السفير: الأسـد يحـذر مـن زلـزال يحـرق المنطقـة إذا تدخـل الغـرب

أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في ختام اجتماع للجنة الوزارية العربية حول الملف السوري في الدوحة أمس، أن اللجنة طرحت ورقة لوقف العنف في سوريا، فيما طلبت دمشق مهلة حتى اليوم للرد. وحذر من «اللف والدوران»، داعياً إلى خطوات ملموسة بسرعة في سوريا لتجنب «عاصفة كبيرة» في المنطقة، وذلك رداً على تحذير الرئيس السوري بشار الأسد من زلزال في المنطقة إذا حصل تدخل عسكري أجنبي ضد بلاده، موضحاً «أن سوريا تختلف في الأوجه كافة عن مصر وتونس واليمن، وتاريخها مختلف وكذلك وضعها السياسي، وأية مشكلة تواجهها ستحرق المنطقة. وإذا كانت خطة الغرب ترمي إلى تقسيمها، فإن ذلك سيقود إلى تقسيم المنطقة بأسرها».
وقال الشيخ حمد، الذي يرئس اللجنة في ختام الاجتماع الذي حضره وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إن الاجتماع «كان جدياً وصريحاً، وتوصلنا إلى ورقة تتعامل مع كل القضايا التي تخص الوضع السوري. وطلب الوفد السوري أن يرد على هذه الورقة غداً (اليوم)». وأوضح أن الورقة «جدية لوقف كل أعمال العنف والقتل في سوريا، وننتظر رد الوفد السوري الذي طلب رفع الورقة للقيادة السورية». وقال «نتمنى أن نتلقى جواباً من الأشقاء السوريين بخصوص الورقة المقدمة، والأهم من ذلك أن يكون هناك اتفاق يعمل به»، مشيراً إلى انه «سيتم الكشف
عن مضمون الورقة بعد الحصول على رد الحكومة السورية بنعم أو لا غداً (اليوم)».

وقال «إن مجلس الجامعة العربية في اجتماعه يوم (غد) الأربعاء سيكون سيد قراره في هذه الموضوع»، مضيفاً أن «اجتماع مجلس الجامعة قائم سواء تم الاتفاق على الورقة أو لم يتم»، مشدداً «الأهم من الجواب هو العمل السريع والفوري والعمل بالاتفاق وتنفيذه».
وأوضح الشيخ حمد أن الوفد السوري، الذي خرج من الاجتماع للتشاور ثم التحق به مجدداً، «سيبقى الليلة في الدوحة وإذا تم الاتفاق على الورقة نقدمها إلى الجامعة الأربعاء»، مشدداً مرة أخرى «أهم شيء التنفيذ». وكانت اللجنة أعطت في اجتماعها في القاهرة في 16 الحالي الحكومة السورية والمعارضة مهلة 15 يوماً انتهت أمس للموافقة على اقتراحها عقد اجتماع للحكومة والمعارضة في مقر الجامعة العربية. وقالت مصادر إن الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ألغى زيارة الى بيروت اليوم، لمتابعة الشأن السوري.
وحول تدويل الأزمة السورية، شدد الشيخ حمد بن جاسم على ان «قرار الجامعة العربية يتحدث عن الحل العربي ودرء التدخل الأجنبي، وهذا هو الموقف العربي في الوقت الحاضر».  
وحول تصريحات الأسد بأن المنطقة قد تشتعل في حال التدخل الأجنبي في سوريا، قال «إن المنطقة الآن كلها معرضة إلى عاصفة كبيرة، ومن المهم أن يعرف القادة العرب كيفية التعامل معها، ليس بالاحتيال أو باللف أو الدوران وإنما بالإصلاح الجاد الذي يخدم الشعوب». وأضاف «ليس كل ما هو موجود في العالم العربي سيئاً، وليست كل الدول العربية بنفس السوء، ولكن المطلوب القيام بخطوات إصلاحية تجنبنا ما حصل في بعض الدول العربية (في إشارة إلى ليبيا)، لأن التغيير كان صعباً والتدمير والخسائر والتضحيات كانت كبيرة». وأكد «ضرورة أن يكون هناك تفاهم بين الحاكم والشعب حول ماهية الإصلاحات وبرمجتها بشكل عملي وفق وقت محدد».
وأضاف إن «هناك دولاً عربية كثيرة أحرزت تقدماً في مجال الإصلاحات وتعمل بشكل جاد»، داعياً إلى «استمرارها على هذا النهج ومعالجة كافة الأخطاء التي قد تنتج خلال مسيرة الإصلاحات وتلبية طموحات شعوبها». وتابع أن «سوريا بلد مهم في المنطقة، وعلينا أن نجد طريقاً لإعادة الاستقرار فيها وتلبية مطالب الشعب، وهو الأهم الآن». وأكد «أهمية ان يكون الحل للأزمة السورية في الإطار العربي، ولكن بسرعة، مضيفاً «نتمنى ألا يكون هناك اي تدخل اجنبي».
ومن الدوحة أيضاً، نقلت وكالة «مهر» عن وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي قوله، خلال لقائه ولي عهد قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إن «قضية سوريا شأن داخلي، وتحل فقط في إطار النظام الداخلي في هذا البلد».
وكانت اللجنة الوزارية وجهت مساء الجمعة «رسالة عاجلة» إلى الحكومة السورية أعربت فيها عن «امتعاضها لاستمرار عمليات القتل»، وطالبت بفعل «ما يلزم لحماية المدنيين».

وسرعان ما جاء الرد من الخارجية السورية التي وجهت انتقاداً مباشراً إلى اللجنة، والى رئيسها الشيخ حمد. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان، كان من المفترض برئيس اللجنة الوزارية الاتصال مع وزير الخارجية والمغتربين للوقوف على الحقيقة قبل الإعلان عن موقف للجنة تروج له قنوات التحريض». وأهاب «باللجنة العربية الوزارية أن تستفيد من الأجواء الإيجابية التي سادت لقاءها مع الرئيس بشار الأسد وأن تساعد على التهدئة والتوصل إلى حل يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا بدلاً من إذكاء نار الفتنة». وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قال، في مقابلة مع صحيفة «الشروق» المصرية نشرت أمس الأول، إن زيارة اللجنة الوزارية لدمشق لم تشهد أي تقدم من الجانب السوري بشأن ما تطلبه الجامعة من وقف القتال وإطلاق سراح المعتقلين والبدء في عملية إصلاح سياسي حقيقي بحثاً عن حل الأزمة. ورفض تحديد ما إذا كانت الجامعة في حال رفض الأسد تلبية المطالب العربية سترفع يدها عما يحدث في دمشق.
وأضاف العربي، حول مطالب المعارضة السورية بفرض حظر طيران، «إن الوضع في سوريا يختلف عنه في ليبيا»، مشيراً إلى أنه استمع الى عدد كبير من نشطاء المعارضة و«المجلس الوطني» و«لدي علم بمطالبهم ووضعتها أمام وزراء اللجنة العربية الوزارية». وقال «لا أستطيع استشراف المستقبل تجاه ما يحدث في سوريا، وأشك في أن تكون هناك زيارات جديدة لدمشق».
الأسد
وحذر الأسد، في مقابلة مع صحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية نشرت أمس، الغرب مما وصفه بالـ«زلزال» إذا ما تدخل عسكرياً في بلاده على غرار التجربة الليبية. وقال «إن تورط الغرب يهدد بتحويل سوريا إلى أفغانستان أخرى، وهو بصدد تكثيف الضغوط عليها، لكن سوريا هي الآن المحور في هذه المنطقة وخط الصدع فيها، ومن يتلاعب بها سيتسبب بوقوع زلزال». وأضاف «إن سوريا تختلف في الأوجه كافة عن مصر وتونس واليمن، وتاريخها مختلف وكذلك وضعها السياسي، وأية مشكلة تواجهها ستحرق المنطقة. وإذا كانت خطة الغرب ترمي إلى تقسيمها، فإن ذلك سيقود إلى تقسيم المنطقة بأسرها». (تفاصيل صفحة 13).

وقال الأسد، في مقابلة مع القناة الأولى في التلفزيون الروسي بثت أمس، رداً على سؤال حول احتمال قيام الغرب بشن عدوان وأن العمليات العسكرية الغربية ضد سوريا مخطط لها مسبقاً والمساعدة التي تعول عليها دمشق من روسيا في هذه الحالة، «هذه الادّعاءات نسمعها من وقت لآخر وخاصة في الأزمات التي تحصل بين سوريا وبين عدد من الدول الغربية خلال العقود الماضية والتي تهدف إلى الضغط على سوريا لتغيير مواقفها السياسية».
وأضاف إن «الحسابات بالنسبة للآخرين تجاه هذا السيناريو هي ليست حسابات سهلة، فسوريا بلد له موقع خاص جداً من الناحية الجغرافية والجيوسياسية والتاريخية، فسوريا هي موقع الالتقاء لكل مكونات أو معظم مكونات الشرق الأوسط الثقافية والدينية والطائفية والعرقية وغيرها، وهي كخط التقاء صفيحتي الزلزال، وأي محاولة لهز استقرار صفائح الزلزال ستؤدي إلى زلزال كبير يضر كل المنطقة ولمسافات بعيدة تصيب دولاً بعيدة، وإذا اهتز الشرق الأوسط فكل العالم سيهتز، وأي تفكير من هذا النوع من السيناريوهات سيكون ثمنه أكبر بكثير مما يستطيع العالم أن يتحمله، لهذا السبب حتى الآن تبدو الأمور تذهب باتجاه محاولات ضغط إعلامي سياسي اقتصادي».

وأضاف «كانت هناك معرفة روسية لمخاطر محاولات التدخل في سوريا، سواء سياسياً أو أمنياً أو عسكرياً أو بأية طريقة أخرى، لذلك قامت روسيا بلعب دور مهم على الساحة الدولية وكان آخرها الفيتو في مجلس الأمن، فإذاً نحن نعول على الموقف الروسي وعلى استمرار دعم روسيا، ليس دفاعاً عن سوريا فقط وإنما دفاعاً عن الاستقرار في العالم».
وحول من تمثل المعارضة، قال الأسد «أعتقد أن القرار يكون أكثر دقة عندما يكون هناك انتخابات ووجود أحزاب جديدة ووجود انتخابات إدارة محلية، ومجلس الشعب بعدها بفترة قليلة هو الذي سيحدد من الذي يمثل الشعب من هذه المعارضة، وبالنسبة لنا نحن نتعامل مع الجميع، مع كل القوى الموجودة على الساحة، كل القوى الموجودة سابقاً والتي وجدت خلال الأزمة لأننا نعتقد أن التواصل مع هذه القوى الآن مهم جداً من دون أن نحدد من له قاعدة شعبية أو ليس له قاعدة شعبية، لذلك إن الجواب الأكثر دقة سيكون بعد الانتخابات التي نعتقد بأنها ستكون في شباط المقبل».
وعن قيام جزء من المعارضة في اسطنبول بتشكيل مجلس وإبداء عدم استعدادهم لإجراء مفاوضات مع السلطات، قال الأسد «لا أعرف عنه الكثير، ولكن استطيع أن أقول إن السؤال أو الجواب الدقيق يأتي على هذا المجلس من قبل الشعب السوري، عندما يقبل الشعب السوري بمجلس أو ببنية سياسية معينة فلا بد لنا كدولة أن نتحاور معها. أما بالنسبة أن نقبل أو نرفض الحوار كمبدأ أو نذهب باتجاه العنف أو القوة فأعتقد أن المبدأ الصحيح هو اعتماد الحوار لأنه هو الذي يؤدي إلى الوصول إلى الحلول التي تؤدي للاستقرار في أي بلد، لذلك نحن لا نعلق كثيراً على هذا المجلس ما دام الشعب السوري لم يهتم فنحن لن نهتم، فعندما يكون هناك اهتمام من الشعب السوري سيكون هناك اهتمام من الحكومة السورية بهذا المجلس أو بغيره».
وحول وجود من يساعد «أعداء» سوريا والحجم الكبير من الأسلحة الموجودة لديهم ومصدرها، قال الأسد «في الأشهر الأولى، وتحديداً في الشهر الأول لم يكن من السهل معرفة حقيقة ما يجري ومن أين تأتي الأموال أو الأسلحة أو هل كان هناك فعلا أموال وأسلحة، واليوم وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على بدء الأزمة في سوريا تكونت لدينا معلومات واضحة ليست مكتملة، ولكن من خلال التحقيقات مع الإرهابيين والتي تمت مؤخرا أصبح واضحاً بشكل لا يقبل الشك تهريب السلاح عبر الحدود السورية من دول الجوار ودفع أموال أيضاً، تأتي من قبل أشخاص في الخارج، والآن لدينا معلومات عن أشخاص يقودون هذه الأعمال خارج سوريا في أكثر من دولة واحدة، ولا توجد لدينا معلومات دقيقة حول علاقة هؤلاء الأشخاص بدول ولكن واضح تماماً من نوعية الأسلحة ومن حجمها ومن كمية الأموال أن هذا التمويل ليس تمويل أشخاص وإنما هناك دول تقف خلف هذا التمويل. لكي نقول مَن هذه الدول لا بد أن يكون لدينا معطيات أكثر وضوحاً حول هذا الموضوع وعندها لن نتردد في كشف الحقائق».
وحول مصدر الأسلحة والذخائر، وخاصة القنابل الإسرائيلية، أعلن الأسد «نعم لدينا أسلحة من دول مختلفة بما فيها بعض الأسلحة صناعة إسرائيلية، ولكن لا نستطيع أن نحدد مصدر هذا السلاح». وأضاف «من أين تأتي الأسلحة، من دول الجوار، وبالرغم من أن هذه الأسلحة تأتي من هذه الدول فلا نستطيع أن نتهمها بأنها متورطة في التهريب فمن الصعب ضبط الحدود مع الدول المحيطة كما هي الحال في معظم دول العالم».
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن «اللجنة الوطنية لإعداد مشروع دستور لسوريا ستعقد اجتماعها الأول الاثنين (اليوم) في مقر اللجنة بمبنى وزارة المغتربين سابقاً في مشروع دمر».

الصين
وأعلن الموفد الصيني إلى الشرق الأوسط وو سيكة، في مقر الجامعة العربية في القاهرة، انه حذر السلطات السورية خلال الزيارة التي قام بها الخميس الماضي إلى دمشق من أن قمع التظاهرات «لا يمكن أن يستمر».
وأوضح وو سيكة، أنه التقى بنائب الرئيس السوري فاروق الشرع والمعلم وأعضاء من المعارضة في دمشق، وشدد على ان الصين تلتزم الحياد في الازمة. وقال «أكدت لمسؤولين رفيعي المستوى في سوريا خطورة الوضع وانه لا يمكن ان يستمر»، مضيفاً «نعتقد انه يمكن تحقيق مطالب الشعب السوري من خلال مشاركته ودفع عملية الإصلاح»، داعياً إلى «وقف كافة أعمال العنف حقناً للدماء وإجراء إصلاحات من خلال الحوار وغيره من الطرق السلمية»، مضيفاً «يجب احترام خيار الشعب».
وأعرب «عن الأمل بأن تسرع الحكومة السورية في تنفيذ التعهدات في الإصلاح وإطلاق عملية سياسية شاملة ذات مشاركة واسعة من الأطراف المعنية بأسرع وقت ممكن، وذلك بالاستجابة لتطلعات الشعب السوري ومطالبه المحقة». واعتبر «ان الأولوية الاولى حالياً هي ان على الاطراف المعنية في سوريا تغليب مصالح الوطن والشعب ووقف كافة أعمال العنف واتخاذ إجراءات ملموسة لوقف الاشتباكات الدموية وسقوط ضحايا».
وأشار إلى انه التقى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في الرياض. وأضاف أنه «لاحظ أن المعارضة السورية ترغب من جانبها في حل القضية في إطار البيت العربي وترفض أي تدخلات خارجية».
من جهته دعا الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون أول أمس، إلى «إنهاء العمليات العسكرية ضد المدنيين على الفور» في سوريا. وقال المتحدث باسمه ان بان كي مون طلب «الافراج عن كل السجناء السياسيين والموقوفين لمشاركتهم في تظاهرات» الاحتجاج، مضيفاً «ان العنف غير مقبول ويجب وقفه فوراً»، داعياً السلطات السورية الى اجراء «اصلاحات طموحة» لتلبية مطالب الشعب.

ميدانيات
وتظاهر الآلاف من محافظة السويداء في ساحة الشهداء وسط المدينة تعبيراً عن «دعمهم لبرنامج الإصلاح الشامل بقيادة الأسد وتمسكهم باستقلالية القرار الوطني السوري ورفضهم التدخلات الخارجية بشؤون سوريا وإصرارهم على التصدي للمؤامرة التي تستهدف الدور المقاوم لسوريا وموقعها الريادي في المنطقة».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن «ثلاثة أشخاص قتلوا، وأصيب 10، برصاص قوات الأمن والجيش في حمص وريفها».
ودعا المعارضون، على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على «فيسبوك»، إلى التظاهر أمس للمطالبة بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية. وكتبوا على الصفحة «أوقفوا دعمكم للقتلة وجمّدوا عضويتهم في الجامعة العربية».
وكان المرصد أشار أول أمس الى «تصاعد حدة المواجهات بين قوات الامن السورية والجيش من جهة ومنشقين عن الجيش من جهة اخرى، ما ادى الى مقتل 20 عنصراً نظامياً، وإصابة 53، في مدينة حمص و10 في كمين في منطقة ادلب، اضافة الى منشق، بعد ان كان 17 من عناصر الامن والجيش قتلوا في حمص الجمعة في مواجهات مماثلة». وقال نشطاء إن «القوات السورية قتلت عشرة مدنيين في قتال عنيف في حمص السبت». 

السابق
العالم يدير ظهره للبنان
التالي
بلدية طورا كرمت الكتيبة الايطالية‏