رسالة عربية واضحة لدمشق

  القرار الذي اتخذته اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا في اجتماعها أمس برئاسة معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بفرض العقوبات على قائمة من كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين الذين سيتم منعهم من الدخول إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم يمثل رسالة واضحة وجلية للنظام السوري بأن العرب لن يسمحوا له بالتلاعب بقراراتهم وأنه مطالب باستيعاب الدرس والموافقة بشكل فوري على استقبال بعثة تقصي الحقائق العربية وإلا واجه مواقف عربية أشد خاصة أن الأمور لن تقف عند حد هذه القائمة وإنما كلف اللجنة بدراسة وضع قائمة أخرى بأسماء رجال الأعمال السوريين المشتبه بتورطهم في تمويل الممارسات القمعية ضد الشعب السوري.

إن العرب بهذا القرار الإيجابي قد حولوا الكرة لملعب النظام السوري المطالب بأن يفهم أن القضية لا تقبل المساومة ولا التسويف وأن موقف العرب لا يهدف إلى النيل من النظام كما يدعي زورا وبهتانا وإنما حماية شعب أعزل يواجه التنكيل والقتل اليومي بدم بارد من نظام مغرور لا يعترف بأخطائه ولايعترف بالآخرين وحتى أنه لم يترك للعرب ولا للمجتمع الدولي خيارات أخرى إلا التعامل معه بمواقف متشددة بسبب استهانته بالشرعية العربية والدولية ورفضه كل الحلول الوفاقية والوساطات لحل الأزمة سلميا.

إن المطلوب من النظام السوري بعدما أصدرت اللجنة العربية هذه القرارات والتي بموجبها صادقت على العقوبات المفروضة من الوزاري العربي أن يدرك أن المخرج الوحيد من أزمته التي أدخل نفسه فيها عمداً والمنطقة برمتها وبجهل شديد يكمن أولاً وأخيراً في الاستجابة للقرارات العربية فورا وبدون شروط مسبقة لأن في ذلك إعادة للثقة المفقودة بينه وبين الشعب السوري وبينه وبين العرب والمجتمع الدولي من جهة أخرى.

فليس من المقبول أن يناور النظام بعدما حول العرب أقوالهم وقراراتهم إلى أفعال صارمة على الأرض شكلت رسالة واضحة يجب على النظام أن يفهمها قبل فوات الأوان خاصة وأنه يدرك أن هذه الرسالة العربية مدعومة إسلامياً ودولياً بعد قرار مجلس حقوق الإنسان بإدانة النظام وتحويل الملف السوري للأمين العام للأمم المتحدة في مؤشر واضح للتدويل إذا لم يتراجع النظام عن مواقفه،رغم أن العرب أكدوا في أكثر من مناسبة رفضهم تدويل الأزمة السورية ولذلك فإن النظام مسؤول مسؤولية مباشرة عن التدويل لرفضه الحل العربي كما أنه مسؤول مسؤولية مباشرة عما يحدث بسوريا من جرائم غير إنسانية قد تقود لحرب أهلية.

إن العرب مطالبون بتفعيل المزيد من القرارات والعقوبات الرادعة ضد النظام السوري الذي وضح للجميع أنه يسير على عكس التيار وأن القرارات العربية التي صادقت عليها اللجنة يجب أن تكون البداية الحقيقية لخارطة طريق طويلة ترغم النظام لقبول استقبال بعثة تقصي الحقائق العربية وترغمه لوقف مسلسل القتل والتنكيل اليومي بحق شعبه، فليس هناك مبرر للتهاون مع هذا النظام القمعي الذي لا يعترف بأخطائه في حق شعبه ولا يسمع لصوت العقل والنداءات العربية والدولية.

السابق
مِنْ حَمَد إلى سورية مع تحيات “نوبل”
التالي
إيران: المأساة والملهاة