الغرب وإيران ضد الثورة: السوريون وحدهم

إلى تصعيد حزب الله سوريا برزت الانتهازية الغربية والاميركية بشكل خاص
علي الأمين
البلد- الاثنين 20 شباط 2012
منذ ان اتخذ حزب الله خياره في دعم النظام السوري ازاء ما يواجهه من احتجاجات شعبية واسعة، تجاهل كل المخاوف والمحاذير من تراجع عدد المتعاطفين معه او المؤيدين له على امتداد الشعوب العربية والمسلمة، وبات مع مرور الوقت غير مبال بما تحدثه مواقفه ومواقف القيادة الايرانية المزدرية للثورة السورية من مخاطر، خصوصا على صعيد استثمار هذه المواقف في استعار الفتنة المذهبية، ليس في لبنان فحسب، بل على امتداد دول المنطقة التي فيها وجود شيعي.
ويأتي ازدراء الثورة السورية والمعارضة السورية، من قبل حزب الله، في سياق الاعلاء من شأن ولاء حزب الله لايران، عبر التأكيد العلني من قبل امينه العام ان ماله وسلاحه هو ايراني المصدر والتمويل، عازيا الهدف الايراني من وراء ذلك انه دعم لجهات مقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي. وهو قول يبقى ناقصا اذا لم يرفد بحقيقة ان المقاومة يجب ان تكون موالية للسياسة الايرانية. فمنذ بدأ تأسيس حزب الله وتمويله، كان ثمة تيارات واحزاب وطنية وقومية وماركسية واسلامية مقاومة للاحتلال في لبنان، لكنها لم تحظى بالدعم الايراني، لأنها كانت تفتقد لعنصر الولاء السياسي، وليس لأنها تنقصها إرادة المقاومة.
بكل الأحوال بدا حرص امين عام حزب الله على ابراز حصرية الدعم الايراني لحزبه، وتكراره في خطابيه الاخيرين، تنبيه لمن يعتقد ان دور الحزب وحمايته مرتبطان بمستقبل النظام السوري، وبالتالي يمكن المراهنة على انضوائه في الفضاء اللبناني بشروط الدولة وحدودها إذا سقط نظام آل الأسد. باعتبار أن نفوذ الحزب ودوره واستراتجيته تنطلق من ارتباط عقيدي وسياسي واسترتيجي بمركز ولاية الفقيه وبالتالي الاستراتيجية الايرانية في المنطقة. وهو ارتباط يتجاوز علاقة ايران بكل فصائل المقاومة الاخرى سواء في فلسطين او اي مكان آخر، فحركة حماس على سبيل المثال يمكن لها ان تعلي من شأن مصالحها الوطنية او السياسية على خيار الالتزام بمقتضيات السياسة الايرانية ومصالحها. وهذا ما قامت به اخيرا على مستوى المصالحة مع حركة فتح (المفارقة ان التقارب الفلسطيني والمصالحة تتزامن مع تراجع نفوذ سورية وايران فلسطينيا ومع الربيع العربي).
لكن حزب الله شيء آخر، اي بخلاف سواه من منظمات المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي. فهو قد يكون الحزب اللبناني والعربي الوحيد الذي تأسس بقرار ايراني ونشأ بجهود الحرس الثوري الايراني، وبتمويل ايراني حصري كما قال السيد نصرالله. وهو الحزب الوحيد على هذا الصعيد الذي يقوم على مبدأ "ولاية الفقيه".
وفي هذا السياق يحضرني ما قاله لي وزير الثقافة الايراني السابق عطاء الله مهاجراني، للتدليل على دلالات ولاية الفقيه وتجلياتها في اوساط المؤمنين بها… يقول مهاجراني:
أحد المنضوين في منظومة حزب الله والحرس الثوري سئل: اذا طلب منك السيد حسن نصرالله ان تقتل نفسك فهل تفعل؟، قال افعلها وانا مطمئن انني سأنال رضا الله وجنته. ثم سئل مجددا: اذا كان هذا ما تفعله اذا طلب منك نصرالله فماذا تركت لولي الفقيه السيد الخامنئي؟، فقال: اذا طلب مني أن آتيه برأس حبيبي السيد نصرالله فسآتيه به.
أيا كانت قسوة هذه الرواية، فإنها تكشف حقيقة الارتباط العقيدي والسياسي الذي يحكم منظومة ولاية الفقيه، وبالتالي نظام الاولويات والمصالح الذي يجعل من الالتزام بالدولة الايرانية وولي الفقيه: الحاكم لها.
من هنا نفهم ازدراء نصر الله لما قاله رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن شروط الحوار الداخلي وضماناته لعدم الانجرار الى فتنة سنية – شيعية، او لعدم حصول غلبة طائفية. ازدراء سببه رؤية نصر الله، من منظاره الإيراني الإستراتيجي، ان ليس الحريري وحلفاءه من يفرضون شروطا او يعطون ضمانات. فالحسابات السياسية المحلية ليست الا تفصيلا في المشهد الإيراني، وبالتالي فاللاعبون الكبار هم من يقررون، والمعركة اليوم في مكان آخر.
هكذا فإذا كان حزب الله ومن خلفه ايران قد حسما امرهما في رفض صداقة المعارضة السورية، فإنهما يدخلان الى المشهد من بوابة موازين القوى التي يفترضان انها ستفرض وجودهما في المعادلة السورية المستقبلية.
يساعد على هذا المسار، إلى جانب التصعيد من قبل حزب الله، الانتهازية الغربية والاميركية بشكل خاص، خصوصا في التعبيرات الاخيرة التي صدرت عن الادارة الاميركية التي تحدثت عن وجود تنظيم القاعدة في سورية. وهذا موقف اذا كان يعبر عن سياسة اميركية هدفها إرضاخ كل الاطراف وجعلهم تحت ضغط معين فهو، الى موقف امين عام حلف الناتو الاخير النافي لأي تدخل عسكري محتمل للحلف في الأزمة السورية، يعكس وجهة اميركية، وغربية ، للتنصّل من أيّ التزام تجاه انقاذ الشعب السوري من المجزرة التي ترتكب بحقه يوميا.

السابق
بيان من مواطنين من جنوب لبنان دعماً للثورة السورية وتضامناً مع أهل حمص
التالي
اللواء: بازار إنهاء تعليق الجلسات لم يصل إلى نهاياته السعيدة بانتظار عشاء ميقاتي – عون