البناء: تنسيق بين 14آذار ومجلس اسطنبول للتحريض على الجيش و إقحام لبنان في الوضع السوري

ينتظر أن تتحرك الساحة السياسية بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى باتجاه معالجة الملفات ذات الأولوية على الصعد المعيشية والحياتية والسياسية، بدءاً من ملف تصحيح الأجور، مروراً بقانون الانتخابات الذي سيعاد بحثه في جلسة مجلس الوزراء يوم غد، وانتهاء بمشروع موازنة العام 2012 بعد أن أخذ استراحة في سبيل وضع الوزراء ملاحظاتهم على بنود الموازنة.
لكن الجمود الداخلي الذي طغى في العطلة خرقته القنابل الدخانية لأطراف "14 آذار" حيث عمد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى "فبركة" نظرية مضى عليها الزمن سواء في ما يتعلق بالوضع في سورية والكشف عن وجهه الحقيقي في إعلان وقوفه إلى جانب الأطراف التي تتآمر على سورية، أم على مستوى الهجوم على رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوله إنه لن ينتخبه لرئاسة مجلس النواب إذا فاز وحلفاؤه في انتخابات 2013، في وقت لجأ حلفاؤه إلى التهجم على القوى الأمنية بدءاً من الجيش اللبناني، وهو ما لجأ إليه حليفه سمير جعجع من خلال إطلاق المزاعم ضد القوى الأمنية باتهامها أنها تلجأ إلى "خطف مواطنين سوريين، بينما عمد بعض نواب "المستقبل" خاصة نواب عكار إلى محاولة خلق مشكلة جديدة في وجه الحكومة عبر الحديث عما يسمى "إقامة مخيمات للاجئين السوريين".

تناغم بين "14 آذار" وواشنطن و"مجلس اسطنبول"
وكانت الساعات الماضية سجلت مزيداً من التصعيد الذي جاء متناغماً بين فريق الرئيس السابق سعد الحريري في الداخل وما تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها من ضغوط وحملات على سورية بواسطة أدوات داخلية.
واللافت أن الحريري المتواري عن الأنظار رفع من سقف هجومه على الوطن مستخدماً "التويتر" في حربه الجديدة على اللبنانيين وحالماً بإمارته بعد أن خسر الحكم.
وفي هذا الإطار، صعّد فريق الحريري من حملته على الجيش الذي يحافظ على الوطن واستقراره، تارة باتهامه بالتدخل إلى جانب النظام السوري، وطوراً بتضييق الخناق على أنصار "المستقبل" في عكار.
أما الواقع فهو أن هذا الفريق لا يزال يحاول إقحام لبنان بالوضع السوري متورطاً بتجنيد السوريين المعارضين وتهريب السلاح عبر الحدود إلى سورية، في الوقت الذي تمكنت وحدات الجيش والقوى الأمنية في سورية من اقتحام أوكار العصابات التي روّعت الآمنين في حمص، وقبضت على عدد كبير منهم بينهم عناصر خارجية وأحد الضباط الذي قيل إنه من بلد عربي، إضافة إلى آخرين بعضهم لا يتحدث اللغة العربية.
وقد سادت أجواء الهدوء النسبي أمس في مدينة حمص بعد استعادة الأمن فيها ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة ومنصات الصواريخ التي استخدمتها المجموعات التخريبية في أحياء المدينة.
وتحريض حلفاء أميركا
كل ذلك، جاء متناغماً مع محاولات ما يسمّى بالمعارضة السورية بالتحريض على النظام السوري عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر يوم السبت المقبل في القاهرة لتقويم ما تم من نتائج حتى الآن في إطار المبادرة العربية التي قبلتها سورية وبدأت بتطبيقها، بينما سارع "مجلس اسطنبول" إلى رفضها ومحاولة تفشيلها، بالتعاون والتنسيق مع الإدارة الأميركية التي حرّضت علناً على استمرار القتل في سورية مشجعة المسلحين على عدم تسليم سلاحهم إلى السلطات السورية.
أما وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه فقد واصل ممارسة مواقفه العدائية ضد سورية ونعى مبادرة الجامعة قبل اجتماع الوزراء العرب. كل ذلك، يأتي في سياق السيناريو المرسوم ووفق توزيع الأدوار التي قامت بها واشنطن لاستهداف قوى المقاومة والممانعة وفي الطليعة سورية.

رسالة المعلم
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم وجّه رسائل إلى وزراء خارجية روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية وجمهورية الهند وجنوب افريقيا والبرازيل وإلى رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن يعلمهم فيها بأنه بعد أن اتخذت الجمهورية العربية السورية خطوة هامة جداً لوقف العنف بأن دعت حملة السلاح إلى تسليم سلاحهم وأن يصار إلى إخلاء سبيلهم فوراً فوجئت سورية بتاريخ 4 ـ 11 ـ 2011 بدعوة الناطقة بلسان وزارة خارجية الولايات المتحدة الأميركية لهؤلاء المسلحين إلى عدم تسليم أسلحتهم إلى السلطات السورية.
وأضاف الوزير المعلم في رسائله أن سورية ترى في دعوة الخارجية الأميركية للمسلحين إلى عدم تسليم أسلحتهم تورطاً مباشراً للولايات المتحدة بأحداث الفتنة والعنف في سورية التي كلفت الشعب السوري جيشاً وشرطة ومواطنين الكثيرمن الضحايا الأبرياء.
وأوضح أن سورية ترى في دعوة الولايات المتحدة هذه تشجيعاً للمجموعات المسلحة على الاستمرار في عملياتها الإجرامية ضد الشعب والدولة ونفياً واضحاً لسلمية التحركات في سورية ورغبة وعملاً ومحاولة لتعطيل عمل جامعة الدول العربية ومبادرتها التي تعمل على وضع حد للأزمة في سورية واستعادة الأمن والاستقرار للمواطنين.

دعوة غير "مفهومة"
كذلك لوحظ أن رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر حمد بن جاسم آل ثاني وجه دعوة الى عقد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب حول سورية يوم السبت المقبل على أن يسبقه اجتماع للجنة الوزارية العربية يوم الجمعة.
… وموقف اعتباطي للعربيّ
وبرز في هذا السياق التصريح غير المبرر والذي لا يستند إلى الواقع الصادر عن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذي اعتبر أن سورية لم تنفذ الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب.  … ورد سوري
وقد رد مندوب سورية في القاهرة السفير يوسف أحمد على تصريح العربي مؤكداً أنه بعيد عن الحقيقة ولا يتناسب مع دوره كأمين عام للجامعة العربية ولا مع الدور المنوط بالجامعة العربية.
وفي قراءة سياسية يمكن القول إن الضغوط السياسية ضد سورية تذهب في اتجاه تصاعدي منذ توقيع دمشق على الخطة العربية. وتتوقع مصادر عربية رسمية أن تطرح أطراف عربية من بينها قطر مسألة سحب عضوية سورية من جامعة الدول العربية تجاوباً مع ضغوط أميركية وأوروبية.
يعزّز هذه التوقّعات ما صرّح به وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بأنه "لا مكان للحوار مع النظام السوري"، رغم توقيع سورية على الخطة العربية. ولهذه الأسباب عينها، تعمّد وزير الخارجية السوري وليد المعلم توجيه رسالة عبر الجامعة العربية يتهم فيها واشنطن بعد أن دعت المسلحين الإرهابيين إلى عدم تسليم أسلحتهم للسلطات، بالتدخل السافر في الأحداث الأمنية في سورية. كذلك تنطوي رسالة المعلم على غمز واضح من قناة الدول العربية المنساقة مع السياسة الأميركية العدائية تجاه سورية، والتي لم توجّه أيّ انتقاد لواشنطن على مواقفها الأخيرة.

توقيف عشرات المسلحين
وضبط كميات كبيرة من السلاح
في هذا الوقت، حققت القوى الأمنية السورية خطوات مهمة في مدينة حمص من خلال نجاحها في توقيف عشرات العناصر من المجموعات الإرهابية المسلحة بعد أن لجأ أيضاً أكثر من 150 عنصراً إلى تسليم أنفسهم للسلطات الرسمية.
وقد استطاع الجيش السوري تحقيق إنجاز عسكري وأمني نوعي في حمص بعدما دخل منطقة بابا عمرو من المدينة والتي كانت نقطة انطلاق مركزية للمسلحين، لتنفيذ هجمات تستهدف المدنيين والعسكريين.
وفي معلومات لـ"البناء" أن الأجهزة الأمنية السورية فككت خلال مداهمتها لبعض أحياء حمص عدداً من منصات الصواريخ كانت أعدتها المجموعات الإرهابية لاستهداف بعض المواقع الاستراتيجية ومنها مصافي النفط.
ويمكن القول إنه بعد الحسم في بابا عمرو لم تعد المجموعات المسلحة تستطيع التحرك إلا في مواقع معزولة في محيط حمص كمنطقتي الحولة والقصير اللتين لا ترابط بينها.
وبعد أشهر من التصعيد الأمني ضد القوات النظامية، السورية، لم يستطع المسلحون السيطرة على أية منطقة أو مدينة سورية سيطرة مستمرة، وبالتالي فهم لم يتمكنوا من الذهاب أبعد من خلق ظروف أمنية متوترة تنتهي كل مرة بمجرد بسط القوات النظامية سيطرتها على الأحياء والقرى المتوترة بعد مواجهات محدودة.
ونقلت وكالة "سانا" السورية عن أهالي حي بابا عمرو ان المجموعات الإرهابية المسلحة حاصرتهم في بيوتهم، ومنعتهم من الخروج، وزرعت الحي بالألغام، مشيرين إلى أن بعض القنوات الفضائية كانت تبث صوراً كاذبة حول قصف حيهم.
بدورها، تحدثت قناة "الدنيا" السورية عن إلقاء القبض على عشرات المسلحين وقتل آخرين، فضلاً عن اكتشاف كميات كبيرة من منصات الصواريخ ومستشفى ميداني حديث، إضافة إلى إلقاء القبض على ضابط عربي متخصص في زرع العبوات.

تحريض قنوات الفتنة
في مقابل ذلك، واصلت قنوات الفتنة والتحريض خاصة "الجزيرة" و"العربية" و"المستقبل" بث الأكاذيب و"فبركة" الأخبار عن الوضع الأمني في سورية خاصة في حمص حيث زعمت العربية عما يسمى "لجان التنسيق المحلي السورية" أن ثمانية قتلوا فقط أمس بينما زعمت "الجزيرة" أن خمسة عشر شخصاً قتلوا أمس، 4 في حمص وادلب وحماه، وأنه جرت محاصرة تظاهرة في درعا.
لكن قناة "المستقبل" ادعت نقلاً عما وصفته "المرصد السوري" أن ثمانية أشخاص قتلوا من عناصر الأمن في ادلب و3 مواطنين في حمص. كما زعمت "المستقبل" أن تظاهرات حصلت أمس في دمشق وحمص ودرعا.
روسيا تدعو "المعارضة" الى التخلي عن السلاح
أما في المواقف الدولية من الوضع في سورية، فقد دعت روسيا المعارضة في سورية إلى التخلي عن المسلحين الذين يستخدمون أسلحة مهربة من أجل استفزاز السلطات للقيام بأعمال جوابية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس: إنه تندرج في هذا السياق تصريحات بعض الدول الغربية التي تثير قلقاً بالغاً وتتضمن تقييمات أحادية الجانب للأحداث الجارية، وتتضمن حتى دعوات للمعارضة الى عدم إلقاء السلاح وعدم الموافقة على العفو الذي أعلنته السلطات السورية وذلك في إشارة إلى تصريحات الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية التي دعت المسلحين إلى عدم تسليم أسلحتهم.
كما أعربت الخارجية الروسية عن قلقها أيضاً إزاء ما تعلنه المعارضة السورية الخارجية عن رفضها القاطع للدخول في حوار تقترحه جامعة الدول العربية مع دمشق، مشددة على أن هذا لا يسهم بأي حال من الأحوال في تطبيع الموقف في سورية ويتعارض تماماً مع المبادرة السلمية للدول العربية.

زاسبيكين
قال السفير الروسي في بيروت الكسندر زاسبيكين إن سورية قبلت المبادرة وأنجزت أخيراً بعض الخطوات، مستغرباً الحديث عن عدم تجاوب سورية معها، إذ إن نجاحها لا يتوقف فقط على روسيا والنظام السوري بل يتخطاه إلى مدى تجاوب المعارضة السورية معها.
لندن تستبعد التدخل العسكري
من جهته، استبعد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ خيار التدخل العسكري في سورية، مفضلاً عليه تعزيز الضغوط الدولية على القيادة السورية.
ومن ستراسبورغ حيث تولى رئاسة لجنة وزراء مجلس أوروبا، قال هيغ: "لا أعتقد أن الرد على ما أسماها أعمال القمع سيكون بتدخل عسكري من الخارج"، معتبراً أن الوضع في سورية "أكثر تعقيداً" مما كان عليه في ليبيا قبل تدخل الحلف الأطلسي.
ضغوط أميركية
بدورها، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن دانييل جليزر مساعد وزير الخزانة الذي يحقق في تمويل الإرهاب سيسافر إلى الأردن ولبنان ليبحث مع المسؤولين في البلدين أثر العقوبات الاقتصادية ضد سورية.
وقالت الوزارة في بيان إن جليزر سيطلع المسؤولين في بيروت وعمان على محاولات محتملة من سورية لتجنب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال القطاعين الماليين اللبناني والأردني.
ميقاتي وكاميرون
وعلى الصعيد اللبناني فقد أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي محادثات مع نظيره البريطاني دايفيد كاميرون تناولت الوضع في لبنان والمنطقة.
وفي سياق تصريحاته في لندن قال ميقاتي إن هناك خصوصية في العلاقات اللبنانية ـ السورية. وهناك معاهدات واتفاقيات موقعة بين لبنان وسورية ومن يطالبنا بموقف آخر يتناسى أن مجتمعنا منقسم ومتعدد.
وطمأن إلى أن الأوضاع في لبنان مستقرة بالمقارنة مع ما يجري حولنا.
وجاء كلام ميقاتي في أعقاب ما بثه سعد الحريري من تصريحات ومواقف من خلال "التويتر" المفتوح تصب في إطار رفع وتيرة التصعيد والتوتير في البلاد.
واللافت هجوم الحريري على الرئيس نبيه بري وإعلانه أنه لن يصوّت له لرئاسة المجلس إذا ما فازت "14 آذار" في الانتخابات النيابية المقبلة، مع العلم أن هذا الاستحقاق يبعد عن الوقت الراهن حوالى السنة ونصف السنة الأمر الذي يؤكد رغبة رئيس الحكومة السابق في إثارة المواقف النارية بغية خدمة مخطط التصعيد الذي يستهدف البلاد.
وقد اكتفى الرئيس بري برد مقتضب نصحه فيه بأن يبقى في هواية الغوص وألا يمارسها في السياسة.
تحريض جعجع وحلفائه
في هذا الوقت، عاود أطراف "14 آذار" هجومهم على القوى الأمنية، فبعد تصريحات نواب تيار "المستقبل" في الشمال خاصة في عكار التي تهاجم الجيش اللبناني وما زعموه عن "حصول مضايقات تجاه اللاجئين السوريين"، رأى رئيس "القوات" سمير جعجع أمس أن هناك تواطؤاً من جانب "بعض الأجهزة الأمنية ومرجعيات قضائية كبيرة كالنيابة العامة التمييزية حيال عمليات اختطاف لمعارضين سوريين في لبنان".
وكان البارز أيضاً في هذا السياق تهديد عضو كتلة "المستقبل" خالد الضاهر بإقامة مخيم لما سماهم "اللاجئين السوريين" إذا لم تبادر الحكومة إلى ذلك، وأيده في ذلك رئيس كتلة "المستقبل" سعد الحريري.
الوضع المعيشي
وعلى الصعيد المعيشي، تتصدر مسألة تصحيح الأجور واجهة عمل الحكومة لهذا الأسبوع في ظل أجواء تنبئ بإمكان التوصل إلى حل نظراً الى تقارب وجهات النظر بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام من موضوع الشطور بحيث تطالها الزيادة بحسب رئيس الاتحاد غسان غصن، مع التأكيد على ضرورة إعطاء الحوافز للقطاعات الإنتاجية وفق برنامج زمني محدد.
وتفيد المعلومات أن وزير العمل شربل نحاس سيطرح في أول اجتماع للجنة المؤشر مشروعه الجديد آخذاً في الاعتبار وجهات نظر طرفي الإنتاج الخطية التي تسلمها منتصف الاسبوع المنصرم. ويتوقع أن تلتئم اللجنة في اليومين المقبلين.
بلمار: لا محاكمات قريبة!
في هذا الوقت، برز تطور جديد على مستوى كبير من الأهمية يتعلق بمسار التحقيقات في المحكمة الدولية حيث أعلن المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار أنه "من السابق لأوانه إجراء محاكمة غيابية للمتهمين باغتيال الحريري".  

السابق
بلمار: من المبكر البدء بمحاكمة غيابية
التالي
الحياة: كاميرون: للبنان دور كبير في الربيع العربي