شربل نحاس قدم استقالته لعون ووافق عليها.. فلا إرادة تعلو إرادة التكتل !!

استقالة نحاس التي قبلت في "تكتل التغيير والاصلاح" لم تترجم على الارض ولم تبلغ دوائر رئاسة الحكومة الجهة المعنية مباشرة ورسمياً بها. وهو امر اعتبره رئيس الجمهورية ميشال سليمان لـ"ام.تي.في"، وكما نُقل عنه لـ"الجمهورية"، "خطوة جيدة ودستورية إن صحّت اي اذا لم تكن في اطار المناورة السياسية"، مشيراً الى ان "وضعها في تصرّف العماد ميشال عون لا يعطيها الطابع الرسمي لانها لم تسلم الى المرجع الصالح".
حتى ساعة متقدمة من ليل أمس لم تكن رئاسة الحكومة قد تسلمت كتاب الاستقالة، وقالت مصادرها لـ"النهار": "مصرون على توقيع مرسوم بدل النقل، وقبل توقيعه لا بحث في أي اقتراح قانون لبدل النقل وهذا موقف مبدئي يتعلق بانتظام العمل داخل مجلس الوزراء. والأمر ليس نكايات". ورفضت التعليق لـ"المستقبل" على الإستقالة "لأنها لا تزال في الإطار الإعلامي"، غير أنها أوضحت "أنه إذا لم يُوقّع مرسوم بدل النقل، فلن يكون هناك إقرار لإقتراح القانون المتعلق به، لأن ذلك مرتبط بتوقيع المرسوم".

"رأت المستقبل" ان وزير العمل شربل نحاس تجرّع كأس الإستقالة مرغماً، ولم يكمل المشوار حتى الجلسة التشريعية اليوم، بعد أن تحدى الجميع قبل أسبوع بأنه "لن يوقع مرسوم بدل النقل، ولن يستقيل"، فإذ به يجد أن لا خيار أمامه سوى الإستقالة لحفظ ما تبقى من ماء الوجه، بعد أن بدا واضحاً أن النائب ميشال عون ضحى بوزيره المشاكس على مذبح تسوية قضت بأن يُطيع أوامر "حزب الله" مقابل ثمن سياسي ستكون الأيام المقبلة كفيلة بتبيانه. ولفتت "الجمهورية" إلى أن نحاس يسير للمرة الثالثة عكس التيار ويتمرّد على الاتفاق السياسي الذي أحيك بدقة ووافق عليه عون .
لم تستبعد مصادر وزارية لـ"اللواء" أن يكون عون يستخدم ملف استقالة نحاس للقيام بمناورة في مسألة التعيينات، مشيرة إلى أن لدى عون إسماً بديلاً جاهزاً لنحاس، وهو أحد المحامين المقربين منه.

علمت "الجمهورية" أن عون وميقاتي عقدا خلوة على هامش العشاء في منزل الوزير نقولا صحناوي، انضم إليها الوزير علي حسن خليل. ولفتت إلى أن عون لم يقدم جواباً محدداً حول ما إذا كان سيودع استقالة نحاس رئاسة مجلس الوزراء قبل الجلسة التشريعية، خصوصاً أن أحداً لم يطلب منه هذا الأمر، وبالتالي في حال تم إيداع الإستقالة، يوقع فتوش مرسوم بدل النقل، وفي حال لم يودعها، سيصار إلى تأجيل البحث في اقتراح القانون المدرج في آخر جدول أعمال مجلس النواب. وأفادت المعلومات أن ثمة تفهّماً لعون في حال احتاج إلى وقت إضافي لترتيب وضعه داخل التكتل استيعاباً لهذه الخطوة، لأن تنازله عن نحاس يُعتبر خطوة كبيرة، بعدما كان ربط في مرحلة سابقة مصير الحكومة بنحاس.

في الوقائع، اشارت "النهار" الى ان معظم الاطراف الحكومة اتفقوا أول من أمس على المضي في توقيع المرسوم عشية انعقاد جلسة مجلس النواب. ولكن حتى ظهر امس لم يكن نحاس قد وقع، فاتصل رئيس الحكومة براعي الاتفاق رئيس المجلس الذي اتصل بدوره بالعماد عون، معلنا أنه مضطر في اجتماع "كتلة التنمية والتحرير" في الاولى بعد الظهر الى اتخاذ موقف معلن من نقض الاتفاق. وعندما حصلت اتصالات بالوزير نحاس، أبلغ الاخير سائليه انه يوقع استقالته قبل توقيعه المرسوم. وهذا ما حصل بعد إصرار العماد عون على المضي بالاتفاق، وأرسل كتابا في هذا الشأن الى الرابية حيث عقد اجتماع لتكتل التغيير والاصلاح اعلن بعده عون "أن لا أحد فوق ارادة التكتل" وأن استقالة نحاس "لا تأتي في سياق التهديدات التي أطلقت في الفترة الاخيرة والتصريحات الهمايونية، بل بسبب رفض الوزير التزام ما قرره التكتل مجتمعا". وبعدما شكر عون نحاس "على خدمته معنا، وعلى تعاونه" أضاف أن "ظروفه لم تعد تسمح له بالتعاون معنا الآن".
  كشفت مصادر نحاس لـ"الجمهورية" ان نحاس طلب صباح امس موعدا من عون، فكان الجواب: ليصطحب معه المرسوم موقّعاً ومُرفقا بطلب الطعن به على ورقتين منفصلتين وبِشَكل يَليق بمخاطبة المراجع الدستورية والرسمية، وإلّا لا لزوم للموعد، متسائلا عن صحة المعلومات المُسَرّبة في وسائل الإعلام عن استمراره برفض التوقيع مهما كان الثمن، وعمّا إذا كانت تكهنات ام انها قد صدرت عنه شخصيّاً بشكل جازم ونهائي من دون العودة الى "التكتل" على الأقل. وعندها، فهم نحاس استحالة ترتيب الموعد، فأرسل الى عون استقالته عن طريق أحد مسؤولي "التيار الوطني الحر" الذي يشغل موقعاً استشاريا في الوزارة، واضعاً إيّاها بتصرّف عون شخصيا، وليفعل بها ما يشاء.

ذكرت "السفير" ان نحاس سلم آلان عون كتاب إستقالته قائلاً: "أتمنى عليك ان توصل هذه الأمانة الى الجنرال وان تبلغه انني لا أستطيع للحظة أن أخونه وأخون قناعاتي التي كانت مشتركة بيني وبينه طيلة الوقت.. أتمنى عليكم أن تعفوني من تجرع الكأس المرّة.. أنا أعرف متطلبات الواقعية السياسة، وانطلاقاً منها ومن شروط اللعبة الديموقراطية أنا أريد إعفائي من موقعي الوزاري لأنني لا أستطيع تحمل كلفة ما يطلب مني".
علمت "الجمهورية" ان اجتماع "التكتل" أمس كان صاخبا، بعدما تسربت الانباء عن الازمة الشخصية التي ضربت العلاقة بين عون ونحاس، الامر الذي أحرج عون بقوّة مع بري. وكشفت اوساط في "التكتل" ان التداول جرى ليل أمس الاول بين عون ونحاس عن طريق وسيط، أفضى الى تقديم الأخير استقالته ووضعها في تصرّف عون.

وبذلك تكون حكومة "كلنا للعمل" قد خسرت اول وزير لم يوافق على ارادة التكتل التي لا يعلو عليها شي طبقا لقول الجنرال ميشال عون !!

السابق
النهار: استقالة نحاس تنقذ التركيبة الوزارية مرحلياً
التالي
الراي: بلمار ودّع اللبنانيين برسالة وآخر اتهاماته تطول مدنياً سياسياً