الأسير: سعد حتى سكي ما بيعرف

…وتحرر الشيخ أحمد الأسير من الشيخ سعد الحريري. لم يعد الثاني زعيماً للطائفة السنية في نظر الأول. فالزعيم لا يترك طائفته ويهرب. قالها الأسير بالفم الملآن أمس، عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال. وفي اليوم السابق، كان الأسير واضحاً في الدرس الذي يلقيه بعد صلاة المغرب. قال لمن يصلّون بإمامته إن تيار المستقبل يعتدي علينا عندما يصفنا بالمتطرفين. وهذا الوصف، يرى فيه الأسير نوعاً من إهدار الدم. ثم خاطب الحريري الغائب: هل الاعتدال هو في التنازل على فنجان شاي في قصر المهاجرين مع بشار الأسد؟ ساعة تشاؤون تتنازلون وساعة تشاؤون تريدون يوم غضب لإشعال الشارع؟». ثم أضاف: الزعيم لا يترك ناسه ويهرب إلى جبال الألب للتزلج. وحتى «سكي ما بتعرف تعمل». وأكد إمام مسجد بلال بن رباح في عبرا (صيدا) أنه لا يتخذ مواقفه بناءً على أسس مذهبية، بل على منطلقات واضحة. «وسواء لدي إن اخطأ حزب المقاومة أو سعد الحريري او السعودية. ومن يظن أن لديه «حنفية» عندي فليقفلها، فنحن «ما عنا إيد بتوجعنا ليمسكونا بها»».

يُدرِك الأسير أن ثمة من الحاضرين من خرج مباشرة لينقل ما جرى إلى النائبة بهية الحريري، وابنها الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري. لكنه «يقول كلمته التي يقتنع بها من دون ان يلتفت إلى ردود الفعل. فهذا نوع جديد من العمل العام لم يعتد عليه الآخرون بعد»، يقول أحد المقربين منه.
يوم امس، كرر الأسير بعضاً من هذا الكلام في مقابلته التلفزيونية. وزادَ مطالباً الرئيس سعد الحريري بحزم: «إذا لم تكن قادراً على تحمل أعباء طائفتك، فأعلِن ذلك». ثم كشف أن الرئيس فؤاد السنيورة طلب موعداً لمقابلته، سائلاً: إذا كنا متطرفين، فلماذا يصلي خلفي مسؤولون في تيار المستقبل، ولماذا زارتني النائبة بهية الحريري قبل الانتخابات؟».

في المقابل، كان التوتر يسود الجهات القيادية في تيار المستقبل. فهؤلاء لم يستفيقوا بعد من أثر «هزال» مهرجان إحياء الذكرى السابعة لـ14 آذار، الذي لم يحضره أكثر من 1400 شخص رغم توجيه الدعوات لأكثر من 3000. «حتى أكثر أعضاء المكتب السياسي في المستقبل غابوا عن المهرجان، يقولها ناشط في التيار الأزرق بحسرة. والتوتر من كلام الأسير في اليومين الماضيين يشبه ما سبق بيان يوم 3 آذار، الذي رأى فيه تيار المستقبل أن دعوة الأسير إلى الاعتصام في ساحة الشهداء «لا تفيد اهل حمص». وبعدما سعى أحد نواب المستقبل إلى الرد على الأسير «على الهواء مباشرة» (لم يسعفه الحظ بسبب ضيق الوقت)، لاذ المستقبليون بالصمت، وكأن قراراً صدر بذلك عن قيادتهم. لكن بعضهم يتحدّث شرط عدم ذكر الأسماء. يقللون من حجم الأسير في الساحة السياسية. «حجمه في النهاية ينتهي عند زواريب صيدا». ثم يبدأون بالتحليل: «لم يفتح الرجل أي أفق سياسي، ودعوته محصورة في السعي إلى افتعال أزمة بين السنة والشيعة». وبعد ذلك، ينتقلون إلى انتقاد «وسائل الإعلام التي تستضيفه في توقيت حساس كهذا».

في مقابلته التلفزيونية امس، أكد الأسير انه ليس سلفياً «رغم ان السلفية ليست تهمة»، مشدداً على أن «الاجهزة الامنية خط أحمر ممنوع المساس بها مهما حصل». وإذا اعتدى الاسلاميون على الاجهزة الامنية، «تجب محاسبتهم، واذا حصل اعتداء على اسلاميين فيجب تحريك الملف القضائي»، لافتاً الى ان «ظاهرة فتح الإسلام أضرّت كثيراً بصورة الإسلام، ونحن اكثر الناس المتضررين من هذا الموضوع».

وأقسم الأسير أنه «يسعى جاهداً إلى أن يعيش مع كل الطوائف بمحبة وسلام»، «وأنه لن يحمل السلاح حتى لو تسلحت كل الطوائف في لبنان». هاجم حزب الله، ربطاً بموقفه من النظام السوري، ومن زاوية «وجود مشروع هيمنة على البلد ذي طابع مذهبي تابع لولاية الفقيه، وهذا ما يجعل الشارع يشعر بالإهانة». وأعلن أنه «لا يرى أن حزب الله انتصر على العدو الاسرائيلي في حرب تموز 2006 بل ما قام به الحزب هو الصمود»، لافتاً الى أن «يدنا ممدودة لحزب المقاومة»، مؤكداً في الوقت عينه أن الحزب «قاوم إسرائيل بصدق». ورأى الأسير أن «الساحة السنّية تشعر بغبن وبإهانة لكرامتها»، مشيراً الى أنه لم يعد يستطيع ان يتحمل «هذه الاهانة لكرامتنا» وأراد «رفع الصوت سلمياً».

وأضاف أن موقف المفتي محمد رشيد قباني «مخزٍ»، و«استقباله السفير السوري خلال وقوع المجازر في سوريا عَار»، لكنه في الوقت عينه رفض «الفتوى» التي أصدرها النائب محمد كبارة بتحريم الصلاة خلف المفتي.
ورأى أن خطاب البطريرك بشارة الراعي حول سوريا فيه تغيير، معتبراً ان «الضمير المسيحي لا يمكن ان يكون مع الظالم، وخوف البطريرك على المسيحيين السوريين في المستقبل هو ظن»، متمنياً عليه «مراجعة الأمر بكل حكمة». لكن الشيخ الصيداوي رفض قول رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع إن «كلام البطريرك غير مشرّف»، إذ قال الأسير: «لا أقول إنه غير مشرّف. للبطريرك هواجسه التي أتفهمها» معلناً في الوقت عينه رفضه لموقف الراعي من النظام السوري.
وأكد أنه «يرفض اي تمويل من الداخل والخارج»، مشدداً على انه «ضد أي مشاركة ميدانية في سوريا لأن تركيبة لبنان حساسة جداً»، فضلاً عن رفضه نقل السلاح إلى سوريا.
عند الجماعة الإسلامية
وكان الأسير قد زار أمس الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان إبراهيم المصري في مركز الجماعة في بيروت، برفقة الشيخ يوسف حنينة، وبحضور المسؤول التنظيمي للجماعة في الجنوب حسن أبو زيد والشيخ مصطفى الحريري. وجرى خلال اللقاء وفق بيان لـ«الجماعة» التأكيد على تكامل الجهود في خدمة الساحة الإسلامية، بما يعزز وحدتها وتكاملها في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة.

السابق
أنان طوق النجاة الأخير للأسد
التالي
مفاجآت في موضوع مملّ