الاخبار: ميقاتي: موّلوا المحكمة… أو سأسـتقيل

رفع الرئيس نجيب ميقاتي سقف النقاش بشأن المحكمة الدوليّة وتمويلها إلى حده الأقصى، أمس، مع تصريحه بأنه ينوي الاستقالة إذا لم يُقرّ التمويل. لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام بعض التسويات في الأيّام المتبقيّة، وهي تسويات تستند إلى جهد مفترض من رئيس مجلس النواب نبيه بري

حسم الرئيس نجيب ميقاتي الجدل بشأن موقفه إذا رُفض تمويل المحكمة الدوليّة. سيستقيل. لكنه ترك الباب نصف مفتوح لمفاوضات تُقرّ التمويل. طالب بثلاثة وزراء إلى جانبه، قاصداً وزيري الطاشناق ووزير الدولة نقولا فتوش، يُضاف إليهم غياب أحد وزراء الثامن من آذار عن جلسة الأربعاء المقبل. إشارات ميقاتي هذه، جزء من نقاش سياسي يدور حول إمكانيّة الخروج بتسوية، وخصوصاً أن الطاشناق يرغب في تمويل المحكمة. لكن، وبحسب مصادر مطلعة، ليس بإمكان الحزب الأرمني القيام بهذا الأمر من دون التوافق مع حزب الله والتيّار الوطني الحرّ، وهذا التوافق غير متوافر حتى اللحظة. أمّا ما تم تداوله في الأيام الماضية عن نيّة الوزير مروان خير الدين التصويت إلى جانب التمويل، فقد نفاه خير الدين، مؤكداً لـ«الأخبار» أنه سيصوّت ضد التمويل لأن الأمر غير دستوري، وأضاف إن المطلوب هو وضع المحكمة على طاولة مجلس الوزراء وتشريحها وتشريح أداء فريق التحقيق فيها قبل نقاش التمويل.

ميقاتي نفسه، عاد وأكد لـ«الأخبار» أنه لم يربط استقالته بإمكان فرض عقوبات على لبنان، بل بنتيجة التصويت على تمويل المحكمة، وذلك لقطع الشك باليقين، إذ فهم من كلامه أنه ينوي الاستقالة لمنع فرض عقوبات على لبنان.
وكان ميقاتي قد صرح لبرنامج «كلام الناس» على قناة «أل بي سي» أن استقالته ستحمي لبنان إذا قرر مجلس الوزراء عدم تمويل المحكمة، وإذا بقيت الظروف السياسية على ما هي عليه «لا أعتقد أن من الحكمة أن أعود وأقبل رئاسة الحكومة إذا استقلت، ضميري مرتاح ونومي عميق، لكن بالي على البلد. تحملت كثيراً خلال الأشهر الـ 8 الماضية وأحاول أن أحافظ على لبنان قدر المستطاع، ورغم أني مصر على أنه إذا لم يحصل تمويل فسيكون لي موقف، لكنني أعتقد أنه سيكون هناك وعي لدى القوى السياسية».
وأضاف ميقاتي: «لا أريد أن أعرّض المقاومة ولبنان لمخاطر، والمهم أن نؤكد أن لبنان ملتزم بالقرارات الدوليّة. اهتمامي هو لبنان، ولا يمكن أن أكون رئيس وزراء وأعرّض لبنان لأي مخاطر، ونصيحتي لكل الوزراء والكتل أخذ هذا الأمر في الاعتبار حول التمويل بشكل جدي». وقال ميقاتي بوضوح: «لا أتخيّل نفسي رئيس حكومة يخلّ لبنان في عهدها بالتزاماته الدولية أو يخرج من المجتمع الدولي، ببساطة، بالاستقالة أحمي لبنان في حال عدم التمويل».
ولفت إلى أنه عندما تحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عن التمويل «قلت إنه أبقى الباب مفتوحاً. لا أنتظر أن يقول حزب الله إنه مع التمويل، ولكن أنتظر أن يكون لدى الوزراء حس وطني لحماية البلد، وإذا لم يسيروا معي لا يكونون كذلك. حزب الله لن يتغير موقفه، ونحن اليوم 12 وزيراً، ويمكن التكلم مع 3 أو 4 وزراء آخرين، المهم لبنان ليس الشخص. ليقل أحد إني أتلقى أوامر من الخارج، لا أعمل إلا من وحي ضميري. لا أتلقى رسائل من أحد، إذا موّل لبنان المحكمة يكون قد وفى بالتزاماته، ونكون فتحنا كل الأبواب للتعاون مع الدول الغربية التي قد تنقطع إذا لم نموّل المحكمة، وإذا موّلت المحكمة أكون قد التزمت بحماية المقاومة. فإذا كان لبنان قوياً تكون المقاومة قوية، والعكس صحيح، وإذا تخلفنا عن تمويل المحكمة نكون نخدم إسرائيل».
ولفت ميقاتي إلى أنه لم يأتِ «لأتشفّى من أحد»، متسائلاً: « ألم يكن الرئيس سعد الحريري يريد أن يتخلى عن المحكمة؟ أنا لن أفعل ذلك. أنا حميت المعارضة اليوم، لا لبنان فقط، وضميري مرتاح. أين الفتنة السنية ـــــ الشيعية اليوم؟ هل أنا موظف عند هذا أو ذاك؟ فليقل لي أحد أين حصل انتقاص من رئاسة الحكومة». وسأل: «هل يعقل أن يتغاضى رئيس حكومة عن أي عملية لإظهار العدالة والحقيقة باغتيال رئيس وزراء سابق؟ طبعاً لا، وأمس في مجلس الوزراء قلت إن الأمر مطروح، وعلى جميع الوزراء تحمل مسؤولياتهم».
وأشار ميقاتي إلى أن رئيس قلم المحكمة فاتحه في لقائهما قبل أشهر في موضوع التمويل، «وسألته: متى طلبتم التمويل، فأعطاني رسالة وجّهتها المحكمة في الأول من كانون الأول 2010 إلى الرئيس سعد الحريري طلبوا منه التمويل خلال 30 يوماً. سألته لماذا لم يحصل التمويل في حينه؟ فقال إنه كان هناك تفاوض (حول تسوية السين سين)، وإن المبلغ قد استحق. سألته عن سقف المهلة الزمنية التي يمكن تحملها، فقال إنها بداية كانون الأول 2011. التزمت، شخصياً، بأن يحترم لبنان القرارات الدولية، على أن يمر التمويل بالطرق الدستورية، وأبلغت الفرقاء المعنيين بذلك، وبينهم الرئيس بري. اليوم وصلنا الى التاريخ، ورأيت أن من الأفضل عرض الموضوع على مجلس الوزراء وليتحمل الجميع مسؤولياته. أفعل ذلك التزاماً بالعدالة».

التيار الوطني: الاستقالة ليست آخر الدنيا

بدورها، أكدت مصادر في التيار الوطني الحر أن تكتل التغيير والإصلاح «لا يرى في ملف تمويل المحكمة آخر الدنيا». وسألت: «إذا قمنا بتسوية اليوم، فماذا سنفعل في المستقبل القريب، سواء عند طرح تمديد بروتوكول المحكمة في آذار، أو إذا طُرِح على لبنان تنفيذ عقوبات عربية أو دولية على سوريا؟». وأضافت المصادر: «نحن منذ مدة طويلة، وصلنا إلى نتيجة مفادها بأن وجود الحكومة هو غير ذي فائدة، وكنا قد وضعنا سلسلة أهداف لتحقيقها قبل منتصف الشهر المقبل، وإذا لم تتحقق الأهداف، فسنستقيل». وكشفت أن اجتماعاً داخلياً في التيار عقد قبل يومين للنظر في ما تحقق من هذه الأهداف، «فتبين لنا أن أياً منها لم يُنجَز، وأبرزها: التعيينات والشؤون الإدارية، الموازنة والمالية العامة، المشاريع الإنشائية (الكهرباء والاتصالات والمياه)، والشأن الاجتماعي (الأجور والضمان الصحي)».
وتتحدث مصادر عن إمكان قيام وزراء تكتل التغيير والإصلاح بخطوة استباقية تتمثّل في استقالتهم من الحكومة، قبل بدء البحث في بند التمويل على طاولة مجلس الوزراء.
ويعول أكثر من طرف سياسي على مساعٍ يقودها الرئيس بري لإرجاء البحث في بند تمويل المحكمة، على أن يتم إخراج هذه التسوية من قصر بعبدا، من خلال رفض رئيس الجمهورية إدراج البند على جدول أعمال مجلس الوزراء، علماً بأن مجلس الوزراء سيعقد اليوم جلسة لاستكمال بحث قانون الانتخابات، ومن المفترض أن يطرح كلام ميقاتي نفسه على هذه الجلسة، إن رسمياً أو في لقاءاتها الهامشيّة على طاولة القهوة.  

السابق
حاسوب بلا شاشة!
التالي
عاشوراء النبطية.. انطلقت بمواكبة مجلس الامن الفرعي