلافات الحكومية خصوصا حول الملفات الحيوية المهمة
التالي
علي فضل الله: لتأمين حاجات المواطن وتحقيق استقراره ومنع الساعين للعبث بالواقع الأمني والغذائي من تحقيق أهدافهم